السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

رسائل ربانية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لكل منا مجموعة من الفرص نجدها فى طريقنا فى الحياة، البعض منا يستغلها والآخر لا يراها وآخرون يستخدمونها للوصول لما هو أفضل منها.هناك رسائل ربانية تظهر أمام أعيننا خلال الحياة، البعض يقرأها والآخر لا يراها. 
ولكن كيف نعرف أن ما نراه رسالة أو أنه لا يتعدى مجرد موقف أو كلمة تمر علينا فقط؟
كان هناك شخصان يمشيان بطريق ما، وكانا يتجهان لعمل صفقة مشبوهة وأثناء توقفهما بإشارة مرور وقفت أمام سيارتهما سيارة وضع صاحبها على زجاجها الخلفى جملة «فإن مع العسر يسراً».
قرأها الاثنان وربطها الأول بحياته وأخذ يسترجع شريط ما يمر به من مصاعب فى الدنيا، وأن كل تلك الضغوط تسببت فى اتجاهه الآن لعمل تلك الصفقة، وأن الهاتف الربانى وصل إليه بألا يستمر فى ذلك، وأن الحياة عسيرة ولكنها ستنفرج وستصبح يسيرة، وأن تلك رسالة له لكى لا يكمل فى ذلك الطريق، وأن الله يريد أن يكون فى مكان أفضل، والرسالة قد لا تأتى إليه مرة أخرى، ولا بد من استغلالها، وأن يسارع فى الرجوع، ففيه الأمان، فترك السيارة ورجع، ولم يتابع فى طريقه. أما الآخر فقرأ نفس الرسالة ولم يربطها بشيء، فاعتقد أن صاحب السيارة التى وقفت أمامه يمر بظروف ما وفضل أن يكتب آية على زجاج سيارته الخلفية، ولم يع أن تلك الرسالة ما جعلت رفيقه يعدل عن قراره وأخذ فى متابعة أمره لإنجاز تلك الصفقة.
ولن نتابع القصة بما يتوقعه الأغلبية بأن من أتم الصفقة سقط فى هاوية الفساد وقبض عليه وسجن، وأن من تراجع فاز بالأمان وهو طليق يستمتع بحريته.
لا لن تنتهى القصة بهذا الشكل ربما انتهت بهذا الشكل فى عدة مرات، ولم تنته بهذا الشكل كثيرًا من المرات، وربما من أنجز الصفقة فاز ببعض مما سعى من أجله والآخر لم يأخذ ما خطط له، ولكن مما لا شك فيه ومما تنتهى به كل القصص أن من انسحب فاز فوزا عظيما بنفسه، وأن جزاء عمله خير لا شك فيه، وأنه سيجازى عنه خيرا فيه وفى ذريته. ومن استكمل طريقه فقد خسر ما لا يمكن أن يحصى من خسائر، ولن يعلم مقدار خسارته سوى نفسه التى لن تتركه لراحة البال أبدا. إن الرسائل الربانية قد تأتينا فى شكل جملة أو أغنية أو كلمة عابرة نسمعها من شخص يتكلم مع شخص آخر، ولا نسمع الحديث ولو لوهلة نجد أنفسنا نسمع فقط جملة واحدة. ربما نجدها فى لافتة إعلان فى الشارع، أو على زجاج سيارة أو خاطرة تخطر بتفكيرنا بلا مقدمات.
الحياة أصبحت أصعب من الماضى، وهذا أدعى لنركز على أنفسنا ولنقومها لنتمتع براحة البال والرضا.
قد تأتينا فرصة وخير، فإن كنا ممن فازوا بنعمة الرضا سنسعد بها ونتركها بعد ما نحصل عما يرضينا، وإن كنا ممن فقدوا تلك النعمة ستغرقنا أطماعنا وشهواتنا، وسننسى ما هو أسمى من تلك السعادة المؤقتة، ألا وهو الطريق.
يحكى أنّه كانت هناك نملة صغيرة لا تفقه فى أمور الدّنيا شيئًا، ولم تتعلم أيّ شيء أبدًا، وكانت تمشى فى طريقها إلى بيت النّمل، فإذا بقطرة من العسل تعترض طريقها، وتسقط أمامها على الأرض، لم تدرِ النّملة ما هذا الشيء الذى سقط أمامها فتركته، واستمرّت فى طريقها، ولكن مهلا.. قالت لنفسها، لِمَ لا أقف وأكتشف ما هذا الشيء! رجعت إلى مكان قطرة العسل، وأخذت تقترب منها بحذر، وحاولت تذوّقها، فإذا بها تكتشف طعماً جميلاً جدًّا، لم تذقه من قبل. وأخذت ترتشف من العسل رشفةً وراء الأخرى، ثمّ تذكّرت أنّها لابدّ أن تعود سريعًا إلى بيت النّمل قبل أن يحلّ الظلام، ومضت فى طريقها، ولكنّها لم تستطع أن تنسى طعم قطرة العسل، فسرعان ما عادت أدراجها، ورجعت لها مرّةً أخرى، وأخذت ترتشف منها، بل لم تكتفِ بأن تشرب وهى واقفة على حافّة القطرة، وإنّما دخلت إلى وسطها، وبعد أن شبعت حاولت الخروج منها، فلم تستطع، وماتت غريقةً فى القطرة نتيجةً لجشعها.