الأربعاء 23 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

جبران.. صاحب "النبي"

جبران خليل جبران
جبران خليل جبران ومي زيادة حب فريد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا تجالس أنصاف العشاق، ولا تصادق أنصاف الأصدقاء، لا تقرأ لأنصاف الموهوبين، لا تعش نصف حياة، ولا تمت نصف موت، لا تختر نصف حل، ولا تقف في منتصف الحقيقة، لا تحلم نصف حلم، ولا تتعلق بنصف أمل، إذا صمتّ.. فاصمت حتى النهاية، وإذا تكلمت.. فتكلّم حتى النهاية، لا تصمت كي تتكلم، ولا تتكلم كي تصمت. 
إذا رضيت فعبّر عن رضاك، لا تصطنع نصف رضا، وإذا رفضت.. فعبّر عن رفضك، لأن نصف الرفض قبول.. النصف هو حياة لم تعشها، وهو كلمة لم تقلها، وهو ابتسامة أجّلتها، وهو حب لم تصل إلىه، وهو صداقة لم تعرفها.. النصف هو ما يجعلك غريبًا عن أقرب الناس إليك، وهو ما يجعل أقرب الناس إليك غرباء عنك، النصف هو أن تصل وأن لاتصل، أن تعمل وأن لا تعمل، أن تغيب وأن تحضر.. النصف هو أنت، عندما لا تكون أنت.. لأنك لم تعرف من أنت. النصف هو أن لا تعرف من أنت.. ومن تحب ليس نصفك الآخر.. هو أنت في مكان آخر في الوقت نفسه"!! 


نصف شربة لن تروي ظمأك، ونصف وجبة لن تشبع جوعك، نصف طريق لن يوصلك إلى أي مكان، ونصف فكرة لن تعطي لك نتيجة.. النصف هو لحظة عجزك وأنت لست بعاجز.. لأنك لست نصف إنسان. أنت إنسان.. وجدت كي تعيش الحياة، وليس كي تعيش نصف حياة!!" 
تلك هي فلسفة جبران خليل جبران وأروع ما كتب هذا الفيلسوف والشاعر والكاتب والرسام اللبناني الأمريكي، الذي ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشري شمال لبنان حين كانت تابعة لمتصرفية جبل لبنان العثمانية.
ويعرف أيضًا بخليل جبران وهو من أحفاد يوسف جبران الماروني البشعلاني،هاجر وهو صغير مع أمه وإخوته إلى أمريكا عام1895 حيث درس الفن وبدأ مشواره الأدبي منذ ذلك الحين، فاشتهر بكتابه الذي تم نشره سنة 1923 وهو كتاب النبي وهو الشاعر صاحب الكتب الأكثر مبيعًا، بعد شكسبير.


• 
جبران ابن العائلة المارونية 
ولد جبران لعائلة مارونية، أمه كاميليا رحمة (واسمها الأصلي كاملة) كان عمرها 30 سنة عندما ولدته وهي من عائلة محترمة ومتدينة، وأبوه خليل هو الزوج الثالث لها بعد وفاة زوجها الأول وبطلان زواجها الثاني.
وكان والده راعي غنم سكير وفظ وكانت عائلته فقيرة، لذلك لم يستطع الذهاب للمدرسة، بدلًا من ذلك كان كاهن القرية، الأب جرمانوس، يأتي لمنزل جبران ويعلمه الإنجيل والعربية والسريانية مما فتح أمامه مجال المطالعة والتعرف إلى التاريخ والعلوم والآداب، في سنة 1891 تقريبًا، سجن والده بتهمة اختلاس وصودرت أملاكه، وأطلق سراحه في 1894 وفي 25 يونيو 1895، قررت والدته الهجرة مع أخيها إلى أمريكا وتحديدًا نيويورك مصطحبة معها كلًا من جبران وأختيه، ماريانا وسلطانة، وأخيه بطرس.



