الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مصر.. وجياع السلطة!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مصر أمانة فى أعناقنا جميعًا.
مصر لن تكون أرضًا تزرع فيها الفتن والشر، لكن يزرع فيها النماء والخير.
مصر لن تكون أرضًا للممارسة البشعة فى الهدم مرة أخرى لأنها إذا سمح الشعب مرة أخرى سوف تتجه إلى الهاوية وبأقصى سرعة لتتجه لا قدر الله إلى المصير والعدم.
مصر لكل شعبها، ولكل أبنائها وليست للمحاور والمناورات وأهل المصالح ومحترفى تنفيذ الأجندات الغربية والمريبة، فالأمة فى أوج صحوتها وقمة يقظتها وازدهار ضمائرها وفى حالة استنفار بكل قواها وقوتها، تعلو صيحة فوق صيحتها، والعالم كله يشهد كفاحها وهى تقوم بأكبر عملية نضالية لتستعيد مكانتها، وتحقق بدم وعرق أبنائها فى العصر الحديث صحوتها، وتداوى وتعالج نتائج ما أصابها فى عثرتها.
كانت كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسى، ليست بصفته السيادية أو كمرشح رئاسي، لكنه تكلم كجندى ومقاتل يده على الزناد يلبى نداء الوطن وأمر البلاد.
كانت وقفة شجاعة الجندى مع الأحداث وفى الوقت المناسب حيث تحدث كرجل دولة، أمانة البلاد فى عنقه، نتسامى فوق الجراح حيث صحت كثيرًا حتى لا يحمل الأمة المزيد من الآلام، فهو لم يستجد عطفًا أو أفتعل موقفًا لكنه قام بمواجهة وطنية وسيكولوجية بل وقتالية مع جياع السلطة، الأمر أكبر من تخطى الأحزان والتعالى على الذات، واللجوء إلى صلب القضية التى قام بالتلميح لها، وجاء الوقت للتصريح، فالساحة تشهد حاليًا محاولة لاستغلال موقف الانتخابات الرئاسية فهى ليست بهدف تأييد المرشح المنافس أو تنشيط دعوة المواطنين إلى التوجه لصناديق الاقتراع لتشجيع (التصويت الانتخابي) لكن الأمر تخطى هذا حيث انكشفت مخطاطاته لهدم الدولة بالدعوة إلى مقاطعة الصناديق، صناديق الاقتراع، لكن الهدف الحقيقى هو إعادة سيناريو ٢٥ يناير منذ ٧ سنوات لكى تقفز قوة سياسية معينة على مقعد الحكم، هل تتصور هذه الجماعات المتناثرة مثلًا أن الشعب سوف يبتلع الشعارات المعسولة؟، هل سيصدقون من قال إنه وطنى شريف مناضل وتناثرت بعد ذلك وقائع أنه حاصل على شهادة (المواطن الليبي) الأول وبموجب الشهادة يتم منحه معاشًا شهريًا حتى انتهاء حكم القذافى؟، إن كشوف الوزارات العراقية العديدة، وكشوف دول أخرى موجودة بأسماء هؤلاء الذين ارتدوا ملابس النضال هناك.
هل يتصور جياع السلطة أنه قد حانت أمامهم الفرصة لكى يقفزوا على الحكم مرة أخرى بمساعدة دول أو منظمات أو شخصيات عامة؟، أقولها بكل صراحة أنهم لن يتحركوا مثلًا ضد الرئيس السيسى لصالح المهندس موسى مصطفى موسى، المرشح الرئاسى، لأن الأمر لا يعنيهم ولايعرف الكثير أنهم لو توجهوا صفًا واحدًا إلى المرشح المنافس الحالى يبايعونه، ويباركون ترشيحه فلن يصدقهم حتى لو أقسموا له بأغلظ الأيمان ووقعوا مئات الألوف من المواثيق بالشهر العقارى والملايين من اللافتات وأصدروا البيانات بأشد العبارات وبحرارة التعبيرات، ونظموا الميدان وألقوا قصائد الشعر العصماء من خلال حشد المؤتمرات ورتبوا سيناريوهات لأسخن المناظرات.
