السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

تساؤلات ملحد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أستأنفُ فى هذا المقالِ حديثى عن ظاهرة الإلحاد قائلًا: إن كثيرًا من الذين اتخذوا الإلحاد مسلكًا- إنما هم مقلدون دون علم أو يقين؛ فوسط زحام الحياة المعاصرة وضغوطها قد لا يتبقى وقت للإنسان للتفكر والتدبر كى يزود نفسه بالأدلة اليقينية، وإذا ما أضفنا إلى هذا التقليد الظنى ما قد يطرحه من شبهاتٍ وتساؤلات عميقة، دون أن تقابل بردود داحضة، فيكون إذن قد فتح على نفسه بابًا كبيرًا للشك والحيرة، فالأحرى به التعمق فى تأمل آيات الكون والنفس قبل التعمق فى تلك الشبهات والتساؤلات.
وإن لم يفعل ذلك فسيكون مثل ذاك الشخص الذى كان يعيش فى عصور ما قبل الميلاد ويمتطى الناقة، ثم فجأة أتينا به إلى عصرنا ليركب الطائرة، فليس من شكٍّ أنه سيعتقد أن هذه الطائرة من قبيل السِّحر، لعدم معرفته بها؛ ومن ثم يجب أن يبتعد الشخص عن الشبهات التى تفوق مدى تعمقه فى رسالة الخالق، إن لم يكن على استعداد للتعمق المتأنى فيها، فالنقض أيسر بكثير من البناء، وما ينقض فى ثوانٍ معدودات قد يحتاج إلى شهور لإعادة بنائه.
وفى السطور التالية أحاول جاهدًا أن أجيب عن بعض التساؤلات التى تُثار من قِبَل بعض الملحدين...
■ إذا كان الله موجودًا؛ فلماذا لا نراه؟
صديقي.. وكيف تراه وأداة الرؤية قاصرة؟! الله سبحانه وتعالى لا تدركه الأبصار، ليس للعين المخلوقة القدرة على رؤية خالقها بجلاله وهيبته.. ثم دعنى أسألك سؤالًا: إذا قلت لك: هل تستطيع أن ترى ما خلف هذا الجدار؟ لقلتَ لي: وكيف لبصرى أن يخترق الجدار؟! فهل هذا معناه أنه ليس هناك شيء خلف الجدار؟.. بالطبع لا...
صديقي.. اللـه موجود ومعنا أينما كنا، ولكننا لا نستطيع رؤيته.. يدل على وجوده السماء وارتفاعها، والأرض وانبساطها، ونفسك وتكوينها، والشمس فى شروقها وغروبها...
صديقي.. اللـه أقرب إليك من حبل الوريد، ولكن لعظيم سلطانه، وجلال هيبته لا يمكن رؤيته.. المؤمن يستشعر وجود الله؛ بل يراه بقلبه.. أما الرؤية البصرية فستكون هناك فى الآخرة.. ستكون مكافأة للمؤمنين على إيمانهم بوجوده رغم أنهم لم يروه بأبصارهم.
صديقي.. رؤية الله قد طلبها قبلك نبيٌّ من الأنبياء، موسى عليه السلام، وحينما تجلَّى ربُّه للجبل خرَّ موسى صعقًا واندك الجبل.. فلم يستطع أن يراه.. اللـهُ عظيمٌ.. هو الخالق لكل موجود.. ولك أن تتخيل عِظم من خلق الموجودات كلها.
صديقي.. لا أطلب منك تصديقي.. أنت حرٌّ.. أنا فقط أُرْشِدُك.. رؤية اللـه مكافأة على الإيمان به.. فهل سمعت عن شخص يحصل على مكافأة أو جائزة كبرى قبل أن يفعل عملًا يستحق به ذلك؟! فما بالك لو كانت هذه المكافأة هى رؤية الخالق!!
■ لماذا لا يكون الكون خلق نفسَه وتَكَوَّن دون خالق؟
صديقي.. أعتقد أنك تتفق معى أن الكون بما فيه شيء عظيم.. غاية فى الإبداع والإتقان.. أظنك لا تشكُّ فى ذلك.
صديقي.. إذا رأيتَ قصرًا غاية فى الإبداع والإتقان.. هل ستقول: إن هذا القصر هو الذى خلق نفسه؟! أم أنك ستقول: لابد أن يكون هناك مهندس بارع قام بهذا البناء والتصميم.. هكذا الحال مع الكون، لا يمكن له بما فيه من روعة واتساق أن يخلق نفسه؛ بل لابد من خالق مبدع حكيم.
صديقي.. إن أبسط الأشياء تحتاج لصانع، لا يمكن لشيء أن يخلق نفسه، إن العدم لا ينتج خلقًا ولا إبداعًا.. العدم لا ينتج إلا العدم.
■ كيف يمكن للإنسان أن تعود إليه روحه بعد فنائه؟
صديقي.. دعنا نحتكم إلى العقل، وأسألك سؤالًا: هل الخلق لأول مرة أسهل أم الإعادة للحياة مرة أخرى؟! بالطبع فإن الإعادة للحياة أيسر بكثير.. فالذى خلقك أولًا ونفخ فيك من روحه، قادر على أن يُعيدها إليك بعد أخذها، وهذا أمر بدهي.
صديقي.. أخلق الروح الخالدة والطاقة غير الفانية أصعب أم تجديد وعاء هذه (الروح/الطاقة)؟! أتخطيط السيارة واختراعها بخصائصها أصعب أم إعادة صنعها طبقًا لنموذج مسبق؟!
وفى النهاية فإننى أُحيل لمزيد من الإجابات عن هذه التساؤلات إلى كتابى «عزيزى الملحد»، و«عزيزى الإنسان»، للعالم المفكر الأستاذ الدكتور محمد داود.