لم أتخيل أن «البنت الساحرة»، التي تجلس بجواري، في قاعة البنك،
تنتظر النداء على رقمها، تحمل من المتاعب والمآسي في جسدها، ما يجعلها تقيم شبه
إقامة كاملة في غرف الرعاية المركزة، سَمِعْتها تحكي بصوت – ربما لم تأخذ بالها
بأنه مرتفع – أنها «مصابة بالكوليسترول» السيئ السمعة على القلب والدماغ، وقد تراكمت الدهون في الشرايين مما عرقل سريان
الدم بأريحية شديدة في جسمها؛ مما أحدث لها الكثير من المشكلات الصحية غير الجيدة.
كانت «الفتاة»، صاحبة القوام «السمين» والعيون «الزرقاء»، والشعر
الغجري المجنون باصفرار «الذهب»،
تستعد للزواج في يناير المقبل، وقد جهزت عدتها من «ملابس ومفارش وعفش وزينة للقلب قبل
البيت»، إلا أن فارس أحلامها تراجع بعدما علم بمرضها.
المرض «ساق الهبل على الشيطنة»
معها، ولم يعد بمقدور الفتاة تحمل ألم نوبة قبضة قلبها على صدرها والتي تُشبهُه
بألم تكسير العظام بمطرقة حديدية، والأدوية رفعت راية الاستسلام فلم تعد
تجدي، ولم يعد القلب يتحمل انسداد شرايينه، فأصيبت بذبحة صدرية أدخلتها المستشفى لعمل قسطرة استكشافية، والتي أكدت
حتمية تركيب الدعامة.
دون مقدمات، سمعت منها ما يشبه الصدمة:
«الأكل، والحركة، والزواج، وطلوع السلالم، وحلم الأمومة، بحساب، و«الرياضة، والشيل
والحط»، مُجّرم، ملذات المأكل بضوابط: «الفتة، ولحم الغنم والربيان، والبط،
القشطة، الخضراوات المقلية والمعلبة»، ممنوعة، و«الخبز، والأرز، والمكرونة المضاف لها دهون أو صلصة
محظورة»، و«البيض المقلي، والأومليت، والشكشوكة، واللحوم المقلية، والكبدة،
والكلاوي، والقلوب، والكوارع، والمخ، والطحال، والزيت، والسمن، والزبدة، والكريمة،
والمكسرات، والمايونيز، والصلصة، والأطعمة سابقة التجهيز، والطحينة، مُحرمة».
ما مد جسور الحوار، بيننا أن كلا منا كان مُثقل بهموم هذا المرض، فهي
تحمله، ووالدي ذاق مرارته، فأخبرتها بابتكار جديدة سيساعد البشرية على مواجهة هذا المرض الذي يأتي فجأة
دون مقدمات ولا يُظهر أي أعراض مرضية ظاهرة، بل يسبب مشكلات صحية خطيرة مثل السكتة
الدماغية.
حيث تمكن علماء بالمركز القومي للبحوث من ابتكار علاج جديد لارتفاع مستوى الكوليسترول والدهون بالدم -
مستخرج من كسبة بذور القرطم - والذي يعد أحد مسببات تصلب الشرايين والأمراض
القلبية الوعائية، وتأتي الأخيرة في صدارة أسباب الوفيات في العالم.
وتمت «تجربة» الدواء الجديد على «الفئران»، بعد رفع مستوى
الكولستيرول بها وعلاجها – بالدواء المبتكر - وكانت النتيجة أفضل وأقل في الأعراض
الجانبية، مقارنة بالأدوية المستخدمة حاليا مثل «الروزافاستاتن»، كما ساعد على خفض
مستوى الكوليسترول الكلي، خاصة الضار منخفض الكثافة والدهون الثلاثية، مع رفع
مستوى الكوليسترول النافع إلى المستويات
الطبيعية، وعدم التأثير السلبي على الكبد، وأثبت فعاليته كدواء لتقليل نسبة
الإصابة بتصلب الشرايين وأمراض القلب، مع ميزة انخفاض سعره مقارنة
بالأدوية المستخدمة حاليا.
لنرفع القبعة لأبطال المشروع البحثي بقسم الكيمياء الحيوية، برئاسة
الدكتور منى رشاد، وعضوية كل من الدكاترة محـمد أسامة نعمان، وعمرو سليمان الكاشف،
ومها حنفي محمود؛ ليبقي السؤال متى سنرى هذا الدواء في الأسواق؟.
ولننتظر إجابة من رئيس المركز القومي للبحوث الدكتور أشرف شعلان أو من وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد.