الأربعاء 23 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

الغزل السياسي بين الإخوان وإيران

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لم يكن الغزل بينهما من طرف واحد، فالإخوان لا يضيعون فرصة إلا وتغزلوا فيها بإيران وسياستها، وكذلك كانت إيران تفعل، ففي موضوع محطات «البرنامج النووي الإيراني» المستأنف تخصيبه، والذي يثير حالة قلق في المجتمع الدولي، وقف الإخوان بكل قوة للدفاع عن إيران، يقدمون لها المبررات؛ وكأنها لا تمثل أي وجه من أوجه الخطورة على المنطقة، أو كأن إيران دولة من الحمائم لا تسعى إلى التوسع على حساب منطقة الخليج كلها، حتى أن مهدي عاكف، مرشد الجماعة، أدلى في جريدة النهار الكويتية بتصريح قال فيه عن البرنامج النووي الإيراني وهل يؤثر على أمن الخليج: “,”هذا البرنامج من حقهم، حتى ولو كان قنبلة نووية، فهذا حقهم“,”.
وقال أيضًا: “,”وفيما يخص المد الشيعي أرى أنه لا مانع في ذلك، فعندنا 56 دولة في منظمة المؤتمر الإسلامي سنية، فلماذا التخوف من إيران، وهي الدولة الوحيدة في العالم الشيعية؟“,”.
يُفصح مهدي عاكف هنا عن الضمير المستتر في الجماعة، ضميرها الذي لا يرى غضاضة في أن يمارس الشيعة نشاطًا يستهدف نشر مذاهب الطوائف الشيعية وسط أهل السنة، ولِمَ لا والمرشد الأول حسن البنا استطاع أن يقدم الشيخ الشيعي “,”محمد تقي القمي“,” للشيخ محمود شلتوت، الذي أصبح فيما بعد شيخًا للأزهر؟ ولم لا والشيخ شلتوت أصدر فتواه بجواز أن يتعبد أهل السنة لله من خلال مذهب «الإمامية الإثنا عشرية» الشيعي؟ مع ما فيه من مآخذ عقائدية أبسطها القول بعصمة الأئمة وكونهم في مرتبة تلي مرتبة النبوة؛ إذ تؤمن فرق الشيعة بوجود إمام يرث العلم عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، هذا الإمام هو المسئول -في عقيدتهم- عن قيادة الأمة كلها بتكليف ليس من أحد من بني البشر، ولكن تكليفه هنا من الله عز وجل مباشرة. ومن أصول عقيدتهم التي ليس فيها تفريط أن هذا الإمام يكون معصومًا عن الخطأ، منزهًا، لا يأتيه الباطل ولا يقترب منه قيد أنملة، هو أعلى من كل البشر، بل أعلى من الأنبياء سوى الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن أجل أنه معصوم، وهو الذي يقوم بتبليغ الأمة دينها؛ فإن هذا يقتضي استمرار الوحي وفقًا لبعض مذاهبهم. وفي مذهب الإمامية يقولون إن الأئمة منحهم الله سبحانه علمًا لدنيًّا مثل العلم الذي كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويُختار الإمام من قبل الله عز وجل لا بواسطة الناس، ويوصي كل إمام بالإمام الذي يليه، والأئمة بعد النبي صلى الله عليه وآله اثنا عشر من أهل بيته، أولهم سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وآخرهم الإمام المهدي المنتظر، محمد بن الحسن العسكري، وهو باق منذ ولادته إلى يومنا هذا، غير أنه اختفى عندما دخل في سرداب.
لا يجد الإخوان غضاضة في أن ينتشر هذا المذهب الشيعي بين أهل السنة، وفقًا لمرشدهم مهدي عاكف، خاصة وأنهم أعطوا -أي الإخوان- لحسن البنا منزلة شبيهة بمنزلة الإمام المعصوم.. حسن البنا عندهم إمام مُلهم لم يقع في خطأ في حياته قط، كما قال نجله أحمد سيف الإسلام حسن البنا في حوار له بجريدة «المصري اليوم» في يونيو من عام 2011، ونفس القول تجده يتردد في أدبيات الإخوان، بل إن هذه الجماعة احتفت بتاريخ البنا ورسائله وحياته وحركاته وسكناته، ولم تحتفِ بالرسول صلى الله عليه وسلم ولو بمقدار العشر!!
وكان لا بد وأن تردّ إيران الهدية للإخوان، فبعد قيام الثورة المصرية الحديثة، وقبل أسبوع من سقوط مبارك، وقف السيد علي الخامنئي على منبر خطبة الجمعة في الرابع من فبراير 2011، وأخذ يصول ويجول متحدثًا عن الثورة المصرية، مشبهًا إياها بالثورة الإسلامية ضد شاه إيران. أعطى خامنئي وصف “,”الإسلامية“,” للثورة المصرية، رغم أنها كانت ثورة الجميع لا ثورة فصيل بعينه، وكأنه من منبره كان يعطي إشارة البدء للجماعة الإخوانية حتى تستولي على هذه الثورة، والغريب أنه بعد هذه الخطبة مباشرة وقفت الجماعة الإخوانية موقفًا غريبًا من الثورة؛ إذ تركت الميادين وذهبت لتتفاوض مع السيد/ عمر سليمان، ومن بعدها رسمت الجماعة خطواتها لالتهام الثورة، ثم نسبتها لنفسها، واعتبرت كل من يعارض الإخوان من الفلول.