في المهجر
سكنت عائلة جبران في بوسطن بالخطأ وتم تسجيل اسمه في المدرسة خليل جبران، وهناك، بدأت أمه العمل خياطة متجولة، أما جبران فبدأ بالذهاب للمدرسة في 30 سبتمبر1895، ووضعه المسؤولون في المدرسة في فصل خاص للمهاجرين لتعلم الإنجليزية،التحق أيضًا بمدرسة فنون قريبة من منزلهم.
وشجع المدرس الذي كان يدعى " فريد هولاند دي"، جبران بعدما آمن به ودعمه حينما رأى محاولاته الإبداعية، وقد استخدم "فريد" بعض رسومات جبران ليضعها على أغلفة الكتب في 1898 
جبران شاعر الكلية: 
في عمر الخامسة عشر، عاد جبران مع عائلته إلى بيروت ودرس في مدرسة إعدادية مارونية ومعهد تعليم عال يدعى "الحكمة"، وبدأ حينها مجلة أدبية طلابية مع زميل دراسة قبل أن ينتخب شاعر الكلية ليظل في بيروت سنوات عدة قبل أن يعود إلى بوسطن في 10 مايو 1902.
وقبل عودته بأسبوعين توفيت أخته سلطانة بالسل وبعدها بعام واحد توفي أخيه بطرس بنفس المرض تلته أمه التي توفيت بسبب السرطان أما ماريانا، أخت جبران، فهي الوحيدة التي ظلت معه، واضطرت للعمل في محل خياطة.

جبران وميخائيل نعيمة ونسيب عريضة..
أسس جبران خليل جبران الرابطة القلمية مع كلِّ من ميخائيل نعيمة، عبد المسيح حداد، ونسيب عريضة. كانت فكرة الرابطة القلمية هي لتجديد الأدب العربي وإخراجه من المستنقع الآسن كما يروي إسكندر نجار في كتابه الذي ألّفه عن جبران ويحمل اسم جبران خليل جبران .


"أعطني الناي وغنّي "
كان في كتاباته اتجاهان، أحدهما يأخذ بالقوة ويثور على عقائد الدين، والآخر يتتبع الميول ويحب الاستمتاع بالحياة النقية، ويفصح عن الاتجاهين معًا قصيدته "المواكب" التي غنتها المطربة اللبنانية فيروز باسم أعطني الناي وغني 
تفاعل جبران مع قضايا عصره، وكان من أهمها التبعية العربية للدولة العثمانية والتي حاربها في كتبه ورسائله وبالنظر إلى خلفيته المسيحية، فقد حرص جبران على توضيح موقفه بكونه ليس ضِدًا للإسلام الذي يحترمه ويتمنى عودة مجده، بل هو ضد تسيس الدين سواء الإسلامي أو المسيحي وبهذا الصدد، كتب جبران في مقال وصفه بأنه رسالة "إلى المسلمين من شاعر مسيحي "
إي والله لقد صدقوا، فأنا أكره الدولة العثمانية لأني أحب العثمانيين، أنا أكره الدولة العثمانية لأني أحترق غيرة على الأمم الهاجعة في ظل العلم العثماني.
أنا أكره الدولة العثمانية لأني أحب الإسلام وعظمة الإسلام ولي رجاء برجوع مجد الإسلام.
أنا لا أحب العلّة، ولكنني أحب الجسد المعتلّ، أنا أكره الشلل ولكنني أحب الأعضاء المصابة به..
أنا أجلُّ القرآن ولكنني أزدري من يتخذ القرآن وسيلة لإحباط مساعي المسلمين كما أنني أمتهن الذين يتخذون الإنجيل وسيلة للحكم برقاب المسيحيين



