الخميس 05 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

سيناء.. والجيش.. وأنفاق الإخوان..!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هذا الصمت الرسمي من الجانب الأمريكي على جرائم جماعة الإخوان المسلمين، بدءًا من اعتدائها الصارخ على كل قيم الديمقراطية؛ عبر صناعة دستور يطعن قيم الحضارة الإنسانية في مقتل، ويكرس السلطة بين يديها، وصولاً إلى قتل المتظاهرين السلميين واستهدافهم على أعتاب القصر الرئاسي، ثم مركزها العام بالمقطم، وبين ذلك جميع ميادين الثورة، لا يمكن أن يكون هذا الصمت دون ثمن قبلت الجماعة أن تدفعه، ولكن على حساب الدولة المصرية.
وكلنا يذكر كيف كانت تنتصب الإدارة الأمريكية لإدانة النظام السابق كلما كشف النقاب عن انتهاك لحقوق الإنسان هنا أو هناك.
ولا أبرئ ذاك النظام الذي رحل من جرائمه، ولكن أيضًا لا أظن أن عاقلاً يرى وجهًا للمقارنة بين النظامين في خرق أبسط قيم حقوق الإنسان؛ فالنظام الإخواني يرتكب جرائم حرب ضد المصريين بأبشع -بل وبأوقح- صورها، ويكفي دعوات قادته لشباب الجماعة بالاستشهاد في سبيل الدفاع عن مقر المقطم، ودعوات أذنابها لحرق مدينة الإنتاج الإعلامي، بينما هي تبارك هذا الإرهاب بإطلاق التبريرات الرخيصة.
وظني أن الأيام تكشف ذلك الثمن الذي طلبته الولايات المتحدة من عناصر جماعة الإخوان المسلمين منذ بدأ الحديث معهم أثناء الانتفاضة المصرية في 25 يناير 2011م، وهو الثمن الذي حاولت طوال السنوات الماضية أن تفرضه على النظام السابق، لكن المؤسسات الوطنية للدولة المصرية ظلت سدًّا منيعًا في وجهه.
ولا أزعم أن لدي معلومات دقيقة بشأن طلبات الإدارة الأمريكية من جماعة الإخوان، لكن أستطيع أن أقرأ عناوين عامة تدور جميعها حول هدف أساسي، وهو خرق منظومة الأمن القومي، وإنهاك المؤسسة العسكرية المصرية، وإغراقها فيما يشبه حرب عصابات في شبه جزيرة سيناء.
صحيح أنه لم تصدر تأكيدات رسمية بعد بشأن تورط عناصر حماسية في جريمة قتل 16 من خيرة جنودنا على الحدود، إلا أن هذه المعلومات تشير إلى تلك العناوين، خاصة لو وضعنا إلى جانبها قيام العصابات الفلسطينية بتهريب أثواب وأقمشة تخص الزي العسكري للجيش المصري عبر الأنفاق الإخوانية.
وفي رأيي أنه لا يمكن أن ننسب تلك الأنفاق إلا لجماعة الإخوان المسلمين؛ لأن فرعها في غزة -أعني حركة حماس- هو من أشرف على حفرها وقام بإداراتها، بل إن قادة حماس يجمعون الضرائب والجبايات على كل ما يهرب من خلالها، حتى لو كانت المعونات الغذائية والدوائية لأشقائنا في قطاع غزة.
وقبل أن أذهب الى هذا المشهد الافتتاحي لتلك المؤامرة التي تستهدف أمن الوطن؛ نشير إلى محاصرة الجيش المصري عبر تشتيت جهوده بفتح أبواب التهريب للسلاح والمخدرات من كل صوب وحدب، ناهيك عن شغله بتفاصيل اعتبارات الأمن القومي الداخلي بهذه الفوضى الأمنية العارمة، وأثناء ذلك كله تتم عمليات التسلل بتهريب ربما ما هو أخطر من أثواب الزي العسكري.
ومن المهم هنا أن نتأمل المشهد الافتتاحي، وهو حفر ما يقارب من 1500 نفق، وكان ذلك قبل سنوات قليلة؛ بحجة فك الحصار عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
فقد صدق المصريون الطيبون تلك الادعاءات، وراحو يرسلون آلاف الأطنان من المعونات الغذائية والدوائية، متبرعين لا متاجرين، ولم يعلموا أن أباطرة الأنفاق من قادة حماس كانوا يفرضون رسومًا باهظة على تلك المعونات؛ لتباع بأضعاف أثمانها للفلسطينين المحاصرين، الأكثر من هذا أن أجهزة الأمن المصري رصدت في حينها تهريب أفخر أنواع السيارات، وبعض الحيوانات البرية؛ بغرض الاقتناء من أثرياء الأنفاق من قادة حماس، بل ورصدت تهريب أفخم أنواع “,”الشيكولاتة“,” بما قيمته 17 مليون دولار خلال ستة أشهر فقط!
