الأحد 06 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

قدماء موحدون| أمنحوتب الثالث.. وصف الإله بقوله: "لم يكن له كفوًا أحد"

قدماء موحدون.. أمنحوتب
قدماء موحدون.. أمنحوتب الثالث
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
على مدار أيام الشهر الفضيل نصطحبكم فى رحلة عطرة، نغوص خلالها فى تاريخ الأسرات المصرية القديمة.. لنرصد كيف بدأت عبادة التوحيد، وكيف آمن الفراعنة بالإله الواحد، فالمراجع تعددت والكتب سُطرت فى إيمان الفراعنة، ولكن بين أيدينا وعلى مدار الشهر كتاب «قدماء المصريين أول الموحدين» للدكتور نديم السيار، والذى بحث ودقق ليصل إلى حقيقة ثابتة، وهى أن قدماء المصريين أول من قال «لا إله إلا الله». 
فى الحلقة السابقة رصدنا عبادة التوحيد فى عصر إخناتون أشهر ملوك الأسرة الـ١٨، والذى أجمع المؤرخون أنه أكبر الموحدين على مدى تاريخ مصر الفرعونية إلا أن عبادة التوحيد لم تنطلق من عصره فقد كانت أقدم منه، فنجد والده الملك أمنحتب الثالث عرف ديانه التوحيد، فيقول عنه الدكتور مصطفى محمود فى كتابه «الله»: «نحن نرى هذا التوحيد، فى عهد أمنحتب الثالث فى تلك الترنيمة المحفورة على لوحة بالمتحف البريطانى، وهى فى صورة ابتهال ومناجاة لـ»الإله»، ونصها: «أيها الخالق الذى لم يخلقك أحد «الواحد» المنقطع القرين فى صفاتك، والراعى ذو القوة والبأس، والصانع الخالد فى آثاره التى لا يحيط بها حصر». وتذكر الدكتورة نعمات أحمد فؤاد أنه جاء فى موسوعة «شخصية مصر» تصور لما كان يعتقده قدماء المصريين عن الإله، فتقول: «تصورت مصر «الإله» قديمًا موغلا فى أعراق القدم فى روعة فائقة، منقطع القرين فى صفاته، أى لم يكن له كفوًا أحد، ففى عهد أمنحُتب الثالث، ترك لنا رجلان من رجال العمارة فى عهده، أنشودة تقول فى أحد أجزائها: «إنك صانع مصور، ومصور دون أن تُصور، منقطع القرين فى صفاتك، مخترق الأبدية، مرشد الملايين إلى السُبل». ومن هنا يتضح لنا أن قدماء المصريين قد عرفوا ديانة التوحيد من قبل إخناتون والذى يُعول عليه كأول الموحدين أو أشهرهم، حيث كان والده أيضًا من الموحدين فهو من بنى معبدا فى طيبة ولكنه دمر بالكامل بعد ذلك، كما ساهم فى بناء معبد آمون الرئيسى فى الكرنك، وذلك من خلال بنائه الصرح الثالث للمعبد، وكان امنحتب مخلصا لآله رع وبنى له معبدالكرنك ليتجاوز الكهان عن أن أمه كانت امرأة أجنبية، وأعظم بناء أقامه أمنحتب فى طيبة معبده الجنائزى، ووجدت له آثار فى الدلتا وطرة وفى بنها ومنف والجيزة والكاب وأرمنت وأيضا فى سيناء.
ولأمنحتب الثالث تمثالان جالسان يعرفان باسم تمثالى ممنون فى طيبة الغربية منحوت كل منهما من قطعة واحدة من الصخر الرملى ويبلغ ارتفاعه ١٥ مترا بدون القاعدة أقامهما المهندس أمنحتب بن حابو وهما الآن قائمان بجانب الطريق المؤدى إلى المعابد الملكية ومقابر الملوك الموجودة بالجبانة، وسبب شهرة هذين التمثالين أن عندما حدث زلزال فى عام ٢٧ ق.م هز منطقة طيبة وأدى إلى انشطار التمثال الشمالى إلى نصفين عند وسطه وبعد ذلك كان الحجر يرسل ذبذبات صوتية عن طريق فعل داخلى ناتج عن التغيرات الفجائية للرطوبة ودرجة الحرارة عند الفجر فظهرت أسطورة أن التمثال يصدر أصوات رثاء أم البطل الإثيوبى ممنون أورورا ربة الفجر على ابنها الذى سقط فى ميدان طروادة كل صباح ومنه أخذ اسم التمثالين كما قام أمنحتب الثالث بإصدار العديد من الجعارين التذكارية، أقدمها يؤكد لقب الملكة تى باعتبارها الملكة الرئيسية.
ولكن عبادة التوحيد فى مصر القديمة كانت أقدم من عصر أمنحُتب الثالث، فإذا ما عدنا إلى الوراء قليلًا وتحدديًا فى عصر الملك «تحتمس الثالث»، نجد أن عبادة التوحيد كانت قائمة ومنتشرة هو ما يتجلّى فى أقوال «تحتمس الثالث» والتى سنتناولها فى الحلقة القادمة.