الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الأزمة الأمريكية الإيرانية «3»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تتابع الباحثة الأمريكية فيليس بنيس، زميلة معهد الدراسات فى واشنطن ومؤلفة كتاب «محاولة لفهم الأزمة الأمريكية الإيرانية» والذى نقلته إلى العربية عواطف شلبى، والصادر عن المركز القومى للترجمة 2018. بقولها: «كانت إسرائيل وما زالت لاعبًا رئيسيًا فى الحملة الأمريكية على إيران، أولا فى التصعيد العسكرى المتزايد، وأيضا فى رفع إمكانية قيامها بضربة عسكرية واتخاذ الخطوات التى تراها لازمة فى هذا الشأن، وبينما أيدت إسرائيل وجماعات الضغط الإسرائيلية فى الولايات المتحدة بشدة الحملة الأمريكية على العراق، قال موظفو الأمن الإسرائيلى والرأى العام منذ وقت طويل، إن إيران هى التى تشكل الخطر القائم على إسرائيل وليست العراق».
إنها إيران وليست العراق التى كانت ولا تزال هدفا أوليا للتعبئة الإسرائيلية الأيديولوجية والعسكرية، وفى 8 سبتمبر 2004 قال رئيس الوزراء الإسرائيلى آرييل شارون، إن الجماعة الدولية لم تفعل ما يكفى لمنع إيران من تطوير سلاح نووي، وأن إسرائيل سوف تتخذ الإجراءات للدفاع عن نفسها، وأخيرا أعلنت إسرائيل رفضها لما أشار إليه تقرير الوكالات الاستخباراتية الأمريكية من أن إيران ليس لديها برنامج للأسلحة قبل مرور 24 ساعة على صدوره، وذكرت الحكومة الإسرائيلية أن إيران ستبقى تهديدا لهم، وأن التعبئة ستبقى بلا تغيير، وفى عام 2005 نشرت صحيفة «صنداى تايمز» اللندنية، نقلا عن مصادر عسكرية «إن آرييل شارون رئيس وزراء إسرائيل أمر القوات المسلحة الإسرائيلية بأن تستعد قبل نهاية مارس لضربات محتملة ضد مواقع سرية لتخصيب اليورانيوم فى إيران، وأن ذلك الأمر جاء بعد أن حذرت المخابرات الإسرائيلية من أن إيران كانت تقوم بعمليات تخصيب يعتقد أنها صغيرة ومخبأة فى مواقع مدنية».
وخلال عامى 2006، 2007 تصاعدت لهجة الإثارة والاستفزاز والعقوبات ضد إيران بواسطة الولايات المتحدة، ومن جانبها دفعت إسرائيل الولايات للمزيد، وأضافت تهديدات من جانبها أيضا، ومع نهاية يناير 2007 هدد رئيس الوزراء «أولمرت» تهديدا علنيا ومباشرا أن إسرائيل قد توجه ضربة عسكرية ضد إيران، وأن تهديدات إسرائيل ما كان يجب ولا يجب إهمالها، ففى عام 1981 قامت إسرائيل بعمل عسكرى منفرد ضد العراق، حيث قامت بتدمير المفاعل النووى العراقى الذى بنته فرنسا، ولم يكن قد تم بناؤه بعد، وقد أدين هذا العمل بإجماع عالمى حتى أن الرئيس الأمريكى اعتبره عملا غير قانوني.
ويبدو أن إسرائيل اعتقدت أنها تستطيع أن تكرر نفس العمل هذه المرة ضد إيران، ففى عام 2004 قال عضو الكنيست عن الليكود إيهود ياتوم: «إن التسهيلات النووية الإيرانية يجب تحطيمها تماما كما فعلنا فى المفاعل النووى العراقى»، وفى نفس العام اعترفت إسرائيل أنها اشترت 500 قنبلة من طراز «BLU-S109، دفعت قيمتها التى بلغت 319 مليون دولار أمريكى من برنامج المساعدات الأمريكية، وتلك القنابل مصممة بطريقة تجعلها تستطيع أن تخترق حتى 7 أقدام من الخرسانة الصلبة المتماسكة، ويمكنها أن تدمر التجهيزات النووية الإيرانية وخاصة المبنية تحت الأرض.
أكد المحللون الأمريكيون «سيكون صعبا على إسرائيل أن توجه ضربة عسكرية جوية إلى إيران من دون معلومات أمريكية ما دامت الطائرات ستطير بالأجواء العراقية حتى إذا لم تشارك الولايات المتحدة فعليا داخل أجواء إيران، فإن مثل هذه الضربة ستبدو فى أعين العالم عملا أمريكيا إسرائيليا مشتركا ولا وجه لإنكار ذلك».
اتفقت جماعات الضغط الإسرائيلية القوية الموجودة فى الولايات المتحدة مع التوجه الإسرائيلى حيال إيران، ومع نهاية عام 2007 أصدر معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، المعهد الأكثر تأثيرًا والقريب من الصلة بإسرائيل، تقريرا يدعو إلى حوار موسع بين إسرائيل والولايات المتحدة للنظر فى كيفية مواجهة ما سموه خطط إيران النووية، والبحث فى سبل مهاجمة استعدادات إيران النووية. صدر هذا التقرير بعد أسابيع من صدور تقرير وكالات الاستخبارات الأمريكية، التى أجمعت على أن إيران ليس لديها برنامج للأسلحة النووية.
إن ادعاءات الولايات المتحدة بشان خطر التصعيد النووى فى الشرق الأوسط فشلت فى تأخذ فى الاعتبار الطبيعة المستفزة لترسانة إسرائيل النووية المعروفة للجميع وغير المعلنة التى تضم ما بين 100 إلى 400 قنبلة نووية ذات كثافة عالية منتجة فى مركز ديمونة فى صحراء النقب.
لقد تم اختبار سلاح إسرائيل النووى لأول مرة فى عام 1979 بمشاركة جنوب أفريقيا العنصرية، وتم الإعلان عن وجوده فى عام 1986 بواسطة موردخاى فانونو، واستطاعت إسرائيل - وبمساعدة الولايات المتحدة - إتباع سياسة «الغموض الأستراتيجى»، فهى لم تؤكد ولم تذكر رسميا وجود أسلحة نووية، وقد أضعفت هذه السياسة فعليا عندما أعلن إيهود أولمرت رئيس وزراء إسرائيل آنذاك اسم إسرائيل ضمن قائمة الدول التى تمتلك أسلحة نووية.
وما دام استمرار إسرائيل القوة النووية الوحيدة فى الشرق الأوسط فى انتهاكها للقانون الدولي، وتحديها لجيرانها، واحتلالها أراضى لبنانية وسورية وفلسطينية فليس هناك أدنى تساؤل فى أن دول المنطقة سوف تستمر فى سعيها نحو تحقيق تكافؤ نووي...
وللحديث بقية