ولا أعتقد أن شعبًا محاصرًا ومحتلاًّ يحتاج إلى هذا النوع من السلع الترفيهية، بل إن الأنفاق قد شهدت أيضًا تهريب الأقراص المخدرة ومختلف أنواع السلاح ذهابًا وإيابًا.
ومن أجل ذلك كله، وحرصًا على اعتبارات الأمن القومي المصري، شرعت القوات المسلحة في تنفيذ مشروع لهدم تلك الأنفاق، لكن المعارضة المصرية ما لبثت أن انتفضت لمهاجمة النظام آنذاك، واعتبرت المشروع خيانة للقضية الفلسطينية، ووصفت ما تقوم به القوات المسلحة بأنه بناء لجدار العار الفولاذي لإطباق الحصار على الفلسطينيين.
وأثناء ذلك تعرضت الدولة المصرية لحرب دعائية بشعة، أعتقد أن النظام السابق قد خسرها؛ بسبب فشله السياسي بشكل عام، رغم قوة موقفه وعدل قضيته. فقد قاد البريطاني “,”جورج جالوي“,” قافلة كان ظاهرها دعم الفلسطينيين وباطنها إحراج الدولة المصرية؛ لإجبارها على وقف مشروع هدم الأنفاق، وكانت القافلة بدعم قطري وتركي، وشارك فيها أوروبيون من أصل عربي، معظمهم ينتمون لتيارات الإسلام السياسي في أوروبا، ودعمتها منظمات أمريكية وأوروبية كان بعض أعضائها يحملون الجنسية الإسرائيلية.
وقتها تابعت الموضوع بشكل صحفي، وكنت شاهدًا على اجتماع عقد في إحدى المنظمات الحقوقية بالقاهرة، طالب فيه بعض قادة المعارضة اليسارية تلك المنظمات بالانضمام معهم في مظاهرات حاشدة أمام وزارة الخارجية؛ لإحراج الدولة والضغط عليها من أجل فتح معبر رفح. وتجاهلت قوى المعارضة المصرية -وفي القلب منها الإخوان المسلمون والناصريون والشيوعيون- حقيقة واضحة وضوح الشمس، وهي أن معبر رفح غير مهيئ سوى لعبور الأفراد لا شاحنات جالوي أو غيره.
ولم يخرج هتاف واحد، سواء من المنظمات الدولية أو المصرية المعارضة، يستهدف الضغط على إسرائيل، التي تغلق ست معابر مؤهلة لعبور شاحنات البضائع. غفل الجميع عن إسرائيل عمدًا. وفي المقابل اختار جالوي أن يتحدى الإدارة المصرية، ورفض اقتراحًا لن يسلك طريقًا آخر غير البحر المتوسط؛ لتصل معوناته إلى الشعب الفلسطيني، وانتهى الموقف بقيام سائق تركي باقتحام بوابات ميناء العريش وتحطيمه؛ ليبدأ أعضاء قافلته الهجوم على قوات الأمن المصرية. وأنهى البريطاني جالوي مهمته بسب مصر والمصريين.
ومرت الأيام ليتكشف أمام الجميع أن الوظيفة الرئيسية لأنفاق الإخوان ليست لدعم الشعب المحاصر، وإنما النيل من أمن الوطن، وها هي المعارضة المدنية -غير الإسلامية- تؤيد إجراءات الجيش نحو هدم الأنفاق، وإن كان بعضها لا يزال يعرب عن هذا الموقف على استحياء.
أما الإخوان فقد خيم عليهم الصمت، فلا هم يستطيعون معارضة إجراءات الجيش، ولا هم قادرون على تأييدها.
لكن يبقى أن نطرح بعض التساؤلات، لا سيما بعد لقاء المرشد العام للجماعة (محمد بديع) مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس (خالد مشعل)، في نفس الأسبوع الذي ضبطت فيه أول محاولة لتهريب أثواب الزي العسكري للجيش المصري..
فترى كيف يخطط الإخوان في مصر وغزة للإبقاء على أنفاقهم؟ وما هي البدائل التي يتباحثون بشأنها لمواجهة إجراءات الجيش المصري في سيناء؟ وهل هناك ما يدبر بليل من قيام بعمليات جديدة تستهدف جنودنا وضباطنا؟ خاصة أن الجيش المصري هو الجيش العربي الوحيد الذي لا يزال يحتفظ بكامل قدراته، فيما النوايا الأمريكية والإسرائيلية تتجه نحو محاولات إضعافه وتفكيكه بأيادٍ داخلية، كما يحدث في سوريا حاليًّا.
وفي حال تم تفتيت الجيش المصري -لا سمح الله- سنشهد تسوية للقضية الفلسطينية، يرضى عنها الإخوان في مصر وغزة، والإسرائيليون في تل أبيب.
أخيرًا.. أتصور أن النظام الذي يقتل شعبه بدم بارد، ويسخِّر وزارة داخليته لهذا الغرض، ويترك الفوضى تعم أرجاء البلاد؛ ليس بعيدًا عليه أن يرتكب كبيرة الكبائر في حق الوطن.