مؤلفاته باللغة العربية
دمعة وابتسامة 
الأرواح المتمردة 
الأجنحة المتكسرة 
العواصف "رواية "
البدائع والطرائف: مجموعة من مقالات وروايات تتحدث عن مواضيع عديدة لمخاطبة الطبيعة ومن مقالاته "الأرض". نشر في مصر عام 1923.
عرائس المروج
نبذة في فن الموسيقى
المواكب
وله العديد من المؤلفات باللغة الإنجليزية منها:
النبي، مكون من 26 قصيدة شعرية وترجم إلى ما يزيد على 20 لغة.
المجنون 
رمل وزبد 
يسوع ابن الإنسان 
حديقة النبي 
أرباب الأرض. 
فنانون تغنوا بكلماته: 
"نصف ما أقوله لك لا معنى له، غير أني أقوله لعل النصف الآخر يبلغك " من قصيدة (رمل وزبد) 1926، استخدمه المغني جون لينون مع تغيير طفيف في اغنية Julia التي اصدرتها فرقة البيتلز سنة 1968.
أفرد الفنان الأمريكي اللبناني جبريل عبد النور لقصائد جبران ألبومًا كاملًا.
وغنت الفنانة فيروز قصيدته المواكب باسم "أعطني الناي وغني".
كما غنت فرقة (Mr. Mister) له قصيدة الأجنحة المتكسرة.
وعزف له فنان الجاز الأمريكي جاكي ماكلين مقطوعة موسيقية سماها جبران النبي 
شائعات حوله تم نفيها .

رَمُل وزبَد 
أنا أعرف الوجوه، لأنني انظر إلىها من خلال ما ينسجهُ بصري فأرى الحقيقة التي وراءها بباصرتي "المجنون"
الحب الذي لا يتجدد في كل يوم وليلة الى شكل من أشكال قوة الاستمرار ينقلب الى عبودية. 
علـى قـدرَ ما يغوص الحُـزنَ في أعمـاقِكُـم 
يـزيـُد مـا تستوعبون مِـن فـرحً" 
"اذا بلغت غاية ما يجب أن تعرفه، فأنت على عتبة ما يجب أن تشعر به". 
" ما اجهل الناس الذين يتوهّمون ان المحبة تتولد بالمعاشرة الطويلة والمرافقة المستمرة "
"ان المحبة الحقيقية هي ابنة التفاهم الروحي وان لم يتم هذا التفاهم الروحي بلحظة واحدة لا يتم بعام ولا بجيل كامل" 
"ليست حقيقة الانسان بما يظهره لك، بل بما لا يستطيع أن يظهره لك، لذلك اذا أردت أن تعرفه فلا تصغ الى ما يقوله بل الى ما لا يقوله" 
رَمُل وزبَد 
النسيان شكل من أشكال الحرية" 
رَمُل وزبَد 

المحبة عند جبران:
"إذا المحبة أومت إلىكم فاتبعوها، 
وإن كانت مسالكها صعبة متحدرة. 
إذا ضمتكم بجناحيها فأطيعوها 
وإن جرحكم السيف المستور بين ريشها. 
إذا المحبة خاطبتكم فصدقوها، 
وإن عطل صوتها أحلامكم وبددها كما تجعل الريح الشمالية البستان قاعًا صفصفًا. 
لأنه كما أن المحبة تكللكم، فهي أيضا تصلبكم. 
وكما تعمل على نموكم، هكذا تعلمكم وتستأصل الفاسد منكم. 
وكما ترتفع إلى أعلى شجرة حياتكم فتعانق أغصانها اللطيفة المرتعشة أمام وجه 
الشمس، 
هكذا تنحدر إلى جذورها الملتصقة بالتراب وتهزها في سكينة الليل. 
المحبة تضمكم إلى قلبها كأغمار حنطة. 
المحبة على بيادرها تدرسكم لتظهر عريكم. 
المحبة تغربلكم لتحرركم من قشوركم. 
المحبة تطحنكم فتجعلكم كالثلج أنقياء.

