الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

قدماء موحدون.. حرخوف.. أمـَّنَ حدود مصر الجنوبية وآَمَنَ بالإله الواحد الأحد

كتاب «قدماء المصريين
كتاب «قدماء المصريين أول الموحدين» للدكتور نديم السيار
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
على مدار أيام الشهر الفضيل نصطحبكم فى رحلة عطرة، نغوص خلالها فى تاريخ الأسرات المصرية القديمة.. لنرصد كيف بدأت عبادة التوحيد، وكيف آمن الفراعنة بالإله الواحد، فالمراجع تعددت والكتب سُطرت فى إيمان الفراعنة، ولكن بين أيدينا وعلى مدار الشهر كتاب «قدماء المصريين أول الموحدين» للدكتور نديم السيار، والذى بحث ودقق ليصل إلى حقيقة ثابتة، وهى أن قدماء المصريين أول من قال «لا إله إلا الله». 
فى الحلقة السابقة تحدثنا عن عبادة التوحيد فى عصر الدولة الثامنة، وعرضنا أبرز حكم ومواعظ الحكيم آنى التى تُشبه إلى حد كبير مواعظ ونصائح الحكيم لقمان، مؤكدين أن قصة المصريين القدماء وعلاقتهم بالتدين لم تعد قصة توحيد فقط، إنما قضية تراث دينى قد نزل من عند الله وحيًا فى كُتب سماوية، وأن الحكيم آنى لم يكن إلا نموذجًا لواحد من ذلك الشعب المصرى القديم، الذى يقول عنه المؤرخ عبدالقادر باشا حمزة «إن أعظم ما تمتاز به مواعظ «آنى» هو ما فيها عن الصلاة والخوف من الله»، كما يذكر عنه الدكتور سليم حسن أن أهدافه من تلك النصائح لابنه كانت لأجل أن يذكره بتقوى الله، وصدق هيردوت عندما وصف الشعب المصرى بأنه «أنقى الأمم».
واليوم بين أيدينا واحد من أعظم حكماء الأسرة السادسة حاكم «اليفنتين» المُسمى «حر خوف»، والذى عاش فى الفترة ما بين ٢٤٢٠ إلى ٢٢٨٠ ق.م، والذى قال عنه فرانسوا دوماس «عندما تظهر الوصايا التى تتعلق بالعدالة والإحسان منذ الدولة القديمة فإنها تُنسب فى معظم الأحوال إلى الله، وقد أعلن حرخوف قوله: أرغب أن يكون اسمى قد بلغ الكمال فى حضرة الإله العظيم.
ويقول المؤرخ عزة دروزة عن التوحيد فى زمن الأسرة السادسة بوجه عام: «وجد فى نقوش الأسرة السادسة هذا الوصف «أيها السيد المالك كل شيء، والذى لا نهاية له ولا حد له»، ويتضح أن النص يحتوى على وصف الإله الأكبر الواحد الخالق المالك كل شيء». 
شارك حرخوف من خلال وظائفه بنشاط كبير فى سياسة التوسع فى بلاد النوبة التى انتهجها الفرعون «مرن رع الأول» ثالث ملوك الأسرة السادسة، ولقد اشترك ثم قام بالعديد من الحملات انطلاقا من الفنتين أو درب الواحات إلى مختلف البقاع.
عاد حرخوف من هذه الحملات محملا بشحنات كبيرة من المنتجات الأجنبية مثل البخور والأبنوس وجلود الفهد وسن الفيل، وكذلك قزم راقص، وعندما علم بيبى الثانى بوجوده فى إحدى الحملات عن طريق العودة لم يستطع أن يخفى تشوقه، فوجه إلى حرخوف مرسوما نسخه هذا الرحالة ضمن سيرته الذاتية حيث أمره بإلحاح بأن يصحب هذا القزم إلى مقر الحكم بالعديد من الاحتياطيات الواجبة حول هذه الشخصية الأثيرة قائلا له: «إذا نزل معك على السفينة فضع أشخاصا أكفاء حوله فى جانبى السفينة حتى لا يسقط فى الماء، وإذا نام الليل فعين رجالا أكفاء ليناموا حوله فى حجرته»، وهذا القصة الغريبة حول القزم وحرخوف نُقشت كاملة على أحد جدران مقابر البر الغربي بأسوان، ولا تزال حتى الآن شاهدة على عظمة وحضارة قدماء المصريين.
إلا أن التوحيد فى مصر كان أقدم من عصر حرخوف أيضًا أى أنه أقدم من عصر الأسرة السادسة، فلنرجع إلى الوراء أكثر لنبحث فى زمن أقدم وهو عصر الأسرة الخامسة ولكن فى الحلقة المقبلة