عقب تخرجى فى الجامعة فى عام ٢٠١٣ فكرت فى تحسين لغتي الإنجليزية فذهبت لدراسة اللغة فى مدينة برايتون الساحلية فى إنجلترا، في بداية الأمر كنت أشعر بغربة شديدة، فهذه أول مرة أبتعد عن حضن عائلتى الدافئ وعمرى حينها كان لا يتعدى ٢١ عامًا تقابلت فى أوائل أيام الدراسة بفتاة إيطالية جاءت من مدينة تورينوا شمال إيطاليا لتدرس اللغة الإنجليزية مثلى، فى بداية الأمر شعرت وكأنها مصرية تبتسم طوال الوقت ترحب بالجميع كانت لطيفة معى للغاية، شعرت فيها حرارة الشرق احتضنتنى وأصبحنا أقرب أصدقاء بالمدرسة، هونت علىّ غربتى فاحتفلت بعيد ميلادى واصطحبتنى فى كل مكان فى عطلة الأسبوع حتى مشروعات المدرسة تقاسمناها سويًا، كانت صديقة بمعنى الكلمة لمست فيها خصالًا كثيرة فهى عاشقة للكتابة والتدوين، يخطفها كل ما هو أثرى وقديم، تعشق الغوص فى التاريخ كانت تقضى عطلة المدرسة فى التنزه بمتاحف «برايتون» ترصد تاريخ الإنجليز وملابسهم عبر العصور وحكامهم، لم تنس أبدا أن تجوب فى شوارع المدينة تأخذ صورًا هنا وهناك، فلديها عيون تقدر الفن تستطيع وصفها بالكاميرا تسجل كل ما هو لافت وجدير بالوصف، كانت دائما تستغرب كلماتى عن مصر لأننى عاشقة لبلدى وتاريخها حد الجنون، كانت تسألنى دائما هل تستطيعين قراءة الهيروغليفية كنت أضحك وأقول لها هذه لغة أجدادي منذ ٧٠٠٠ سنة، لديها شغف فى السؤال عن توت عنخ آمون كثيرًا فهى مفتونة بجماله وقرأت كتابًا بالإيطالية عنه عندما كانت فى المدرسة، سردت لها الكثير عن تاريخ مصر والأماكن الخلابة والأحياء البسيطة والتقاليد الغريبة فكانت مفعمة بحيوية شديدة وحماسة كبيرة تجاه مصر وزيارتها، وبالفعل عندما انتهينا من دراسة اللغة وحصلنا على الشهادة، دعوتها إلى زيارة مصر، وكانت هذه هي المرة الأولى لها، حددت برنامجًا شاملًا لها لزيارة العديد من الأماكن، أخذتها إلى الأهرامات والمتحف المصرى والبرج واصطحبتها لتجربة المأكولات المصرية الشهيرة.
ظلت صداقتنا قوية وتواصلنا ممتد عبر الإنترنت إلى أن فاجأتنى قبل انتهاء عام ٢٠١٧، بأنها تخطط لزيارة مصر فاستقبلت هذا الخبر بفرح شديد، وبالفعل رتبت معها كل شىء انتظرتها برفقة أسرتى وبدأت رحلتها الثانية إلى مصر، التى تحكى عنها فى رسالتها هذه.