بإعلان التغيير المحدود لعدد من الحقائب الوزارية في التشكيل الحكومي
برئاسة شريف إسماعيل، يُقطع الطريق حول التكهنات التي كانت تتناثر حول استمراره في
عمله من عدمه، وذلك على خلفية ما تعرض له من وعكة صحية ألمت به، واضطرته لمغادرة
البلاد والعلاج بالخارج، وتكليف قائم لتيسير الأعمال لحين عودته.
إذ بات مؤكدا استئناف مهامه كرئيس للوزراء ليستقبل الانتخابات الرئاسية القادمة حتى إعلان اسم رئيس الجمهورية الجديد في مايو المقبل، وتأكد الرئيس السيسي أن رئيس وزرائه يتمتع بصحة وعافية، ويستطيع أن يمارس عمله بصورة طبيعية، تساعده على إنجاز تكليفاته وطموحاته في الفترة المقبلة، والتي تتواكب مع انتخاب رئيس جديد لمصر.
وربما تعيين مصطفى مدبولي نائبا لرئيس الوزراء مع الاحتفاظ بحقيبة الإسكان، ما هي إلا خطوة ليكون يد مساعدة وعمود فقري لشريف إسماعيل، بحيث يستطيع مدبولي أن يكون خلية ناشطة لمتابعة أداء زملائه الوزراء، ويكون الريموت كنترول لمتابعة المشاريع على أرض الواقع، في رغبة واضحة ليكون في الحكومة مقاول بدرجة "فَوَاعْلِي" وهو ما لا يستطيع إسماعيل عمله بحكم السن أو الصحة، ولا عيب في ذلك، فالتكامل مطلوب ما بين الطرفين.
حكومة شريف إسماعيل تكنوقراط متخصصة بالأمور الصناعية والتجارية
والاقتصادية، فهي غير حزبية، وأعضائها كذلك، ولا تهتم كثيرا بالفكر الحزبي
والحوار السياسي للتخديم على الحزب الحاكم، وتعنى بتوظيف الكفاءات على أساس
المعرفة التكنولوجية، وبغض النظر عن أي انتماءات سياسية، أو دينية، أو عرقية.
الحقيقة أن النظرة العابرة لصور دولة رئيس الوزراء، لما كانت عليه
هيئته قبل سفره للعلاج، وما أصبح عليه الآن، تكشف الفارق الكبير بين الحالتين، وهو
أمر لا يعيب رئيس الوزراء أن يكون مريضا، لكن الخطأ أن يكون هناك إصرار على إنكار المرض
وطبيعته ومدى تأثيره على قدرته على تسيير عمله.
فصحة رؤساء الدول والحكومة والمسئولين ليست شأنًا شخصيًا، فمن حق
الشعب أن يعرف الحالة الصحية لرئيس الوزراء، من حقي أطمن اللي بيقودني حالته
الصحية إيه! فمرض رئيس الوزراء ليس سرًا من أسرار الدولة العليا.
فمثلا لم يتردد قصر الإليزيه فى الكشف عن حقيقة إصابة جورج بومبيدو
رئيس فرنسا بالسرطان ليشارك الشعب فى مصيره، فقد كان يعلق فى رقبته سلسلة محفورًا
عليها شفرة التفجير النووى.
ويكشف البيت الأبيض عن الحالة الصحية للرئيس الأمريكى كل ستة شهور
ولا يستثنى التقرير الأمراض الخفيفة مثل نزلات البرد والكحة والسعال.
فقد استطاع شريف إسماعيل العصيان على جميع الموروثات الحكومية، ورفض
الدوران حول أضرحة الشعب وخداعه بشأن مرضه، وأعلنها صراحة بكل شفافية ووضوح في
بيان رسمي للحكومة، أنه سيغادر لألمانيا لإجراء عملية جراحية لمدة 3 أسابيع في
الجهاز الهضمي، وأنها عملية لا تعيقه عن مباشرة عمله بعد تماثله للشفاء.
فانفضت جلسات النميمة لتشخيص المرض وأعراضه وعلاجه، وتوقفت ماكينة
الشائعات العملاقة التي كانت تهز أروقة الحكومة في السابق فيما يتعلق بتغييرها من
عدمه، وهي ما نطلق عليه فترة الريبة التي يكون فيها كل وزير محلك سر، لا ينجز
مهامه كما تتوقف عقارب الساعة منتظرة البطارية القلم للتحرك، وهو ما لحظناه خلال
الفترة الماضية من إنجاز أعمالهم، وكذلك قفل باب الافتكاسات الفيسبوكية، فتكيفت
الحكومة والشعب مع الطارئ الجديد وهو مرض المسئول عن القرارات المصيرية للشعب
ومستقبله – دولة رئيس الوزراء -
إذ الشفافية في مرض المسئول مستحبة، والعتمة تفرض استنتاجات حسب المزاج كقراءة طالع الفنجان أو كف اليد!