الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الخلدوني الماكر.. مقاول "الإرهاب" للإدارة الأمريكية!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ابن «خلدون»، مؤسس علم الاجتماع الحديث، وصاحب المدرسة العلمية، التى تخرج فيها الآلاف من العلماء، والباحثين فى علم الاجتماع، وأتصور أن فى مقدمة هؤلاء العلماء عميد كلية الآداب، بجامعة الإسكندرية الأسطورى الدكتور «عاطف غيث»، الذى وجه مدرسته العلمية فى تناول اجتهادات «ابن خلدون»، والدكتور سمير نعيم المفكر العملاق وأستاذ الاجتماع بجامعة عين شمس، حيث إنهما يمثلان الجيل الثانى للدكتور حسن الساعاتى، والعالم الكبير الدكتور مصطفى سويفي.
وقد دخل هذه المدرسة من باب الجامعة الأمريكية الباحث الدكتور سعد الدين إبراهيم (الإيجبتو/أمريكان)، واستطاع أن يتسرب إلى الحياة العامة المصرية مرتديًا (ابن خلدون)، أبعد غياب رموز علم الاجتماع، وأمام احتياجات العالم العربى؛ لتأكيد التحول الديمقراطى بكل آلياته.
فقد أنشأ فى المقطم بالقاهرة مركز «ابن خلدون»، رافعًا راية المجتمع المدنى وشكل مجلس أمناء من رموز مصر لهم كل التوقير والاحترام لمكانتهم العلمية، وهو مجلس يذخر باسماء يصلح كل منها أن يؤسس مركزًا علميًا يحتل مكانته العالمية، بداية من الدكتور إبراهيم حلمى عبد الرحمن نائب رئيس الوزراء، ووزير التخطيط الأسبق، والأمين المساعد للأمين العام للأمم المتحدة والدكتورة أمينة الجندى أمين عام المجلس القومى للأمومة والطفولة، والسيدة الأمريكية باربارا إبراهيم زوجة سعد الدين إبراهيم، وهى تشغل الممثل الإقليمى لمجلس السكان فى الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، والدكتور حازم الببلاوى، والأستاذ حسين أحمد أمين سفير مصر الأسبق بالجزائر،، والدكتور سعيد النجار الشخصية الاقتصادية المعروفة، والدكتور سمير سرحان الرئيس، والسفير عبد الرؤوف الريدى، والراحل الدكتور عبد العزيز حجازى رئيس وزراء مصر الأسبق، والدكتور عبد المنعم سعيد، والدكتور مصطفى الفقى، والدكتورة عزيزة حسين ممثلة لقيادات العمل الأهلى، والدكتور على الدين هلال، والدكتور عمر محيى الدين أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، وهو المفكر وشقيق وابن عم الساسة، وهو سليل أسرة (محيى الدين)، وضم مجلس الأمناء أيضًا، العالم الكبير الدكتور محمد القصاص والدكتور محمد صبحى عبد الحكيم رئيس مجلس الشورى الأسبق.
وضم أيضًا الدكتور محمد محمود الجوهرى رئيس جامعة حلوان وقتها، والدكتور محمود محفوظ رئيس لجنة الخدمات بمجلس الشورى، ووزير الصحة الأسبق وهو من أكبر عائلات أسيوط، وهو يمت بمصاهرة مع أحمد نجيب الهلالى باشا آخر رئيس وزراء لمصر فى عهد الملك فاروق، والدكتور مختار هلودة رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء الأسبق، ولا تعليق وكوكبة أخرى من المبدعين والسياسيين والفنانين والدبلوماسيين البارزين.
