أين ابني يا بلد؟ تعبنا خلاص، قلبي وجعني خلاص، مش قادر، يا فخامة الرئيس أرجوك وأتوسل إليك، عايزين نعرف هو فين؟ أسرتنا تدمرت، أنا واثق فيك تمام الثقة وواثق في الجيش والشرطة، لو في احتمال 1% إن إحنا نلاقيه نجري وراء هذا الاحتمال، ربنا يرجعه بالسلامة ويثبته في موقعه!، كلمات أب موجوع اسمه الدكتور مهندس علاء الحايس، وكيل وزارة الاتصالات المصرية.
ثم تواصل زوجته الحاجة أمل أم النقيب محمد الحايس رسائل قاسية المعنى والمغزى قائلة: كل يوم كنت بحلم إن ابني فى ضيق وفى صحراء وظروفه صعبة، وكنت كل يوم بأدعى له وباقرأ القرآن علشان ربنا يرجعهولى، ثقتى كبيرة فى الرئيس لأن ده ابنه.
كنت أتابع بشغف هذه التصريحات والنداءات الممزوجة بالآهات والأنين، خاصة أن وزارة الداخلية أعلنت عدم تضمين اسم النقيب محمد الحايس ضمن قائمة شرف ضحايا أو مصابي هجوم الواحات، وظل الغموض يكتنف الأسئلة المشروعة من الأبوين وربما الشعب، هل الحايس عايش أم ميت؟ هل مختطف أم ضل طريقه في الصحراء؟ هل سنعثر عليه حيا أم ميتا؟ هل سنراه مرة ثانية لنشفي غليل وآهات وأنين أسرته أم لا؟ كيف تنام أسرته وهي لا تعلم عن ابنها شيئًا؟ كيف يصبحون وكيف يمسون؟
الإجابة ظلت مستترة محاطة بسرية تامة في جعبة الأجهزة الأمنية لمدة 13 يوما، حتى أعلنت عن معركة الثأر لشهداء الواجب الوطني، وتحرير النقيب محمد الحايس أحد أبطال معركة طريق الواحات المختطف على الحدود المصرية الليبية، وتم نقله إلى أحد المستشفيات العسكرية، لتلقى العلاج اللازم، إثر إصابته بطلق ناري في القدم، وبعد تحريره قام بإجراء إتصال هاتفي بوالده ليطمئنه عليه.
شن نسور القوات الجوية، مع عناصر من وزارة الداخلية، هجوما على منطقة اختباء العناصر الإرهابية على طريق الواحات بإحدى المناطق الجبلية غرب الفيوم، وأسفرت الضربات عن تدمير 3 عربات دفع رباعى محملة بكميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والمواد شديدة الانفجار، والقضاء على عدد كبير من العناصر الإرهابية، وما زالت القوات تمشط المنطقة "شبرا شبرا " للقضاء على العناصر الهاربة.
لم تكن نداءات وآهات الأبوين تمر مرور الكرام علي الرئيس السيسي أو الأجهزة الأمنية، فقد كانت نداءاتهم بمثابة دعوة واجبة التلبية، وصرخة حياة – لزم عليهم تطمينها - لأسرة تعيش تحت أنقاض مواجهة الإرهاب، يدمي قلبها على فراق ابنها التائه جثمانه وغير المعلوم مكانه، فالرئيس كان يتابع بنفسه تطورات الموقف دون أن يتحدث فيه للإعلام ولا لغيره، لدرجة أوهمت البعض أنه لا يبالي مما حدث، ولكن كعادته يصمت ليتكلم فعله، ويخرج إنجاز تحرير الحايس وتحويل أجسام الإرهابيين إلى أشلاء دون أن يفصح عن مقوماته وتخطيطاته.
لمن لا يعرف ظلت الأجهزة الأمنية "قوات مسلحة وداخلية " تعمل ليل نهار متواصلة، لن تغفل لها أعين، وما بين بحث وتنقيب وتتبع وتجهيز لمعركة الثأر، وما بين رغبة حقيقية لدى الدولة في استرداد حق الشهداء، دقت ساعة الانتقام بضرب ودك حصون الخلية الإرهابية، فكانت معركة النصر التي أتمني أن نستفيد من أخطائها.
حمد لله على السلامة يا حايس، وليهدأ بالكم، وتطمئن قلوبكم يا أسرة البطل.