الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فوازير رمضان وألغاز الحكومة

لحظة من فضلك

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ويمضى بنا قطار شهر رمضان، إلى أن وصلنا إلى محطة اليوم الثامن، ويكاد الشهر الكريم يقترب من منتصفه، وسط دوامة مسلسلات وبرامج، تحاصر الناس الذين استسلموا لمثل هذه الأعمال، لمجرد شغل أوقاتهم والترويح عن أنفسهم، فى زمن تخطت فيه تكلفة الترويح حدود المعقول، حتى أنها «تقطم ضهر» أى رب أسرة يفكر «مجرد تفكير» فى الخروج بأبنائه وزوجته لقضاء «كام ساعة» خارج المنزل فى ليالى رمضان التى كانت عامرة.
ولو نظرت حولك سوف تكتشف، أننا شعب أتقن الإبداع والابتكار فى مواجهة أعتى الظروف، وأثبت قدرته على تخطى الصعاب، والانتصار على المعوقات، وهدم أى «مطبات» تعرقل مسيرة الحياة، وعن نفسى فلقد تيقنت، من خلال دردشة مع أكثر من صديق، أن الحنين إلى الماضى صفة مصرية أصيلة، فكثير من الناس قرروا الهروب من مسلسلات الألفاظ الخادشة والقميئة، وبرامج الرزالة والغلاسة والاستخفاف بالعقول، بعد أن وجدوا ضالتهم فى العودة إلى الماضى وأداروا الريموت نحو «ماسبيرو زمان»، يعيشون مع أعمال ترقى بالذوق العام وتمثل قمة الإبداع فى الحوار والإخراج والأداء، ليعيشوا أجمل ذكريات العمر، ويدور الحوار: «فاكرة يا عديلة؟»، ليأتيه الرد: «يوووه يا أبومحمد.. كانت أيام».
وأمثال هؤلاء يجدون متعة تفوق الوصف مع حلقات فوازير رمضان أيام نيللى وشريهان وغيرهما كمان، لكن الفزورة الأكبر تتمثل فيما يحدث فى البرلمان.. هل سمعتم عن نائب ترك كل المشكلات العويصة التى يعانى منها الناس، وتقدم بمشروع قانون، يقترح فيه فرض غرامات باهظة على أى شخص «يرمى الزبالة فى وسط الشارع»، وبالطبع لا يختلف اثنان على أننا جميعًا نتمنى أن نعيش فى بيئة نظيفة، لكن سيادة النائب المحترم لم يبحث عن الأسباب التى جعلت المواطن يفعل ذلك، ولم يفكر فى توجيه سؤال أو تقديم طلب إحاطة، ليحاسب حكومته المبجلة عن تقصيرها الواضح فى جمع القمامة، ما يضطر الناس إلى إلقائها فى وسط الشارع.
القوانين تصدر ليترتب عليها حقوق وواجبات والتزامات من كل الأطراف، فهل يعلم سيادة النائب أن الحكومة أصدرت القانون رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٥، المعروف بقانون «النظافة العامة»، ويتضمن فى المادة رقم ٨، تحصيل رسوم شهرية من شاغلى العقارات مقابل جمع القمامة؟
وهل يعلم أن هذا الواجب المفروض على الناس، يقابله فى القانون نص، بالمادة ٨ أيضًا، يقول: «يكون تحصيل الرسم مقابل تقديم الوحدة المحلية المختصة -بذاتها أو بواسطة الغير- خدمات جمع المخلفات والقمامة من الوحدات المبنية والأراضى الفضاء التى تخضع لأحكام هذا القانون، ونقلها إلى الأماكن المخصصة لهذا الغرض، والتخلص منها بطريقة آمنة».
بذمتك يا شيخ وحياة صيامك فى هذا الشهر الكريم.. هل الوحدات المحلية تؤدى هذه الخدمة، سواء بمعرفتها أو حتى عن طريق الشركات الأجنبية التى تعاقدت معها؟.. يا أخى روح اسأل الحكومة عن كم الملايين التى يتم جمعها، غصبًا، على فواتير الكهرباء، رغم أن كثيرًا من الناس أصبح يدفع مبلغًا عن رضا لجامع القمامة، ومبلغًا بالعافية على الفاتورة، لدولة لا تقدم الخدمة وجمعت الملايين من الجنيهات «حمو نار فى جتة أى حكومة» من ٢٠٠٥ وحتى الآن.. روح اسألها عن «صندوق النظافة» اللى القانون نص على إنشائه بكل وحدة من وحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة للنظافة، وتودع فيه هذه الحصيلة.. بلغت كام؟ راحت فين؟ وأوجه صرفها؟ وكام مليون راح مكافآت من جيوب الناس؟ وكام وكام وكام؟
وبالمناسبة، لمن لا يتذكر قصة القانون ١٠ لسنة ٢٠٠٥، فلقد صدر فى إطار عادة الحكومة فى اللف والدوران، عندما أصدر القضاء الإدارى حكمًا يرفض قرار محافظ الجيزة آنذاك بفرض رسوم نظافة على الوحدات السكنية، واستند الحكم إلى أن الدستور ينص على أن «إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاءها لا يكون إلا بقانون.. ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب والرسوم إلا فى حدود القانون».
وما استند إليه الحكم لقطته الحكومة، طالما عايزين فرض الرسوم بقانون، البرلمان بتاعنا ونعمل القانون، وبين يوم وليلة صدر القانون رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٥، ويا جدع أنت وهو إخبط دماغك فى أقرب حيط، وبدأ تحصيل الرسوم وكانت الوحدات المحلية فى بداية التطبيق تهتم بالفعل بجمع القمامة من المنازل، ومر شهر والثانى وتوقف جمع القمامة لكن التحصيل ما زال مستمرًا حتى الآن.. معقول ده يا جماعة؟ فين الناس المصابة بداء الإسهال فى الفتوى؟ ما رأيهم فى أعاجيب الحكومة الحالية وكل الحكومات «السوابق»؟ وما رأى نائبنا المبجل؟.
وعلى فكرة.. اللى فتح هذا الموضوع، ما أعلنه الدكتور مصطفى مدبولى وزير الإسكان، أمس الجمعة، عن تحصيل رسوم نظافة من سكان المدن الجديدة، من تاريخ شغل الوحدة، يعنى بأثر رجعى، ومع تقديرى لأهمية القرار فإن حكاية الأثر الرجعى محتاجة مراجعة.. ابعدوا شوية عن جيوب الناس.. الله يهديكم.. وسلامًا على الصابرين.