بعد كل ما نراه من حروب وتحديات ومؤامرات دولية ومحلية وما نراه داخل محيط عملنا من تحديات من أنفسنا وممن يحيطون بنا وداخل مجتمعنا من تقلص الشعور بالمودة والحب واستشراء الشعور بالشك وعدم الأمان وفقدان للمثل الأعلى والأخلاق وقلة الثقافة وتطوير الذات والبعد عن القراءة والسطحية فى تناول أمور الدين.
أصبح من أجمل ما يمكن أن تنجزه فى حياتك تفوقك على ما يحيط حياتك بالخطر سواء داخل عملك أم فى محيط معيشتك، أم فى أسلوب معيشتك نفسها باستخدام العقل والذكاء والتفوق الذهنى الذى يتفوق على التفوق البدني.
إن الحياة مليئة بالوحوش المفترسة، فنجد وحوشًا فى العمل يتصارعون على لقمة العيش ووحوشًا فى محيط الحياة الاجتماعية يتصارعون على درجه الأهمية داخل العائلة وآخرين يتصارعون بلا أسباب لمجرد الاعتياد على الصراعات ومن باب تدريب الذات وقلة حب الآخر.
نعيش فى زمن لا بد من أن نجعل كفة العقل بميزان الحياة الكفة الأثقل لنعبر بذكائنا من صعوبات التحدى، فالتحدى يواجهنا فى اليوم مئات المرات، فنتحدى أنفسنا والآخرين وربما كان التحدى الأعظم والأصعب تحدى النفس.
أيضًا على مستوى الأوطان، نجد أن تحديات العصر أصبحت تواجه أوطاننا آلاف المرات فى اليوم الواحد، وأصبحت الوحوش الضارية تتصارع على الأضعف لتأكله، وأصبح العدو متلونًا ومتخفيًا، فلا تعرفه كسابق العهد من لونه أو عرقه أو لغته.
سواء كان التحدى لأفراد أم لأوطان كان ولا بد من أن نستخدم العقل والحكمة والذكاء لكى نعبر بسلام حياة أصبحت كالمعركة التى لا توجد بها هدنة وأصبحت النتائج الخسارة دائما، فلا يوجد فائز فى زمننا هذا.
إن الثعالب الماكرة تطوف وتطوف، لتفترس من يقع ولن تشبع تلك الثعالب ولن تكل.
ادعموا أنفسكم وكونوا أذكياء، لكى لا تفترسكم الثعالب.
فى ليلة مقمرة، كان الثعلب الجائع يطوف خلسة حول بيت فى مزرعة بحثًا عن فريسة.. وأخيرًا.. وبعد طول معاناة، قابلته هرة صغيرة، فقال لها: لست وجبة مشبعة لمخلوق جائع مثلى.. لكن فى مثل هذا الوقت الصعب، فإن بعض الشيء يكون أفضل من لا شيء.
وتهيأ الثعلب للانقضاض على الهرة.. فناشدته قائلة: كلا أرجوك.. لا تأكلنى.. وإن كنت جائعًا، فأنا أعلم جيدًا أين يمكن للفلاح أن يخبئ قطع الجبن.. فتعال معى، وسترى بنفسك.
صدق الثعلب ما قالته الهرة الصغيرة.. وسال لعابه بينما تخيل قطع الجبن وهو يلتهمها.
فقادته الهرة إلى فناء المزرعة حيث توجد هناك بئر عميقة ذات دلوين..
ثم قالت له: والآن، انظر هنا، وسترى فى الأسفل قطع الجبن.
حدّق الثعلب الجائع داخل البئر، ورأى صورة القمر منعكسة على الماء، فظن أنها قطعة من الجبن.. فرح كثيرًا وازداد شوقًا لأكلها.. قفزت الهرة إلى الدلو الذى فى الأعلى، وجلست فيه، وقالت للثعلب: هذا هو الطريق إلى الأسفل.. إلى قطعة الجبن.. ودورت الهرة بكرة الحبل، ونزلت بالدلو نحو الأسفل إلى الماء.
وهبطت إلى الأسفل قبل الثعلب، وهى سعيدة.. وتعلم ما تفعل.. ثم قفزت إلى خارج الدلو وتعلقت بالحبل.
ناداها الثعلب قائلًا: ألا تستطيعين حمل قطعة الجبن إلى الأعلى؟.
أجابت الهرة : كلا، فإنها ثقيلة جدًا.. ولا يمكننى حملها إلى الأعلى.. لذا عليك أن تأتى إلى هنا فى الأسفل.
ولأن الثعلب أثقل وزنًا من رفيقته، فإن الدلو الذى جلس فيه الثعلب هبط إلى الأسفل وغمره الماء، فى الوقت الذى صعدت فيه الهرة الصغيرة إلى الأعلى، وأفلتت من فكى الثعلب بذكائها.