الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الكواليس السرية للشرق الأوسط «8»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يتابع يفجينى بريماكوف الكشف عن الكواليس السرية للأحداث الساخنة التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط، بقوله: هنا أريد أن أركز على قضية عادة ما يصمتون عنها، وهى وجود دولة تمتلك سلاحًا نوويًا بالفعل فى الشرق الأوسط، وهذا السلاح أنتج بمساعدات من الدول الغربية، بموافقة صامتة لآخرين. الحديث هنا يدور عن إسرائيل. 
تكمن خطورة التسلح النووى لإسرائيل فى أنها كانت وستبقى أحد أطراف النزاع فى الشرق الأوسط، زد على ذلك أنه يوجد أساس للاعتقاد، أن هذا السلاح ليس فقط لاستعراض القوة، أو لردع هؤلاء الذين هددوا وسيهددون وجود إسرائيل. 
فى أثناء حرب ١٩٧٣، عندما كانت إسرائيل فى حالة يأس من الفشل العسكرى، وبشهادة مجلة «تايم»، أحضرت إسرائيل ١٣ قنبلة نووية من الصحراء على وجه السرعة خلال ٧٨ ساعة، وتم تجميعها فى نفق سرى تحت الأرض. فى ذلك الوقت كان لدى الإسرائيليين استعداد لإسقاط طائرة استطلاع أمريكية. وتصف «تايم» كيف أرسلت الطائرات الاعتراضية الإسرائيلية لاعتراض طائرة استطلاع أمريكية من طراز SR-٧١، وكان لديهم أوامر بإطلاق النار عليها، إلا أن طائرة الاستطلاع ارتفعت بحيث لم تعد فى متناول المقاتلات الإسرائيلية، وعادت بسلام إلى قاعدتها بالمعلومات التى تمكنت من جمعها. 
ليس هناك أساس للاعتقاد بأن الولايات المتحدة كانت ستوافق على استخدام إسرائيل للسلاح النووى، فحول هذا الأمر وجد ويوجد إجماع عالمى. من المعروف أن معارضة شديدة لتسليح إسرائيل بالسلاح النووى ظهرت فى إسرائيل نفسها، عندما كانت إسرائيل فى بدايات مرحلة تصنيع القنبلة الذرية. 
والدليل على ذلك أنه فى أثناء حكومة بن جوريون، عندما عرف الغرض العسكرى للأعمال التى كانت تحت غطاء الاستخدام السلمى للطاقة الذرية، استقال ستة من سبعة أعضاء لجنة الطاقة الذرية، وأعلنوا على الملأ أنهم ضد إنتاج سلاح نووى فى إسرائيل. وكان التراجع ليس فقط بوضع الرأى العام العالمى فى الاعتبار، ولكن الرأى العام الإسرائيلى، وهو الذى جعل بن جوريون ومن أتى بعده مضطرًا لأن يخفى وجود البرنامج النووى. 
ويطرح بريماكوف السؤال التالى: من الذى ساعد إسرائيل على إنتاج القنبلة النووية؟. 
من كل ما ذكرنا يمكننا أن ندرك، أن الولايات المتحدة وبريطانيا لم تدعما إسرائيل على المستوى الرسمى، فى عملها على إنتاج سلاح نووى، فرنسا كانت استثناء، نعم وفقط لبعض الوقت. لكن الصورة كانت مختلفة على المستوى غير الرسمى. بعد قيام إسرائيل مباشرة عام ١٩٤٨، جرت محاولات للبحث عن اليورانيوم، وكذلك تطوير تقنية لإنتاج الماء الثقيل. وتم إرسال مجموعة من العلماء، إلى الولايات المتحدة الأمريكية وهولندا وسويسرا وبريطانيا، للتخصص فى مجال الأبحاث النووية. وفى خلال الفترة من ١٩٥٥ ـ ١٩٦٠، كان ٥٦ متخصصًا من إسرائيل قد تم إعدادهم فى المعامل القومية الأمريكية فى أوك ـ ريدج وأرجون. 
مع بداية عام ١٩٥٣ بدأ تعاون إسرائيل النووى مع فرنسا، ومقابل معلومات عن تقنية إنتاج الماء الثقيل واستخلاص اليورانيوم من الفوسفات، حصلت إسرائيل على تصريح بدراسة البرنامج النووى الفرنسى، والاشتراك فى تجارب نووية فى الصحراء. وعلى أساس أول نتائج لهذا التعاون، قام رئيس الوزراء بن جوريون، المدعوم بآراء اثنين من مستشاريه، والشخصيات الأكثر قربًا منه، موشى ديان وشيمون بيريز، وبعد انسحاب القوات الإسرائيلية من سيناء مباشرة، والتى كانت تحتلها نتيجة للعدوان الثلاثى عام ١٩٥٦، بالموافقة على قرار سرى للغاية يقضى بتطوير ما أطلق عليه النموذج النووى الإسرائيلى المستقل، قرار بن جوريون هذا لم يبلغ به أحدًا من أعضاء حكومته، باستثناء ديان وبيريز.
فى خريف عام ١٩٥٧، قام بيريز بتكليف شخصى من بن جوريون بإجراء سلسلة من المباحثات السرية مع ممثلى الحكومة الفرنسية، كان من نتائجها توقيع اتفاق قامت فرنسا بمقتضاه بتوريد مفاعل نووى يعمل بالماء الثقيل لإسرائيل، ويعمل باليورانيوم الطبيعى، ومساعدات لإقامة مركز علمى بحثى على أساسه، والذى تم بناؤه بعد ذلك على وجه السرعة فى ديمونة بصحراء النقب فى سرية تامة.
لم يمر كذلك دون مشاركة الأمريكيين، فقد قام جهاز مكافحة التجسس، المعروف بأنه محافظ فى المخابرات الأمريكية، فى عامى ١٩٥٧ ـ ١٩٥٨، بتنظيم عمل سرى لبعض علماء الذرة فى إسرائيل، ومن الممكن أن نصل إلى نتيجة مفادها أن المخابرات الأمريكية قامت بعملية تمويه، ففى عام ١٩٦٠ قام الخبراء الأمريكيون بزيارة ديمونة أكثر من مرة، وقدموا تقارير للرأى العام، بأن مفاعل ديمونة يستخدم فقط للأغراض السلمية.