ليس من المقبول أن تتخاذل نقابة الصحفيين عن القيام بالدور المنوط بها فى الحرب على الإرهاب التى تخوضها الدولة المصرية على مختلف الأصعدة.
وإذا كانت أجهزة الدولة الأمنية مطالبة باليقظة ورفع مستوى جاهزيتها، فإن باقى المؤسسات المدنية مدعوة أيضا للانخراط فى تلك الحرب، بهدف تأمين تماسك الجبهة الداخلية.
أولى ساحات المواجهة الداخلية الرأى العام الذى ينبغى حمايته من البلبلة عبر نشر الشائعات وتدليس المواقف بإعطاء انطباعات كاذبة، إن انشقت مؤسسة ما عن الصف، وسمحت بظهور أعضاء ينتمون لها، يرفعون لافتات الجماعة داخل مقارها ويتحدثون باسمها لوسائل إعلام إخوانية تمولها الدوحة وتبثها أنقرة.
نقابة الصحفيين، باعتبارها نقابة الرأى الأولى، أولى المؤسسات المعنية بحماية الجبهة الداخلية، خصوصا أن سلمها مستهدف من قبل الجماعة الإرهابية والتنظيمات الرديفة لها (الاشتراكيون الثوريون، ٦ إبريل، بعض الجماعات الفوضوية)، ذلك أن اجتماعهم على سلم النقابة ولو كان بالعشرات يعطى انطباعا زائفا بأنهم يعبرون عن غالبية الجماعة الصحفية، ويكرس ذلك الانطباع انضمام بعضهم وبصفتهم الصحفية إلى الجبهات المسماة «ثورية» التى تدشنها جماعة الإخوان، ثم مشاركتهم بمداخلات هاتفية على الشاشات الإرهابية مثل «الجزيرة» و«مكملين» و«الشرق».. إلخ.
ليس من المنطقى أن تتخذ الدولة إجراءات ضد بعض المواقع الصحفية التى تبث أكاذيب الإخوان، ثم تنضم إلى السعودية والإمارات والبحرين فى حلف رباعى لمقاطعة دويلة قطر الراعية للإرهاب وحاضنة جماعة الإخوان، وفى المقابل تتقاعس نقابة الصحفيين وتترك أعضاءها المارقين ينضمون للجماعة، ويدافعون عنها، ويطلبون الحرية لإرهابييها المحتجزين فى السجون.
كان أولى بالنقابة أن تبادر -بوصفها المسئول- بمراقبة مدى التزام أبنائها بميثاق الشرف الصحفى، واتخاذ خطوات شجاعة ضد مواقع الفتنة.
كلنا يعرف أن تلك المواقع تمول خارجيا، وتدفع رواتب سخية، رغم ضعف سوق الإعلانات فى مصر، ومع ذلك لم يكن لأحد أن يتخذ قرارا بحجبها، لولا أنها دأبت على نشر الأكاذيب والشائعات، بهدف إحداث البلبلة والفوضى.
أعلم أن أغلب أعضاء مجلس النقابة قد عانوا من مزايدات تحالف الإخوان اليساريين، ويخشون فزاعة حرية الرأى والتعبير، لكن هذا لا يعنى تخاذلهم عن الموقف النقابى الصحيح الذى يخدم قضية الوطن. وفارق كبير بين حرية النقد والمعارضة بلا أسقف، وحرية الدعوة للفوضى وإسقاط الدولة، المطلوب من النقابة تبنى مبادرة تجرم التطبيع مع العدو الإخوانى، بالتضامن مع باقى النقابات المهنية، وبالطبع لا يعنى هذا -كما اعتقد بعض الزملاء- تجميد أو شطب عضوية عشرات الصحفيين ممن ينتمون للجماعة الإرهابية. ومن المفترض أن الجميع سواء فى الحقوق والواجبات، ولا ينظر لأى عضو باعتباره إخوانيا أو ناصريا أو ليبراليا، الكل يخضع لمظلة النقابة وميثاق شرفها، وما دام أن العضو حتى لو كان إخوانيا لم يشارك فى أى عمل عدائى ضد الدولة، فهو آمن ويحتفظ بكامل حقوقه.
ومن أشكال التطبيع الانضمام إلى جبهة أو كيان مناوئ، والتحريض على الفوضى والعنف والقتل، سواء فى تظاهرة على سلم النقابة أو عبر مواقع التواصل الاجتماعى.
ومن أوجه التطبيع أيضا الظهور على القنوات الإخوانية، ولو بمداخله هاتفية، والعمل كمراسل لأى من الفضائيات أو الصحف أو المواقع الإرهابية. وهنا يأتى دور النقابة فى تسمية تلك المحطات والصحف والمواقع على سبيل التحديد، وللجمعية العمومية أن تناقش العقوبات الواجبة لمن يرتكب جريمة التطبيع بحسب درجة الجرم، ويسرى ذلك على جميع أعضاء النقابة، وليس فقط المعروفين بانتمائهم للجماعة الإرهابية.
إن تبنّى نقابة الصحفيين موقفا كهذا يبرئ ساحتها من تهمة التخاذل عن الحرب الضروس التى يراق فيها الدم المصرى بيد إخوانية خائنة.