المحبة تعجنكم بدموعها حتى تلينوا، 
ثم تعدكم لنارها المقدسة، لكي تصيروا خبزًا مقدسًا يقرّب على مائدة الرب 
المقدسة. 
كل هذا تصنعه بكم لكي تدركوا أسرار قلوبكم، فتصبحوا بهذا الإدراك جزءًا من 
قلب الحياة. 
غير أنكم إذا خفتم، وقصرتم سعيكم على الطمأنينة واللذة في المحبة. 
فالأجدر بكم أن تستروا عريكم وتخرجوا من بيدر المحبة إلى العالم البعيد حيثما 
تضحكون، ولكن ليس كل ضحككم; وتبكون، ولكن ليس كل ما في مآقيكم من الدموع. 
المحبة لا تعطي إلا ذاتها، المحبة لا تأخذ إلا من ذاتها. 
لا تملك المحبة شيئًا، ولا تريد أن أحد يملكها. 
لأن المحبة مكتفية بالمحبة. 
أما أنت إذا أحببت فلا تقل: "أن الله في قلبي"، بل قل بالأحرى: "أنا في قلب 
الله". 
ولا يخطر لك البتة أنك تستطيع أن تتسلط على مسالك المحبة، لأن المحبة إن رأت 
فيك استحقاقًا لنعمتها، تتسلط هي على مسالكك. 
والمحبة لا رغبة لها إلا في أن تكمل نفسها. 
ولكن، إذا أحببت، وكان لا بد من أن تكون لك رغبات خاصة بك، فلتكن هذه رغباتك: 
أن تذوب وتكون كجدول متدفق يشنف آذان الليل بأنغامه. 
أن تخبر الآلام التي في العطف المتناهي. 
أن يجرحك إدراكك الحقيقي للمحبة في حبة قلبك، وأن تنزف دماؤك وأنت راض مغتبط. 
أن تنهض عند الفجر بقلب مجنح خفوق، فتؤدي واجب الشكر ملتمسًا يوم محبة آخر. 
أن تستريح عند الظهيرة وتناجي نفسك بوجد المحبة. 
أن تعود إلى منزلك عند المساء شاكرًا: 
فتنام حينئذ والصلاة لأجل من أحببت تتردد في قلبك، وأنشودة الحمد والثناء 
مرتمسة على شفتيك.

الصداقة عند جبران:
إن صديقك هو كفاية حاجاتك. 
هو حقك الذي تزرعه بالمحبة وتحصده بالشكر. 
هو مائدتك وموقدك. 
لأنك تأتي إليه جائعا، وتسعى وراءه مستدفئًا. 
فإذا أوضح لك صديقك فكره فلا تخش أن تصرح بما في فكرك من النفي، أو أن تحتفظ بما في ذهنك من الإيجاب. 
وإذا صمت صديقك ولم يتكلم، فلا ينقطع قلبك عن الإصغاء إلى صوت قلبه; 
لأن الصداقة لا تحتاج إلى الألفاظ والعبارات في إنماء جميع الأفكار والرغبات 
والتمنيات التي يشترك الأصدقاء بفرح عظيم في قطف ثمارها اليانعات. 
وإن فارقت صديقك فلا تحزن على فراقه; 
لأن ما تتعشقه فيه، أكثر من كل شيء سواه، قد يكون في حين غيابه أوضح في عيني 
محبتك منه في حين حضوره. 
لأن الجبل يبدو لمن ينظر إلىه من السهل أكثر وضوحا مما يظهر لمن يتسلقه. 
ولا يكن لكم في الصداقة من غاية ترجونها غير أن تزيدوا في عمق نفوسكم. 
لأن المحبة، التي لا رجاء لها سوى كشف الغطاء عن أسرارها ليست محبة بل هي 
شبكة تلقى في بحر الحياة ولا تمسك غير النافع. 
وليكن أفضل ما عندك لصديقك. 
فإن كان يجدر به أن يعرف جزر حياتك. 
فالأجدر بك أيضًا أن تظهر له مدها. 
وما قيمة صديقك الذي لا تطلبه إلا لتقضي معه ما تريد أن تقتله من وقتك؟ فاسع 
بالأحرى إلى الصديق الذي يحيي أيامك ولياليك، 
لأن له وحده قد أعطي أن يكمل حاجاتك، لا لفراغك ويبوستك. 
وليكن ملاك الأفراح واللذات المتبادلة مرفرفًا فوق حلاوة الصداقة. 
لأن القلب يجد صباحه في الندى العالق بالأشياء الصغيرة، فينتعش ويستعيد قوته.
الزواج عند جبران 