طبعًا القراءة الأولى لهذه الأسماء المحترمة تضع أى متابع فى حيرة، لابد أن سعد الدين إبراهيم، الذى بدأ وهو شاب ناصري، والذى يزور مركز «ابن خلدون»، يجده يفاخر بصورة له، وهو طالب يصافح الرئيس جمال عبد الناصر وعلى يساره السيد كمال الدين حسين نائب الرئيس ووزير التربية والتعليم، ثم استثمر هذه الفرصة عندما سافر إلى أمريكا؛ لكى يستقطب حوله الشباب المصرى، واتحاداتهم الطلابية، وكانت أول واجهة له هى الناصرية ثم (تأمرك)، وتسلل حتى وصل إلى أعتاب الجامعة الأمريكية، بالقاهرة ويبدو أنه تخلى عن مبادئه اليسارية أو الليبرالية، ووجد ضالته فى الفترة الأخيرة فى اللعب بالنار مستغلًا التغيير الفلسفى والمنهجى، الذى يسود العالم من بعد عن القولية أو النضيف التقليدى، فركب موجة الديموقراطية وحقوق الإنسان والإشكالية العرقية، وهى مجالات جديدة على الرأى العام، وفرض نفسه الحارس على إيقاع المجتمع المدنى والطبيب المصرى المعالج لهموم الأقليات، وحائط الصد بين الضغوط الحكومية ودعاوى التكفير وأطلق صيحة (مساعدة)، كمركز للمساعدة القانونية واتجه إلى نقطة جوهرية، فقام بدور التنظيم الموازى لمجالس الطفولة والأمومة يبحث عن «الضمانات الغائبة»، واعتبر نفسه المسئول عن الشهر العقارى للمواثيق الدولية فى مصر. مجالات عديدة بدأها مركز «ابن خلدون».. والذى يراجع تلك الأسماء الكبيرة، التى لها تجربتها فى العمل العام سواء على ساحة المجال الرسمى أو الأهلى، لكن السؤال، الذى يراود من يطالع سماء هذه القمم يسأل نفسه مضطرًا، كيف قبلت تلك الشخصيات العامة أن تكون فى مجلس أمناء يرأسه سعد الدين إبراهيم، سواء من حيث الأقدمية العلمية فى درجة الأستاذية أو فى البحوث، أو حتى العمل الرسمى؟ ربما تكون هذه الشخصيات رأت أن وضعها (برتوكولي)، وتركت له هذه المسئولية لمجلس أمناء لن ينعقد وذلك إعمالًا لمبدأ الملكية الفكرية، وأننى أرجو أن أسأل من شاءت إرادة الله أن يظلوا على قيد الحياة حتى الآن من تلك القائمة، التى نشرها على صفحة مجلة (المجتمع المدني)، فى عددها ٥٤ السنة الخامسة يونيو ١٩٩٦مـ هل مازلتم أعضاءً فى هذا المجلس حتى الآن؟.. لكن السؤال المهم ماهى طبيعة المركز من الناحية القانونية؟، فهل هذه الفكرة ولدت فى ذهن الدكتور سعد الدين إبراهيم متأثرًا بمراكز الدراسات المنتشرة فى الولايات المتحدة؟ ومن أشهرها مركز واشنطن للشرق الأوسط، والذى كان يديره منذ فترة صديقه الصهيونى الأسترالى الأصل «مارتن أنديك»، اللاعب الرئيسى فى الحزب الديموقراطي؟ لكن الذى يدعو أكثر للدهشة أن المركز شهد مرحلة السداح مداح فى الدعم الأجنبى، ودون أى ضوابط فى مقدمتها منح الاتحاد الأوروبى، وشارك فى العديد من المؤتمرات فى قبرص وغيرها.
عندما شعر النظام بخطورة تحرك سعد الدين إبراهيم وتلاعبه فى استخراج بطاقات الإدلاء بالرأى؛ للتصويت بتهمة (النصب السياسي)، على الاتحاد الأوروبى، ودخل السجن ثم صدر حكم بتبرئته، وأصبح لقاؤه برموز الإخوان نقطة التحول، وتحول من مقاتل ضد فكر الإخوان إلى الضامن لهم والموصل الجيد لرغبتهم مع الإدارة الأمريكية، ولا أعرف كيف فات على جميع المسئولين فى عهد حسنى مبارك والمحيطين به القراءة الجيدة فى التحريات، ورصد الاتصالات، التى صرحت بها النيابة العامة وكذلك رصد تحركاته داخل السجن واتصالاته، ويبدو أن الثقة أكثر من اللازم أتاحت الفرصة لسعد الدين إبراهيم أن ينتقل من مرحلة غزواته... إلى مرحلة نزواته الفكرية، أصبح مقاول انقلابات وصراعات وتخصص فى توريد الأصدقاء المخلصين الجدد للإدارة الأمريكية، وضيوفها الجدد وهم الإخوان المسلمون، ولا أعرف أنها نزوات سعد الدين إبراهيم المصرى أم الأمريكي.
نعود مرة أخرى إلى الأسئلة، التى تلاحق هذه الشخصية، التى دخلت من باب البحث العلمى إلى عالم بث الفتن، وتدبير الدسائس وزعزعة الاستقرار، بدعوى دعم الديموقراطية، فقد تحول أو استخدم قدراته فى أن يتحول من (مقاوم)، للفكر الإرهابى إلى «مقاول»، لهم ومتحدث رسمي باسمهم والمطالب بالمصالحة لهم.
والأغرب من هذا أنه أصبح من دعاة مناصرة قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب باعتبار القدس إسرائيلية، وقد أعرب فى زيارته الأخيرة لإسرائيل ممثلًا لبرنامج (السادات/بيجن)، للسلام مما دفع الشعب الفلسطينى الشجاع أن يتظاهر ضده.
لكن يظل السؤال اللغز، ماهى الطبيعة القانونية لمركز «ابن خلدون»؟ هل هو مؤسسة بحثية فكرية قطاع خاص، وتحت أى قانون يعمل؟ هل هو شركة بسيطة لها سجل تجارى مثل (البوتيكات)، التى تبيع كل شىء حتى الشرف الوطنى الغالى يباع بالتقسيط المريح أو لمن يدفع؟ وهل يخضع المركز للضرائب، وأين ميزانيته وماهى الإدارة، التى تراجع تصرفاتها هل هى وزارة التجارة أم الاستثمار؟