يخطئ من يعتقد أن محاولات هدم أركان الدولة المصرية بداءت على يد جماعة الاخوان الإرهابيين وأعوانها اثر ما تسمى بثورة ٢٥ يناير، فالمحظورة وعملاؤها فى احزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدنى راحوا ينخرون فى عضد مؤسسات الدولة كالسوس قبل ذلك بسنوات طويلة .
ولم تكن محاولات الجماعة التى احتلت مصر طوال عام فى عهد الخائن مرسى لهدم مؤسسات القضاء والجيش والشرطة الا المرحلة الاخيرة فى حربها ضد الدولة ، وهى ذات الحرب التى خاضتها الى جانب الجماعة ميليشيات بعض مؤسسات المجتمع المدنى والقوى السياسية وفى مقدمتها الاشتراكيين الثوريين و6 أبريل .
أولى فصول هذه الخرب القذرة بداءت بحملات تشكيك واسعة فى قدرة ونزاهة مؤسسات الدولة بهدف هز ثقة المجتمع فيها، وكان القضاء وجهاز الشرطة اول ما استهدفته تلك الحملات الممولة أجنبيًا حيث جرى التشكيك فى نزاهة القضاء واتهام أحكامه بالتسييس لصالح نظام الحكم على نطاق واسع ولم يتم التفريق بين القضاء كمؤسسة لها احترامها وهيبتها وبعض الأخطاء الفردية ، نفس المنهج تم اتباعه فى الانتقادات التى كانت توجه لأداء جهاز الشرطة بحيث سار يتم تعميم تلك الانتقادات على كل رجال الشرطة على نحو عمل على خلخلة الثقة بين المواطن ورجل الشرطة .
لم يكن المقصود أبدًا تسليط الضوء على اخطاء بعضهم التى تقع هنا او هناك وإنما إشاعة حالة من التشكيك فى ممارسات مجمل مؤسسات الدولة ، وقد ثبت فيما بعد الثلاثين من يونيو كذب تلك الادعاءات وصحة كل ما كانت تسجله تقارير جهاز مباحث أمن الدولة بشأن تأمر وأخبار جماعة الاخوان، بل وتحالف بعض أطراف مؤسسات المجتمع المدنى والقوى السياسية معها واتفاقهم على تحقيق أهدافها القذرة فى إسقاط الدولة وتشكيك المجتمع .
ووصل الامر إلى حد اتهام الصحفيين فى أقسام الحوادث بالعمل كمخبرين لصالح وزارة الداخلية، لمجرد انهم يتعاملون معها لتغطية ونشر الجرائم والحوادث اليومية
لقد أدى هذا المناخ الى شيوع حالة من النفاق العام لكل ما هو معارض للدولة حتى ولو كان على حساب الأمن القومى وكان كثيرن يخشون مجرد انتقاد التحركات المشبوهة للاشتراكيين الثوريين وعناصر حركة 6 ابريل وعندما خرجو عقب 25 يناير2011 بدعوات صريحة لتفكيك الجيش وجهاز الشرطة ومؤسسة القضاء تحت دعاوى التطهير خسرت الأقلام فى مواجهة تلك الدعاوى المغرضة مدفوعة الأجر.
ليس ذلك فحسب فالحديث عن التمويل الأجنبي للمجتمع المدنى والقوى والأحزاب السياسية كان ينظر اليه باعتباره عملًا من اعمال المخبرين لدى جهاز مباحث امن الدولة السابق، بهذه الطريقة تم ممارسة نوع من الإرهاب الفكرى على قطاع كبير من النخبة السياسية والثقافية التى لا تزال واقعة فى هذا الشرك ولم تجد سوى النفاق سبيلا حتى لا تتهم بالعمالة للأجهزة الأمنية.
فى هذا المناخ نشأ مرتزقة السياسة وترعرعو تحت يافطة ناشط وسار العمل السياسي بمصر لاكتساب المال والمكانة الاجتماعية لا دور تطوعيا واختلط الحابل بالنابل ، وجميعهم فى ذلك سواء لأنهم اتفقوا على الشعار المأفون يسقط حكم العسكر بما فى ذلك فرع 6 ابريل الممول سابقا من رجل الاعمال ممدوح حمزة الذى طردهم قبل اشهر من شقة يمتلكها بمنطقة وسط البلد كان يأويهم فيها.
وبغض النظر عن الدور الذى لعبه حمزة فى المشهد السياسي فانه ساعد على خلق شريحة من المرتزقة السياسيين شأنه فى ذلك شأن منظمات التمويل الأجنبية ، فالذي اعتاد على ممارسة السياسة مقابل المال لن يهمه الممول سواء كان ممدوح حمزة او بيت الحرية الأمريكى .
على أية حال تكرر بعض منظمات المجتمع المدنى المتحالفة مع جماعة الاخوان، لهدم مؤسسات الدولة نفس الدور القديم فى التشكيك بالقضاء ونزاهته لكن على نحو اكثر فجاجة ووقاحة فها هى الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان تصدر بيانا بالاشتراك مع مؤسسات اخرى تتهم فيه قضاة محكمة عابدين بتسيس الحكم الصادر ضد كل من احمد ماهر واحمد دومة ومحمد عادل، وتمشى فى وفاتحها لحد وصف القضاء بانه احد أذرع الأجهزة الأمنية المصرية؛ والحقيقة ان القائمين على مثل هذه المنظمات مطالبون بتقديم إقرار ذمة مالية هم ومرتزقة السياسة التي يدافعون عنها ، بالاشتغال بمؤسسات المجتمع المدنى المدافعة عن حقوق الانسان، كالسياسة تمامًا عمل تطوعى ودور مجتمعى لا يجب الارتزاق من ورائه والمفترض فى اعضاء تلك المؤسسات ممارسة مهن او حرف يكسبون منها أرزاقهم دون الاعتماد على ما تحصل عليه تلك المؤسسات من اموال
مجمل القول كشفت السنوات الثلاث الماضية حقيقة تلك الوجوه التى لا شغل لها سوى التحالف مع القوى الظلامية ضد الدولة مقابل الدولارات التى تدفعها المنظمات الأجنبية لدعم الفوضى فى المجتمع المصرى ، هم مجموعة من المرتزقة سواء باسم العمل السياسى أو الدفاع عن حقوق الانسان.