ولدتما معًا، وتظلان معًا. 
حتى في سكون تذكارات الله. 
و معًا حين تبددكما أجنحة الموت البيضاء. 
ولكن، فليكن بين وجودكم معًا فسحات تفصلكم بعضكم عن بعض، حتى ترقص أرياح 
السموات بينكم. 
أحبوا بعضكم بعضًا; ولكن، لا تقيدوا المحبة بالقيود، بل لتكن المحبة بحرًا متموجًا بين شواطئ نفوسكم. 
ليملأ كل واحد منكم كأس رفيقه; ولكن، لا تشربوا من كأس واحدة. 
أعطوا من خبزكم كأس رفيقه; ولكن، لا تأكلوا من الرغيف الواحد. 
غنوا وارقصوا معًا، وكونوا فرحين أبدًا; ولكن، فليكن كل منكم وحده، كما أن
أوتار القيثارة يقوم كل واحد منها وحده ولكنها جميعًا تخرج نغمًا واحدًا. 
ليعط كل منكم قلبه لرفيقه; ولكن، حذار أن يكون هذا العطاء لأجل الحفظ، لأن الحياة وحدها تستطيع أن تحتفظ بقلوبكم. 
قفوا معًا; ولكن، لا يقرب أحدكم من الآخر كثيرًا، لأن عمودي الهيكل يقفان 
منفصلين، والسنديانة والسروة لا تنمو الواحدة منهما في ظل رفيقتها


الأولاد عند جبران 
أولادكم ليسوا لكم 
أولادكم أبناء الحياة المشتاقة إلى نفسها، بكم يأتون إلى العالم، ولكن ليس منكم. 
ومع أنهم يعيشون معكم، فهم ليسوا ملكًا لكم. 
أنتم تستطيعون أن تمنحوهم محبتكم، ولكنكم لا تقدرون أن تغرسوا فيهم بذور 
أفكاركم، لأن لهم أفكارا خاصةً بهم. 
وفي طاقتكم أن تصنعوا المساكن لأجسادكم. 
ولكن نفوسهم لا تقطن في مساكنكم. 
فهي تقطن في مسكن الغد، الذي لا تستطيعون أن تزوروه حتى ولا في أحلامكم. 
وإن لكم أن تجاهدوا لكي تصيروا مثلهم. 
ولكنكم عبثًا تحاولون أن تجعلوهم مثلكم. 
لأن الحياة لا ترجع إلى الوراء، ولا تلذ لها الإقامة في منزل الأمس. 
أنتم الأقواس وأولادكم سهام حية قد رمت بها الحياة عن أقواسكم. 
فإن رامي السهام ينظر العلامة المنصوبة على طريق اللانهاية، فيلويكم بقدرته 
لكي تكون سهامه سريعة بعيدة المدى. 
لذلك، فليكن التواؤكم بين يدي رامي السهام الحكيم لأجل المسرة والغبطة. 
لأنه، كما يحب السهم الذي يطير من قوسه، هكذا يحب القوس الذي يثبت بين يديه



جبران و"النبي"