الشعب المصرى يعرفهم بالاسم، وللأمانة وبمنطق الدهاء السياسى فهذه المجموعة أقل ذكاء وثروة من أيمن نور الذى فاقهم جميعًا «ثروة وخسة» فى التعامل حتى مع أقرب الناس إليه، الذين علموه والذين تعاملوا معه، ضحك على الجميع داخليًا وخارجيًا وضحك على الإخوان وكان ولا يزال موضع تقديرهم كأستاذ فى النصب والاحتيال، بل ويقدرون شخصيته ويعتبرونه صاحب نظرية فى الفكر السياسى الحديث، مثل الدكتوراه التى يحملها بل تفوق على القرضاوى فى احتراف الدجل السياسى وابتكار مناسبات يحقق منها عائدًا أدبيًا وماديًا وإعلاميًا، فهو يسعى أن يحصل على جائزة «نوبل» باعتباره مناضلًا وسياسيًا مهاجرًا، ويحاول أن يدخل التاريخ مثل ياسر عرفات ونيلسون مانديلا، وأتصور أن المهندس موسى مصطفى موسى يعرف جيدًا من هو أيمن نور أكثر من أى إنسان، ويعرف ألاعيبه، ورغم أن الرجل من بيت طيب لما استطاع أن ينتزع منه (حزب الغد) وقد لا يعرف الكثير أن مصطفى موسى كان من قيادات الطليعة الوفدية، وهرب من مصر أواخر الخمسينيات إلى الجزائر الشقيقة عندما كانت فى مرحلة كفاح جبهة التحرير الجزائرية ضد المحتل الفرنسى برئاسة القائد الزعيم أحمد بن بيلا وهوارى بومدين، وأنشأ مكتبا هندسيا وعاد إلى مصر والتقطه أيمن نور وأسس معه هذا الحزب، إلا أنه فوجئ بإجراءات غريبة من أيمن نور، فما كان من الرجل إلا أن صحح الموقف وطرد أيمن نور.
هناك واقعة لا بد وأن نتوقف عندها، وهى ماذكره الرئيس السيسى أنه ليس سياسيًا ويقول البعض همسًا إن وظيفة رئيس الدولة هى مسئولية سياسية، وهذه ليست أول مرة يقولها رئيس مصر، وأبرز واقعة ما سجله التاريخ هى خطبة الرئيس جمال عبدالناصر التاريخية يوم ٢٦ يوليو ١٩٥٦ بميدان المنشية وهو خطاب تأميم القناة، فقد كان يروى قصة المناورات السياسية التى كان يتعرض وقتها لبناء السد العالى من جون فوستر دلاس أشهر وزير خارجية فى تاريخ أمريكا، ومن يوجين بلاك مدير الصندوق الدولى، ومن روبرت منزيس رئيس وزراء أستراليا، قال لهم جمال عبدالناصر «أنا ثائر ولست سياسيًا» ويقصد أنه لا يريد استخدام سلاح الكذب والنفاق والكلمات المعسولة والأحضان التى يحمل كل منهم معه الخنجر المسموم وربما هذه الكلمة كان لها أثرها فى مفاهيم السياسة الدولية، أى أن هذه التصريحات ليست جديدة على القادة المصريين، خاصة إذا أراد رئيس الدولة أن يدق ناقوس الخطر.
وإذا كان الرئيس السيسى قد لجأ إلى الشعب سواء كان عن طريق استفتاء أو عن طريق مجلس النواب، وهذا ليس بكلام انفعالى، ولكن يبدو أنه بناءً على معلومات فهو رجل مخابرات استراتيجية قضى حياته العسكرية سواء فى دورات أو غيرها من المؤهلات المعروفة عن مثل هذه الكوادر العسكرية، وكان لا بد بحكم مسئوليته الوطنية أن يصارح الشعب بهذا المخطط والمجتمع المشبوه.
وأقول إن الرئيس السيسى ليس فى حاجة إلى منشدين طالما أن الصدق والصراحة والبساطة هى خطابه السياسى أو الرئاسي.
وأخيرًا نقول لبلادنا كواجب وطني: «إليك يا مصر الغالية.. أهدى كلماتي.. وتعبيراتي.. وانفعالاتي.. من أجلك يا مصر مشيت فوق الشوك لكى أصل إلى أحلامي.. وأمنياتي.. ولا أرى أرضًا أبذل من أجلها الروح فداءً وأسرتى وحياتي. 
حارسًا على استقرارها وأمنها من طفولتى حتى شبابى إلى مماتي.