سنة واحدة قضاها الإخوان على كرسى رئاسة مصر كانت كفيلة بأن تظهر حقيقة أناس كثيرين، ظلوا مختبئين وراء قناع الصمت طوال فترة حكم مبارك، وكان لفئة الفنانين فى هذه المسألة نصيب من حيث العدد، ولكنه صادم بالنسبة للجمهور بصفة عامة ولشخص كاتب هذا المقال بصفة خاصة، كان أقل وصف للتحولات بأنها «ميوعة وطنية»، اتخذها البعض سلاحا، خصوصا الشخصيات التى ظلت تنفخ فى بوق الإخوان طوال حكمهم، يلتقون قياداتهم ويحاولون إفساح الطريق لدخول أصدقاء لهم لتكتمل «جوقة» العازفين على أوتار أغنيات الرحمة والحكمة والصبر التى تتمتع بها تلك الجماعة الإرهابية.
أنا هنا لست ممن ينبشون خلف انتماءات بعض هؤلاء الفنانين أو فضح أسمائهم، فلكل إنسان حريته الشخصية فيما يعتقد وفيما يختار، لكن فقط تذكرت بعد مرور ٤ سنوات على ثورة ٣٠ يونيو التى قضت على مصطلح «الميوعة الوطنية» ووضعت الشعب بكل اختلافاته وميوله السياسية فى كفة واحدة وهى «مصر». تذكرت فقط أحد الفنانين الذين كشفت الأحداث السياسية التى مرت بها مصر حقيقة انتماءاتهم السياسية.
سألنى ذلك الفنان فى أعقاب ثورة ٣٠ يونيو متهكمًا: هل تعتقد أن الإخوان سيرضخون بسهولة؟ فأجبته: بالطبع لا، ولكننى لا أخشى على مصر منهم، فقط أخشى عليها ممن ظلوا عبيدًا لميوعتهم الوطنية، فاستطرد قائلًا: أنا لست منهم ومواقفى واضحة من البداية، فقلت له: وأنا لا أتهمك بأنك منهم، فقط أذكرك بكلامك عن مبارك قبل ٢٥ يناير وبعدها، فقال: لم أكن أعلم أنه سيسقط بسهولة، فقلت له: ونحن أيضًا لم نكن نعلم أن الإخوان سيسقطون بسهولة، لينتهى النقاش وتنكشف ميوعته الوطنية ويعود مرة أخرى حبيس الصمت نائمًا على سرير من الشوك داخل عنبر «الخلايا النائمة».