النبي (1923) أشهر كتب جبران كتبه بالإنجليزية وترجم إلى أكثر من خمسين لغة، وهو يعتبر بحق رائعة جبران العالمية، مضمونه اجتماعي، مثالي وتأملي فلسفي، وهو يحوي خلاصة الآراء الجبرانية في الحب والزواج والأولاد والبيوت والثياب والبيع والشراء والحرية والثانون والرحمة والعقاب والدين والأخلاق والحياة والموت واللذة والجمال والكرم والشرائع وغيرها، وقد وردت على لسان نبي سمي "المصطفى" ورسالة النبي رسالة المتصوف المؤمن بوحدة الوجود، وبأن الروح تتعطش للعودة إلى مصدرها، وبأن الحب جوهر الحياة. وفي كتاب النبي يعبر جبران عن آرائه في الحياة عن طريق معالجته للعلاقات الإنسانية التي تربط الإنسان بالإنسان.
حمل جبران بذور هذا الكتاب في كيانه منذ طفولته. وكان قد غير عنوانه أربع مرات قبل أن يبدأ بكتابته. وفي تشرين الثاني 1918، كتب إلى "مي زيادة" يقول "هذا الكتاب فكرت بكتابته منذ ألف عام..". ومن عام 1919 إلى عام 1923، كرس جبران جل وقته لهذا العمل، الذي اعتبره حياته و"ولادته الثانية". وساعدته "ميري" في التصحيحات، إلى أن وجد عام 1923 أن عمله قد اكتمل، فدفعه إلى النشر، ليظهر في أيلول نفس العام.
النبي" كتاب متميز جدًا من حيث أسلوبه وبنيته ونغمية جمله، وهو غني بالصور التلميحية، والأمثال، والجمل الاستفهامية الحاضة على تأكيد الفكرة نفسها، من يستطيع أن يفصل إيمانه عن أعماله، وعقيدته عن مهنته؟، أو ليس الخوف من الحاجة هو الحاجة بعينها؟.
أمكن أيضًا إيجاد تشابه بين "النبي" و"هكذا تكلم زرادشت لـ نيتشه. من المؤكد أن جبران قرأ كتاب المفكر الألماني، وثمّنه. اختار كلاهما حكيمًا ليكون لسان حاله،الموضوعات التي تطرقا إلىها في كتابيهما متشابهة أحيانًا: الزواج، والأبناء، والصداقة، والحرية، والموت.... كما نعثر على بعض الصور نفسها في العملين، كالقوس والسهم، والتائه،مع ذلك، ففي حين تتسم الكتابة النيتشوية برمزية شديدة وفصاحة تفخيمية، تمتاز كتابة "النبي" بالبساطة والجلاء وبنفحة شرقية لا يداخلها ضعف. ونيتشه أقرب بكثير إلى التحليل الفلسفي من جبران، الذي يؤثر قول الأشياء ببساطة.
النبي هو كتاب في التفاؤل والأمل، وبطريقة شاعرية، وأسلوب سلس، يقدم لنا جبران فيه برسالة روحية تدعونا إلى تفتح الذات و"إلى ظمأ أعمق للحياة".
ماذا يقول لنا جبران في "النبي" على لسان حكيمه؟. عندما طلبت منه المطرة، المرأة العرافة، خطبة في المحبة، قال: "المحبة لا تعطي إلا نفسها، ولا تأخذ إلا من نفسها. المحبة لا تملك شيئًا، ولا تريد أن يملكها أحد، لأن المحبة مكتفية بالمحبة". ولما طلبت رأيه في الزواج، أجاب: "قد ولدتم معًا، وستظلون معًا إلى الأبد. وستكونون معًا عندما تبدد أيامكم أجنحة الموت البيضاء.. أحبوا بعضكم بعضًا، ولكن لا تقيدوا المحبة بالقيود.. قفوا معًا ولكن لا يقرب أحدكم من الآخر كثيرًا: لأن عمودي الهيكل يقفان منفصلين، والسنديانة والسروة لا تنمو الواحدة منهما في ظل رفيقتها". وفي الأبناء، يقول: أولادكم ليسوا أولادًا لكم. إنهم أبناء وبنات الحياة المشتاقة إلى نفسها، بكم يأتون إلى العالم ولكن ليس منكم. ومع أنهم يعيشون معكم فهم ليسوا ملكًا لكم". وفي العمل: "قد طالما أُخبرتم أن العمل لعنة، والشغل نكبة ومصيبة. أما أنا فأقول لكم إنكم بالعمل تحققون جزءًا من حلم الأرض البعيد، جزءًا خصص لكم عند ميلاد ذلك الحلم. فإذا واظبتم على العمل النافع تفتحون قلوبكم بالحقيقة لمحبة الحياة. لأن من أحب الحياة بالعمل النافع تفتح له الحياة أعماقها، وتدنيه من أبعد أسرارها" 
في عام 1931، كتب جبران بخصوص "النبي": "شغل هذا الكتاب الصغير كل حياتي،كنت أريد أن أتأكد بشكل مطلق من أن كل كلمة كانت حقًا أفضل ما أستطيع تقديمه". لم تذهب جهوده عبثًا: بعد سبعين سنة على وفاته، ما يزال يتداوله ملايين القراء في أنحاء العالم.
بقي جبران على علاقة وطيدة مع ماري هاسكال، فيما كان يراسل أيضا الأديبة مي زيادة التي أرسلت له عام 1912 رسالة معربة عن إعجابها بكتابه "الأجنحة المتكسرة" وقد دامت مراسلتهما حتى وفاته رغم أنهما لم يلتقيا أبدا.
جبران ومي زيادة وقصة حب وحياه


