عندما رحل الدكتور رفعت السعيد، القامة الفكرية الرفيعة أحد كبار رموز اليسار المصرى ومؤسس حزب «التجمع»، سارعت عناصر حركة الاشتراكيين الثوريين ومعهم ثلة من المهاويس، ينصبون سرادقات الشماتة، ويقيمون حفلات التشفى فى وفاة الرجل، على نحو فضح تجردهم من كل شعور إنسانى وكشف انحطاطهم وحقارة نفوسهم.
وفى فبراير من عام ٢٠١٥، أصدر التنظيم بيانًا أعلن فيه عداءه الصريح للمصريين وارتباطه الوثيق بجماعات الإرهاب، وذلك تعليقًا على توجيه القوات المسلحة المصرية ضربات جوية لمعاقل ومعسكرات الإرهابيين فى شرق ليبيا، ردًا على المذبحة التى ارتكبوها ضد ١٩ من المصريين المسيحيين.
وللتذكرة.. ردد التنظيم ما روجته أبواق الإرهاب المدعومة قطريًا، وفى مقدمتها قناة «الجزيرة»، بشأن استهداف الجيش المصرى للمدنيين الليبيين ووصف كل من الرئيس عبدالفتاح السيسى والمشير خليفة حفتر بالسفاحين، ودعا للثورة عليهما كونهما يمثلان الثورة المضادة، وجاء هذا البيان ليضع النقاط فوق الأحرف بشأن علاقة هذا التنظيم المحظور رسميًا بجماعة الإخوان الإرهابية وشركائها فى دعم الإرهاب، وعلى رأسهم دويلة قطر، وليغلق الباب فى وجه كل متحفظ على إلصاق تهمة الإرهاب بالاشتراكيين الثوريين، أو مشكك فى ارتباطهم بجماعات العنف وتلقيهم دعمًا من تنظيم الإخوان الإرهابي.
قبل أيام وبينما اقشعرت أبدان المصريين من رفع أعلام الشواذ فى سماء التجمع الخامس خرج تنظيم «الاشتراكيين الثوريين»، ليؤكد مجددا انفصاله عن قيم وثقافة المجتمع المصرى؛ فأصدر بيانًا صادمًا تبجح فيه بتضامنه مع حق الشواذ جنسيًا فى التعبير عن أنفسهم، والإعلان عن هويتهم الجنسية بل ورفع رايتهم فى وجه الجميع.
واعتبر التنظيم المحظور أن النضال من أجل حرية الشذوذ الجنسى أو ما يسميها بـ«الحق فى التنوع» جزءًا لا يتجزأ من النضال فى سبيل الحريات السياسية والاجتماعية العامة.
ولم ينس كاتب البيان فى سياق تأصيله الموقف الداعم للمثليين جنسيًا، أن يشير إلى ما سماها: سياسات الإفقار وممارسات سلطات القمع وتخلى النظام الحالى عن أراضٍ مصرية لدول الخليج لتكون بمثابة غطاء سياسى للدفاع عن حق الشواذ فى رفع «علم التنوع».
المعروف أن «تابوه الجنس» أول ما تستهدفه بعض التنظيمات اليسارية أثناء عملية تجنيد العناصر الجديدة؛ حيث يتم تحطيم كل المفاهيم والقيم الاجتماعية حول العلاقات الجنسية سواءً بين الشباب والفتيات أو حتى بين المثليين من الجنسين، والهدف الرئيسى من تلك العملية سهولة إقناع الشاب أو الفتاة بأى فكرة سياسية أو اجتماعية خارجة عن السياق العام.
فالثورة تبدأ أولا بتحطيم «تابوه الجنس»، ويليه الدين لتنتقل بعد ذلك إلى «تابوهات السياسة»، لذلك تتسم حركة تلك التنظيمات بالعنف؛ فقد تم تغذية شبابها بأفكار ومفاهيم معادية لكل ما نشأ عليه فى محيطه المجتمعى، شأنه فى ذلك شأن شباب جماعات الإرهاب الإسلامي، فهو أيضًا له طرقه لممارسة العنف والإرهاب.
يفسر هذه الحالة سير تنظيم الاشتراكيين الثوريين فى ركاب جماعة الإخوان الإرهابية كتابع، فهم وعلى الرغم من مستوى الكراهية التى فى نفوسهم، وعنف ودموية الأفكار التى تحركهم؛ فإنهم لا يترجمون هذا العنف إلى سلوك إرهابى بالمعنى المباشر، ولكن بإثارة أجواء العنف والفوضى والتحريض عليها.
جسد إرهاب الاشتراكيين الثوريين، القيادى بالحركة «سامح نجيب»، فى مطلع عام ٢٠١٢، عندما دعا خلال ندوة عامة إلى تحريض النوبيين والمسيحيين وسكان العشوائيات على أعمال العنف والتخريب، وتحريض صغار الجنود بالجيش والشرطة وضباط الصف ضد قياداتهم، بحيث يتم هدم الدولة والمجتمع كليًا ثم يعاد بناؤه على أسس جديدة.
هؤلاء إرهابيون شواذ بالنسبة للقيم المستقرة فى مجتمعنا، وعار أن ينتسبوا لليسار المصرى، هذا التيار الكبير بتأثيراته السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والعريق برموزه ومفكريه، وقد آن الأوان لاعتبار عناصر هذا التنظيم من خوارج اليسار المصري.