دخولا إلى صُلب الموضوع ، مفاجأة حشود الناخبين بالخارج أمام لجان اقتراع الانتخابات الرئاسية جعلتني أقف أمام الحالة المزاجية والأريحية التي كانوا عليها، بالتوازي مع حجم الإقبال المهول، لتكتمل سِيَاط عزيمة الانتصار لمصر الجديدة لتُلْهِب الجلود السميكة لأعداء الوطن في الداخل والخارج، الذين لم نسمع منهم إلا "نقنقة ضفادع" نمامة في قاع سلة فضائياتهم ونعيق لجانهم الإلكترونية على مواقع التواصل، حيث لم يجدوا أمام صدمة الإقبال الكبير سوي الافتراء بأن الطوابير لأبناء الدبلوماسيين وأسرهم.
ناسيين وبالأحرى متناسيين أن الصورة التي بثتها وسائل الإعلام وتداولتها السوشيال ميديا، فيها من يقف بجلباب كونه من أهل الصعيد أو قري مصر المكافحين، وفيهم من تنوعت ملامح وجوههم وهيئات ملابسهم بما يُمثل كل الطبقات المجتمعية فقيرة ومتوسطة وأرستقراطية.
لكنني غير مبالي ببوصلة التصويت وإن كان معلوما اتجاهها، لكن المهم تعزيز صورة مصر أمام العالم كله، الذي ينتظر بعض قادته" كَيْد" الإرادة والإدارة المصرية بحجم إقبال ضعيف يُشكك في شعبية الرئيس القادم.
كان لدي تخوف ربما تماشي مع البعض من عدم أو ضعف نزول الناخبين للإدلاء بأصواتهم في إنتخابات نعلمها محسومة ، والتنافس فيها ربما لتكتمل الصورة الديمقراطية بعيدا عن مطب الإستفتاء ، الذي إن قفزت فوقه سيارة الراكب الأوحد للوصول إلي قصر الاتحادية، لأحدثت خسائر في عفشة وموتور التجربة الديمقراطية، مما قد يحتاج "عَمْرَة" لنعيد الثقة مرة ثانية في قدرة الوطن في إنجاب أشخاص قادرين على قيادة مصر.
مشهد الناخبين بطابوره واحتفالاته وأغانيه والتقاط صوره أمام اللجان الانتخابية مغاير لكل التوقعات، وربما لكل تحليلات النخبة بإستثناء البعض ، مما يَفْتح الشهية أمام ناخبين الداخل لغمس أصابعهم في الحبر الفسفوري وإلتهام صناديق الإقتراع بشوكة عزيمة الوقوف في طوابير التصويت سواء للرئيس السيسي أو المهندس موسي مصطفى موسى.
منظر المواطنين بالخارج واصطحاب أولادهم في طوابير امتدت لعشرات الأمتار بمثابة – متمنيا ذلك - تنشيط للخلايا الانتخابية الداخلية التي كانت ستعزف عن النزول ، بينما نفس المشهد أصاب أصحاب دعوات المقاطعة والمُكَفّرين لغزاة صناديق الإقتراع بفيروس سرطاني،ربما سيستوطن ورمه الخبيث فيهم إذا احتشد أهل الداخل في الجولة الثانية أيام 26و27و28 من الشهر الجاري .
أقف فخورا وعاجزا أمام ذوي الإحتياجات الخاصة من المصريين بالخارج وقدرتهم علي ضرب المثل في الوطنية وتحملهم مشقة السفر ( والله والله خلَّوا الواحد يحس قد أيه مصر كبيرة عندنا وإن إنسان ممكن يكون مش قادر على الحركة بس تحامل على نفسه عشان خاطر بلده).
أقف رافعا رأسي عندما أري نماذج مشرفة نزلت من أجل مصر،"مجدي المصري" المقيم في أمريكا رغم إقترابه من الـ70 عاما وعدم قدرته علي الحركة إلا أنه صمم على المشاركة ، و" مايكل حنا" الصيدلي الذي قطع الأربع ساعات سفر من السعودية حيث كان في زيارة لأسرته للإدلاء بصوته في البحرين ، بينما "إسلام عبد الستار" أخصائي تسويق والذي واجه صعوبة التنقل لعدم امتلاكه سيارة شخصية وذهب للإدلاء بصوته في السفارة المصرية بالسعودية ، بينما "عصام خضير" المقيم في قطر إصطحب عددًا من أصدقائه في سيارته ممن لا يملكون سيارات خاصة لتيسير التوجه للإدلاء بأصواتهم في مقر السفارة بالدوحة.
ولا يفوتني هذا النموذج رجل أعمال مصرى"رفض ذكر اسمه فى إيثار ونكران ذات" يتبرع على نفقته الخاصة بتكاليف تذاكر الطيران والقطار لأبناء الجالية المصرية المقيمين فى روسيا"فى بلد تبلغ مساحتها أكثر من 17 مليون كم2"للسفر والعودة لتسهيل المشاركة فى الانتخابات الرئاسية فى مقر السفارة فى موسكو على مدار ثلاثة أيام .
أعلن أنا كاتب المقال عدم قدرتي علي فك شفرة أمزجة وأحوال المصريين، لكنهم أكدوا أن طلاسمها تفككها وحدها الوطنية ، وأننا شعب"مالوش كاتالوج"حيث أن كل قنواته تحمل إسم – تحيا مصر ويسقط الخونة – وأننا شعب لا يقلب ريموت وطنيته الغلاء ولا شظف العيش ولا رفع الدعم وإنما مصلحة الوطن .
هذا الشعب فاق وعيه ناطحات السحاب بتقديم صورة لائقة بمصر الديمقراطية أمام العالم سيواصلها بإذن الله في انتخابات الداخل.
محمد الشرقاوى