الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

باحثة البادية.. وتحرير المرأة «13»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وعَدنا القارئ بمواصلة الحديث عن «التقاريظ» ولم نزل نلح على أهميتها البالغة فالذين قرظوا الكتاب هم بعض من خلاصة مفكرى ومثقفى ومستنيرى مصر ومما كتبوا نكاد نتعرف على أفكارهم ومعارفهم ومواقفهم وهو أمر مهم كى نعرف ونتعرف على أحوال مصر فى مطلع القرن العشرين ونبدأ الآن برسالة من فضيلة الأستاذ الجليل الشيخ عبدالعزيز جاويش، الذى يبدأ ملوحًا بعصاه فيقول «فإن أنا قلت كلمة فى النسائيات التى وضعتها السيدة الجليلة ملك حفنى فما أنا فاعل كما فعل المقرظون ولا متساهل تساهلهم [على عادتى قبلًا] فإننى تصفحت هذه المجالات الثمينة واستوعبتها درسًا وبحثًا فوجدت فيها من النصائح الأدبية والمسائل الاجتماعية ما لو بنيت عليها تربية البنت فى بلادنا لسلمت منازلنا من كثير من ضروب الشقاء الذى ابتلى به الشرقيون منذ أن تركوا تعاليم دينهم وانحرفوا عن الصراط السوى فى معاملاتهم»، ويقول «لقد وصفت السيدة الفاضلة أكثر عللنا الاجتماعية ومبلغ آثارها فى حياتنا المنزلية وشئوننا المدنية فكانت خير من يعتمد عليه فى تعرف شئونها» [صـ١٥٢]، ثم يقول لقد قرأت فيها «حقائق مُرة لا يليق بالمصرى الصبر عليها ولا يمكنه التبجح بإنكارها» ثم إذا بالشيخ يكشف الغطاء عن أفكاره الحقيقية فيقول «لقد كاد قلم قاسم أمين أن يجلب البلاء على المسلمين بما وضعه من الكتب فى موضوع المرأة لولا أن تنبهت لكتاباته القوى الإسلامية فجعلت تطارد تعاليمه وتحارب إرشاداته وإذا شئنا أن نضرب مثلًا للمجاهدات فى هذا الباب فإننا لا نجد أحسن من تلك السيدة الفاضلة التى بنت نصائحها على الإسلام وحرصت على تقاليد المسلمين» [صـ ١٥٣] ولا شك أن هذه العبارة كانت صادمة لملك حفنى ناصف خاصة أن مقدمة كتابها الذى كتبها أحمد لطفى السيد قد أكدت أن مسيرة باحثة البادية هى امتداد لمسيرة قاسم أمين. لكنها نشرت ملاحظات الشيخ جاويش بما فيها من انتقاده لها شخصيًا فهو يرفض قولها ازدراء الرجال للنساء وهو يحذرها من أن كتابها «الثمين» قد يترجم فكيف نبرر موقفنا أمام الغرب، ثم هو يحرضها أن تزيد فى هذا الباب بحثًا لتثبت أن ذلك كان فى زمن الجاهلية» [صـ١٥٤]. 
ثم تقريظ آخر من سعادة العالم أحمد بك زكى سكرتير ثانى مجلس الوزراء، يقول فيه: «لست بميال لإطراء الأفكار إذا تضمنتها بطون الدفاتر والأسفار، ذلك لأن الثمرة التى تتولد عن القرائح والأذهان، إذا جاء معها لقاح المدراك والإفهام، فإنها هى التى تنادى بنفسها على نفسها وتدعو الرأى العام إلى الحكم عليها أو الحكم لها» ثم يقول «كتب الأولين خالية تمامًا من هذه البدعة.. ثم ظهر التقريظ فاعتمد حملة الأقلام على مجاملة الأصدقاء والخلان، حينئذ تهافت الناس عليه تهافتا اختلط فيه الحابل بالنابل والغث بالثمين.. وهذا التهافت هو الذى أفسد الأذواق، فيتبدل النفاق بالنفاق وكسدت أسواق الأوراق» ثم يقول: «إنما يكون التقدم بهجر التقريظ ومقاطعته، والاعتماد على النقد الحقيقى الذى قرره العلماء فى أيام تقدم الإسلاميين، وهو الذى عول عليه جهابذة أوروبا فى هذا العصر، وذلك أن يعمل الكاتب على إظهار ما فى الكتاب من آيات الحسنات والبراعة مع الإشارة لما فيه من العيوب دون تحامل، ثم إذا به يأتى إلى ما هو أسوأ من التقريظ إذ بدأ بمديح غير علمى ولا موضوعى فيقول، رعى الله ذاك اليراع فقد برزت بهما تلك الفتاة فى مضمار الحياة وقد صاغت مقولاتها فتاة تمثل كمالًا لأبيها وكمالًا لزوجها وقد تعهد هذه البذرة وهذا الغرس الطيب وإيناع هذا الثمر الشهى الباسل «حفني» والمنصف الباسل [إنه تلاعب بين أسمى ناصف والباسل الأب والزوج] فأثبتت أن فى السويداء إناثًا يضار عن الرجال إذا هن أخذن بأسباب العلم والعمل النافع مع التمسك بالحشمة والكمال» ثم يقول «مرحى، مرحى بـ(ملكة)» ظهرت فى عالم الأنس بين النساء فأكبرها الرجال لأنها أعادت لنا ذلك العصر الذهبى الذى كانت فيه ذوات العصائب يناضلن أرباب العمائم من ميدان الكتابة والخطابة، ثم ولو لم يكن للسيدة «ملكة الباسل» سوى أنها أول من برزت فى هذه الأيام بحجابها وآدابها لإلقاء الخطب على أترابها لكفاها فخرًا فإن اسمها سيسجل فى «كتب الأوائل» إذ يقال إنها من المجتهدات المجددات لأنها أول من أعادت الخطابة إلى فريق النساء بعد أن انطمست معالم هذه السُنة وهى سُنة أخذها الغرب عن العرب فارتقى، وأهملها الشرق فانزوى وقعد بهن وبنا، وإحياء هذه السنة على يد هذه الفضلى هو الذى حدا بى إلى كتابة هذين السطرين لإطراء النساء لا لإطراء النسائيات فهو كتاب ينطق بنفسه لصاحبته». 
ونواصل لنطالع تقريظًا مطولًا للفاضل الشيخ حسين وإلى الأستاذ فى الأزهر ومدرسة القضاء الشرعى..