ليس أسوء من تنظيم الإخوان الإرهابي إلا أحلافه وأذنابه من مدعي الثورية، والمطالبة بإقامة الدولة المدنية الحديثة فالتنظيم المحظور بات عنوانا واضحا لأعداء الوطن، جينرالات التخلف والدم. بينما أحلافه الثوريون لا يزالون يمارسون ألعيبهم القديمة في خداع المصريين، ولكن هذه المرة تحت غطاء التنوير والتسامح والعمل الدؤب من أجل العدالة الاجتماعية.
الاشتركيون الثوريون، و6 أبريل، وما حولهم من أعنيهم، وهم من صاغوا هذا الشعار "أحيانا مع الاخوان.. دائمًا ضد الدولة" وإن كان الواقع يؤكد حقيقة أخرى وهي أنهم دائمًا في صف الإخوان ضد الدولة.
ورغم ما يبدو من تناقض فكري وسياسي بين المحظورة وحلفائها الثوريين، إلا أن العمل في جحور معتمة والسعي لتفكيك الدولة والمجتمع، وإعلاء كلمة الفوضى، قواسم مشتركة تجمع بينهم، ناهيك عن اعتقاد كل منهم أنه مالك الحقيقة الذي لا يأتيه الزلل أبدا. وحق على الناس اتباع كتابه المقدس، فللإخوان رؤيتهم للدين التي لا يرضون سواها بديلاً وكأنها دين في حد ذاتها، وللإشتراكيين الثوريين كتاب نبيهم تروتسكي "الثورة الدائمة" الذي لا يختلف كثيرًا عن كتاب 6 إبرايل وحواريها "الفوضى المستدامة" الذي أوحى لهم به الأههم القابع في أجهزة المخابرات الأمريكية والتركية والقطرية.
هنا مربط الفرس أو بالأحرى مربط بهائم الفوضى التي تحركها أموال التنظيم الدولي الإرهابي وعناصر أجهزة الاستخبارات.
هذا التحالف العفن بين الشيوعين والإخوان المسلمين و6 أبرايل ليس بجديد فكلنا يذكر موضة النقابات العمالية المستقلة التي تحالف بها الاشتراكيون الثوريون مع عناصر "المحظورة" ثم تحالفت الأخيرة مع عناصر في موجة الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في السنوات السابقة على انتفاضة 25 يناير.
الفائز دائمًا كان التنظيم الإرهابي. فلطالما وجّه صفعات الخيانة والغدر لحلفاء الفوضى في كل تحرك جمعهم.
ولنا في السنوات الثلاث الماضية المثل الواضح، عندما خان الإخوان أذنابهم وقالوا إن الشرعية للبرلمان وليس للميدان، وعندما وصلوا إلى سدته الحكم نكلوا بهم وخونوهم، بل وقتلوهم.
لكن تبقى حقيقة دامغة، وهي أن محرك أدوات الفوضى الأساسي يجمع هذه العرائس أو يفرقها حسب طبيعة الظروف السياسية.
ولأن التنظيم الإرهابي كان الفرس الرابح والقادر دائمًا على الفعل الرئيسي في عملية الفوضى قام بدعمه المستمر مذ كان جالسا على عرش المحروسة إلى اليوم بعد أن خلع عنه بقوة ثورة الثلاثين من يونيو .
ولأن هذا المحرك الرئيسي وأقصد به عناصر الاستخبارات الأمريكية هو المتحكم في كل أطراف الفوضى كان من الطبيعي أن يوجه عناصر تنظيم الاشتراكيين الثوريين أثناء فترة حكم المجلس العسكري السابق، نحو ارتكاب عمليات العنف المنظم مدعومين بالطبع بمليشيات 6 أبريل، ليدفعو المجتمع دفعا لاختيار تنظيم الإخوان كونه بديلًا للحزب الوطني القادر على إعادة الاستقرار وفق ما كان يعتقد غالبية المصريين وقتها واستغلال لضعف وتخاذل وخيبة ما تسمى نفسها أحزابًا مدنية
فكانت أحداث محمد محمود الأولى والثانية، ورفعت حينها ميلشيات الفوضى شعار "خلتك سلمية ماتت" وانتشرت عناصرها في منطقة وسط البلد تدعو لحمل السلاح في مواجهة قوات الجيش والشرطة.
وفي نفس التوقيت خرج القيادي بتنظيم الاشتراكيين الثوريين سامح نجيب، بدعوته إلى العمل على هدم الجيش والشرطة بتجنيد صغار الضباط والجنود لحركة ثورية تضم شرائح مختلفة من المجتمع يتم تقسيمها على أساس عرقي وديني وثقافي بعد أيام قلائل عقد فيه التخفيف من وقاحة دعوات قياديه البارز نجيب .
في هذا السياق لم يكن مستغربا أن تتولى واحدة من أهم قيادات الاشتراكيين الثوريين مهمة صياغة البرنامج الانتخابي للمرشح الرئاسي عبدالمنعم أبوالفتوح كونه أحد القيادات الإخوانية وأعني دكتورة رباب المهدي، فعلى رغم أن السياق السياسي المنطقي يقضي بأن تتجهه المهدي لدعم حمدين صباحي الذي ينتمي للفكر اليساري، إلا أنها اتجهت لدعم أبوالفتوح أحد قادة الفوضى طبقا للسياق الذي رسمه ذلك المحرك الخارجي، لذلك كان من الطبيعي أن تدعم المرشح المطروح للتنظيم الإرهابي محمد مرسي، ثم تكون بعد ذلك من داعمي "الشرعية في إنقلاب 3 يوليو". كما تعتقد هي.
بعد فشل تنظيم الاشتراكيين الثوريين اتجه مؤخرًا لتأسيس ما تعرف بحركة "الخماسين" ولهذا الإسم دلالة مرتبطة بإثارة غبار العنف والفوضى مجددا فهو نسبة لرياح الخماسين المتربة التي تهب على المحروسة مع نهايات الربيع وبداية الصيف.
لا يزال "الخماسين" تنظيمًا سريًا تعمل عناصره على بنائه وهيكلته ربما استعدادًا لإثارة عواصف من العنف والفوضى مع حلول 25 يناير 2014 في إطار عملهم ضمن خطة الإخوان لهدم الدولة، قد يبدو تحركهم منفصلًا عن تحركات التنظيم الإرهابي لكن يبقى أن المحرك والممول واحد.