الثلاثاء 22 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

العالم

"واشنطن بوست": النزاع القبائلي أساس الصراع في جنوب السودان

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نشر المحلل السياسي البارز في صحيفة "واشنطن بوست"، ماكس فيشر، عرضا للأزمة في جنوب السودان، في محاولة لفهم تعقيدات الوضع الخاص بالدولة الحديثة، والتي اندلع فيها القتال قبل أسبوعين، وسط تحذيرات بنشوب حرب أهلية، وقتل فيها ما يقدر بنحو ألف شخص إضافة إلى الآلاف من اللاجئين في مقرات تابعة للأمم المتحدة.
جنوب السودان.. أحدث دولة في العالم، تقع في وسط إفريقيا، وهي بحجم ولاية تكساس الأمريكية وعدد سكانها 11 مليون دولار، وتعتبر أفقر بلدان العام، ونسبة من يعرف القراءة والكتابة لا تتجاوز 27% من السكان، وهي دولة غير متطورة تبلغ الطرق المعبدة فيها 35 ميلا فقط، وتعتمد في اقتصادها على صادرات النفط.
وأعلن جنوب السودان استقلاله عن بقية السودان في 9 يوليو 2011، واعتبره العالم نجاحا كبيرا، ولكن بعد مرور عامين ونصف بدت سيادة الدولة كارثية، والأزمة الأخيرة هي جزء آخر من الصراع في البلاد إلى أن تقف على قدميها.
بدأ العنف في جنوب السودان 15 ديسمبر عندما تقاتلت قوات الحرس الرئاسي ضد بعضهم البعض، وسرعان ما انتشر القتال، وباتت تجتاح مساحات كاملة من البلاد، ولهذا الصراع خلفية "درامية" تبدأ منذ إقالة رئيس جنوب السودان سلفا كير لنائبه رياك مشار، وهما الشخصيتان المتنافستان، وينتمي كلا منهم إلى جماعة عرقية مختلفة، والتقسيمات العرقية في تلك المنطقة بالغة الأهمية، كير ينتمي إلى قبيلة الدينكا، وهي أكبر الجماعات العرقية في جنوب السودان، ويليها النوير التي ينتمي ليها ماشار.
التوتر بين الدينكا والنوير يعود إلى جنوب السودان، والتنافس السياسي بين أقوى الجماعات وممثليهم كير وماشار عادة ما ينذر بنشوب صراع عرقي، فقد حدث ذلك في 15 ديسمبر عندما حاول أفراد من الحرس الرئاسي من الدينكا نزع سلاح آخرين من النوير، ربما لأنهم يخشون قيامهم بمحاولة انقلاب، وهذا ما قاله كير رغم عدم توافر الأدلة على ذلك.
وسرعان ما انتشر القتال بين الدينكا والنوير في أنحاء البلاد، وخصوم السلطة الرئيسيين متمردين من النوير، وفيهم جماعة تسمى جيش الأبيض، وسمت نفسها بذلك لأنهم لطخوا أجسادهم بالرماد الأبيض لحماية أنفسهم من الحشرات
وتفتقد الشعوب في تلك المنطقة، إفريقيا جنوب الصحراء، إلى الهوية الوطنية لصالح العرقية والقبلية، ويختلط فيها التنافس السياسي بالصراعات العرقية، فهذه الشعوب لم يكن لديها شعور قوي بالانتماء إلى أمة مشتركة، وإذا أضفنا عليها مشكلة كبيرة أخرى وهي أن جنوب السودان هو سيء للغاية، ولكن لديه الكثير من النفط، مما يغري الكثير من الجماعات العرقية للتنافس بين اثنين من كبار السياسيين في البلاد.
ويرى فيشر المحلل السياسي بصحيفة "واشنطن بوست" أن مأساة جنوب السودان هي أن القوى التي ساعدت على نيل الاستقلال، ذاتها التي أعدت لهذا الصراع، حتى عندما كانت القبائل موحدة تحت لواء الحركة الشعبية لتحرير السودان، وأصبحت الجيش الوطني، حدث 1991 انشقاق على أسس عرقية.
وأشار التقرير أيضا إلى مغنية البوب من جنوب السودان كوين زي التي غنت "استفتاء" في أواخر عام 2010، مشجعة الناس على التصويت في انتخابات يناير 2011 للاستقلال.
وعادت الصحيفة إلى عهد الاستعمار الأوروبي حيث وضع حدودا مصطنعة فرضها على الأفارقة، وتوسع في هذه المسألة، حيث تم دمج جنوب السودان إلى السودان لمنع مصر من المطالبة بحقها في السودان كجزء من أراضيها، الشمال والجنوب في السودان مختلفان جدا الأول عربي مسلم والثاني يتكون من قبائل أفريقية من المسيحيين والوثنيين، وهم أشد سوادا في البشرة من الشماليين، وعندما انتهى الاستعمار، وأعلن السودان الاستقلال عام 1956، تم الإبقاء على الحدود الاستعمارية غير العاكسة للواقع، وتعاملت الحكومة التي يهمين عليها الشمالوين بشدة مع الجنوب، وشكلت الأخيرة الميليشيات، وجاءت الحروب الأهلية، وبدأت الحرب الأهلية الأولى عام 1955، وانتهت في عام 1972 بمزيد من الحكم الذاتي للجنوب، وبدأت الحرب الأهلية الثانية عام 1983، عندما ألغت الحكومة في الخرطوم الحكم الذاتي للجنوب، وشكلت جماعات متمردة تقاتل الشمال، لتنتهي الحرب الأهلية الثانية في عام 2005، مع اتفاق سلام ووعود باستفتاء حول الاستقلال، وفي أوائل عام 2011 صوت 98.9 % من الناخبين في الجنوب بالانفصال عن الشمال، وهذا ما حصلت عليه.

عوامل خارجية ساعدت في انفصال الجنوب
هناك اثنان من العوامل الخارجية الهامة ساعدت في انفصال الجنوب، الأولى دور الولايات المتحدة كان رئيسا في مساندة الجنوب من أجل استقلاله، وثانيا أن النظام السوداني كان مكروها من جانب دول العالم، حيث نال الكثير من الانتقادات الحقوقية، وتم اتهامه بدعم جماعات إرهابية، مما سهل من تصعيد الضغوط الدولية على الخرطوم، ولفتت الصحيفة إلى الدور الذي لعبته تيارات وجماعات سياسية ودينية أمريكية لجنوب السودان، وتصويرها بالرجل الضعيف أمام الخرطوم "الرجل السيء"، وكانت تريد للجنوب أن تكون دولة مغايرة لاستبداد وفساد حكومة الشمال ولكن ذلك لم يحدث.
ما مستقبل جنوب السودان؟
أشارت الصحيفة إلى أن جنوب السودان ينتظره مستقبل غامض، والصراع بات لا مركزيا، وأكثر خطورة وأشد صرامة، وكما كتبت إحدى افتتاحيات "واشنطن بوست" أنه لا ينبغي التعويل على الائتلاف الحاكم، الذي يتكون من جماعات عرقية متناحرة، فصيغة اقتسام السلطة يمكن أن تصبح مجرد تقسيم آخر للغنائم، والانتخابات ممارسة أخرى للتقسيم العرقي.