الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

القدس.. موسم حصاد الخيبة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أؤيد كل أشكال الاحتجاج السلمى وأدعمه وأشارك فيه إذا ما استطعت إلى ذلك سبيلًا، والآن قام الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالتوقيع على قرار أصدره الكونجرس الأمريكى منذ ٢٢ عامًا وبالتحديد فى عام ١٩٩٥، ويقضى القرار حسب ما هو معروف بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس معترفًا بذلك أن القدس كل القدس عاصمة أبدية وموحدة لإسرائيل.
وبمجرد توقيع ترامب على القرار تمت دعوة مجلس الأمن الذى انعقد الجمعة الماضى وألقى مندوبو الدول الأعضاء الكلمات الحماسية وارتاحت ضمائرهم، وكذلك بمجرد توقيع ترامب على القرار شهدنا عشرات التظاهرات والوقفات الاحتجاجية فى مختلف دول العالم، كل هذا جيد ومطلوب ولكن ـ لاحظ عزيزى القارئ أن لكن دائمًا تنفى ما قبلها ـ أقول كل هذا جيد ومطلوب ولكن هل التظاهر والاحتجاج ومجلس الأمن والرأى العام العالمى قادرون على إجبار أمريكا وإسرائيل على التراجع عن اندفاعهم لاغتصاب ما تبقى من أرض فلسطين؟
الإجابة بكل وضوح هى لا... فالعالم الذى تحول إلى غابة لا تحكمه القوانين الدولية ولكنه محكوم بتوازن القوة، محكوم باقتصادات كبرى وتماسك المجتمعات من الداخل، محكوم بأسبقيتك فى العلم والتقدم والإنتاج والابتكار، فما كان لدونالد ترامب أن يُقدم على خطوته المتهورة تلك لولا ثقته المطلقة فى غياب ـ على الأقل ـ المنطقة العربية عن التاريخ ولولا أنه رأى أننا مشغولون تمامًا ومجتهدون فى محاربة بعضنا بعض، ولولا أنه تأكد أن نفرًا منا لن يجرؤ على طرد قواعده العسكرية من أراضى العرب «قاعدتى العيديد والسيلية فى قطر نموذجًا».
ولأن الإدارة الامريكية تعرف جيدًا تلك الروح العربية المهترئة التى تترك الجمل وتمسك بالحبل ما أقدمت على جريمتها فبمجرد التوقيع على قرار نقل السفارة للقدس وضياع القدس الشرقية التى كنا ننتظرها عاصمة لدولة فلسطين حتى انهالت عشرات الأقلام العربية تشير إلى أن ترامب سبق له الاتفاق مع مصر والسعودية والأردن والإمارات على تلك الخطوة المنبوذة، قلت لكم إنهم يتركون الجمل سارحًا ويجلسون فى ظل الشجرة ممسكين بالحبل، تلك النُخب العربية التى تردد مثل ذلك الكلام الخاطىء هى مجرمة ولا تقل جريمتها عن جريمة توقيع ترامب على القرار، وهى نُخب جبانة أيضًا لا تقوى على قول جملة مفيدة فى مواجهة أمريكا وتستدير لتطعن بنصالها المسمومة أجساد هى الأقرب لهم ولكنهم يتنطعون.
عن مصر أقول لكم ما قاله مندوب مصر فى مجلس الأمن أكد الرجل هناك فى بلاد العم سام إن وضع القدس كمدينة محتلة لم ولن يتغير بعد القرار الأمريكي، معتبرًا أن له تأثيرات سلبية للغاية على مسار عملية السلام، هذه الكلمات لم يسمعها من بآذانهم صمم فى العديد من الدول العربية واختاروا أن يسيروا فى طريق الخيبة غير مبالين بشتيمة التاريخ لهم.
على كل حال الأزمة الآن على الطاولة ممددة وجاهزة للتشريح ومن يملك مشرط جراح موهوب ليتقدم، من يملك تصور غير السُباب والتخوين ليتقدم، فالأزمة تضرب بعمق لتُرسخ حالة الهوان العربى المتشظى المُتحارب مع نفسه.
ولأن الخريطة العربية ليست بعيدة عن خريطة البعض داخل مصر أشير هنا كمتظاهر قديم إلى أهمية فرز الصف فى أنشطة الاحتجاج سواء ضد قرار ترامب أوغيره، ذلك الفرز الذى نمتلك فيه بشجاعة نبذ الجهلة والمتلاسنين والمزايدين من تصدر المشهد، فبأى منطق نقرأ لبعضهم أن مؤذن الثورة كمال أبوعيطه وهو يهتف بالأزهر عقب صلاة الجمعة الماضية أن لولا تنسيق أبوعيطه مع الأمن ما هتف وأن كيمو أبوخالد هو أمنجي، هذا عيب وعار وفضيحة وأرد على هذا وذاك بكلمتين «قطع لسانك».
المعركة مازالت فى بداياتها والمشوار طويل وانتقاداتنا لبعضنا مهمة من أجل تصويب المسار، ربما ننجح مرة واحدة فى إعلاء كلمتنا لتعوضنا عن هزائمنا المتكررة.