إن الحب الذي نشئ بين جبران خليل جبران ومي زيادة حب فريد لا مثيل له في تاريخ الأدب وسير العشاق.
ولقد استمرت العلاقة بينهما عشرين عامًا دون أن يلتقيا إلا في علم الفكر والروح.
وكيف يلتقيان؟ وبينهما سبعة آلاف ميل.. ومع ذلك كانا أقرب قريبين وأشغف حبيبين.
نما حبهما عبر مراسلة أدبية طريفة ومساجلات فكرية وروحية ألفت بين قلبي الأدبيين.
وعلى الرغم من كل ما كتب عن علاقات جبران الغرامية بعدد من النساء أمثال ((ماري هاسكل)) و((ميشلين))، فإن حبه لمي كان الحب الوحيد الذي ملك عليه قلبه وخياله.
أما هي فمع خفرها وتحفظها فقد صرحت عن حبها لجبران في مطلع رسالة 21 أيار 1921
حيث قالت: ((أحبك قليلًا، كثيرًا، بحنو، بشغف، بجنون، لا أحبك 
رسائل متبادلة بين مي وجبران

وفيما يلي رسالتين الأولى من مي إلى جبران والثانية من جبران إلى مي.
وفي رسالة مي وجدانية صافية: فبعد أن انتظرت دون جدوى حضور جبران إلى القاهرة
وكانت قد تجاوزت الخامسة والثلاثين من العمر، لملمت كل شجاعتها،
وكتبت له أجمل رسالة حب:

التصريح بالحب
جبران!
لقد كتبت كل هذه الصفحات لأتحايد كلمة الحب.
إن الذين لا يتاجرون بمظهر الحب ودعواه في المراقص والاجتماعات،
ينمي الحب في أعماقهم قوة ديناميكية قد يغبطون الذين يوزعون عواطفهم في اللألأ السطحي لأنهم لا يقاسون ضغط العواطف التي لم تنفجر،
ولكنهم يغبطون الآخرين على راحتهم دون أن يتمنوها لنفوسهم، ويفضلون وحدتهم،
ويفضلون السكوت،
ويفضلون تضليل القلوب عن ودائعها،
والتلهي بما لا علاقة له بالعاطفة.
ويفضلون أي غربة وأي شقاء (وهل من شقاءٍ في غير وحدة القلب؟) على الاكتفاء بالقطرات الشحيحة.
ما معنى هذا الذي أكتبه؟
إني لا أعرف ماذا أعني به، ولكني أعرف أنك محبوبي، وأني أخاف الحب.
أقول هذا مع علمي أن القليل من الحب الكثير.
الجفاف والقحط واللاشيء بالحب خير من النزر اليسير.
كيف أجسر على الإفضاء إليك بهذا. وكيف أفرط فيه؟ لا أدري.
الحمد لله أني أكتبه على الورق ولا أتلفظ به لأنك لو كانت الآن حاضرًا بالجسد لهربت خجلًا بعد هذا الكلام، ولاختفيت زمنًا طويلًا، فما أدعك تراني إلا بعد أن تنسى.
حتى الكتابة ألوم نفسي عليها، لأني بها حرة كل هذه الحرية..
أتذكر قول القدماء من الشرقيين: إن خير للبنت أن لا تقرأ ولا تكتب.
إن القديس توما يظهر هنا وليس ما أبدي هنا أثرًا للوراثة فحسب، بل هو شيء أبعد من الوراثة.
ما هو؟
قل لي أنت ما هو.
وقل لي ما إذا كنت على ضلال أو هدى فإني أثق بك..
وسواء أكنت مخطئة أم غير مخطئة فإن قلبي يسير إليك، وخير ما يفعل هو أن يظل حائمًا حواليك، يحرسك ويحنو عليك.
... غابت الشمس وراء الأفق، ومن خلال السحب العجيبة الأشكال والألوان حصحصت نجمة لامعة واحدة هي الزهرة، آلهة الحب،
أترى يسكنها كأرضنا بشر يحبون ويتشوقون؟
ربما وجد فيها بنت هي مثلي، لها جبران واحد، حلو بعيد هو القريب القريب.
تكتب إلىه الآن والشفق يملأ الفضاء، وتعلم أن الظلام يخلف الشفق، وأن النور يتبع الظلام،
وأن الليل سيخلف النهار، والنهار سيتبع الليل مرات كثيرة قبل أن ترى الذي تحب، فتتسرب إلىها كل وحشة الشفق، وكل وحشة الليل، فتلقي بالقلم جانبًا لتحتمي من الوحشة في اسم واحد: جبران 


