الثلاثاء 07 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كَشاةٍ تُساق للذبح !

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كشاة تساق للذبح، كان هذا مصير السائق محمد جمال الدين بدير عثمان،  الذي اعترض أحد مسيرات جماعة الإخوان أمام المنطقة الأزهرية في المنصورة، الإثنين الماضي، لرغبته في المرور، ولرفض المتظاهرين مروره، قام بصدم إحدى المشاركات، ما دعا المتظاهرين للاعتداء عليه وذبحة وإشعال النيران في السيارة الأجرة التي كان يستقلها!

هكذا المتظاهرون من جماعة الإخوان، تتعامل مع المختلفين معها، وبدلا من توبيخه أو حتى تعنيفه على محاولات المرور بالقوة وسط المتظاهرين، كان مصيره هو الذبح والقتل وحرق سيارته دون أي احترام لإنسانيته، متجردين من القيم العليا للأديان والتي يرفع البعض منهم شعارات منها!
هذا الموقف ليس هو الأول من نوعه، حيث سبق وأن قامت مسيرات لجماعة الإخوان  بالتربص لسائق بالإسكندرية وتعذيبه حتى القتل وحرق سيارته نتيجة خلافه معهم بسبب غلق الطرق، ومن ثم كانت النتيجة هي سقوط مواطن نتيجة مظاهرة تعرف بـ"السلمية" ودفاعا عن ما يطلق عليه "الشرعية"!

صديق يعيش في لندن منذ عشرات السنوات أكد لي أن وزارة الداخلية تساهلت كثيرا مع مظاهرات جماعة الإخوان، منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي، لأنها لم تتعامل مع المسيرات بحزم، ففي انجلترا ورغم أنها من أكثر الدول تقدما واحتراما للحريات والتظاهر، إلا أن الشرطة لا تسمح بتكرار هذا النوع من المسيرات، وإنما تسمح فقط بالوقفات الاحتجاجية بعد إخطارها مسبقا بالمكان والموعد والتعرف على القيادات الداعية لهذه الوقفات، أما المسيرات فهي ممنوعة من أجل سلامة المرور وحفاظا على المتظاهرين وكذلك المواطنين.

هذا الموقف يوضح أن تكرار المسيرات وإنهاك البلاد لا يمكن اعتباره حقا من حقوق الإنسان او احتراما للحريات، فهناك مواطنين لديهم الحق في الحياة الآمنة وتوفير الأمان في الطرق، وهناك مواطنين يحصدون قوت يومهم من عمليات البيع، ومثل هذه المسيرات المتكررة تصطدم بهؤلاء، ومن ثم هناك حاجة لتنظيمها حتى لا تختلط الأمور وتصبح المظاهرات ساحة للتراشق والعنف.

الأرقام تؤكد أن هناك مئات من المصريين سقطوا نتيجة أعمال العنف من جانب المتظاهرين من جماعة الإخوان، ومن يشتبكون معهم من المواطنين، وهناك من يسقط قتيلا نتيجة خلافه مع هذه المسيرات التي تتكرر بشكل دائم وفي مختلف المناطق ودون أي التزام قانوني وسط خلط تام بين المسيرات والوقفات الاحتجاجية والمظاهرات لتخلق واقعا عشوائيا ينهش في الجسد المصري.

للأسف الأزمة قابلة للتفاقم وسط عجز الحكومة عن اتخاذ الإجراءات اللازمة، ووسط اختلاط المفاهيم وازدواجية المواقف وانتشار أصحاب الوجوه المتعددة ، ليصبح المواطن وحده فريسة لهذه الأفكار المشوشة في مناخ الغابة وسط غياب القانون، ويستمر نزيف المجتمع بعد أن يساق مواطنوه فردا تلو الآخر للذبح ظلما، دون أن يفتح أحد فمه!