من جبران إلى مي
نيويورك 26 شباط 1924
نحن اليوم رهن عاصفة ثلجية جليلة مهيبة،
وأنت تعلمين يا ماري أنا أحب جميع العواصف وخاصة الثلجية،
أحب الثلج، أحب بياضه، وأحب هبوطه،
وأحب سكوته العميق.
وأحب الثلج في الأودية البعيدة المجهول حتى يتساقط مرفرفًا،
ثم يتلألأ بنور الشمس، ثم يذوب ويسير أغنيته المنخفضة.
أحب الثلج وأحب النار، وهما من مصدر واحد،
ولكن لم يكن حبي لهما قط سوى شكل من الاستعداد لحب أقوى وأعلى وأوسع.
ما ألطف من قال:
يا مي عيدك يوم

وأنت عيد الزمان

انظري يا محبوبتي العذبة إلى قدس أقداس الحياة،
عندما بلغت هذه الكلمة ((رفيقة)) ارتعش قلبي في صدري،
فقمت ومشيت ذهابًا في هذه الغرفة كمن يبحث عن رفيقه.
ما أغرب ما تفعله بنا كلمة واحدة في بعض الأحايين!
وما أشبه تلك الكلمة الواحدة برنين جرس الكنيسة عند الغروب!
إنها تحول الذات الخفية فينا من الكلام إلى السكوت، ومن العمل إلى الصلاة.
تقولين لي أنك تخفين الحب.
لماذا تخفين يا صغيرتي؟
أتخافين نور الشمس؟
أتخافين مد البحر؟
أتخفين مجيء الربيع؟
لماذا يا ترى تخافين الحب؟
أنا أعلم أن القليل من الحب لا يرضيك، كما أعلم أن القليل في الحب لا يرضيني،
أنت وأنا لا ولن نرضى بالقليل.
نحن نريد الكثير.
نحن نريد كل شيء.
نحن نريد الكمال.
أقول يا ماري إن في الإرادة الحصول،
فإذا كانت إرادتنا ظلًا من أظلال الله، فسوف نحصل بدون شك على نور من أنوار الله.
لا تخافي الحب يا ماري، لا تخافي الحب يا رفيقة قلبي،
علينا أن نستسلم إلىه رغم ما فيه من الألم والحنين والوحشة،
ورغم ما فيه من الالتباس والحيرة.
اسمعي يا ماري:
أنا اليوم في سجن من الرغائب، ولقد ولدت هذه الرغائب عندما ولدت.
وأنا اليوم مقيد بقيود فكرة قديمة، قديمة كفصول السنة،
فهل تستطيعين الوقوف معي في سجني حتى نخرج إلى نور النهار
وهل تقفين إلى جانبي حتى تنكسر هذه القيود فنسير حرين طليقين نحو قمة جبالنا؟
والآن قربي جبهتك.
قربي جبهتك الحلوة – …… والله يباركك ويحرسك يا رفيقة قلبي الحبيبة.
جبران

لا بأس – على أنني أخشى بلوغ النهاية قبل الحصول على هذا الشرف وهذا الثواب.
لنعد هنيهة إلى عيدك 
أريد أن أعرف في أي يوم من أيام السنة قد ولدت صغيرتي المحبوبة.
أريد أن أعرف لأني أميل إلى الأعياد وإلى التعييد.
وسيكون لعيد ماري الأهمية الكبرى عندي.
ستقولين لي كل يوم يوم مولدي يا جبران 
وسأجيبك قائلًا: نعم، وأنا أعيّد لك كل يوم، وكان لا بد من عيد خصوصي مرة كل سنة