واصلت هيئة النيابة الإدارية توجيه ضرباتها المتلاحقة للفاسدين بالكشف عن قضية فساد جديدة بوزارة التربية والتعليم، ورافقتها عدسة «البوابة نيوز» لتوثيق أخطر قضية إهدار مال عام بالمركز الاستكشافى للعلوم والتكنولوجيا بحدائق القبة التابع لوزارة التربية والتعليم.
البداية كانت بتلقى هيئة النيابة الإدارية بلاغات موثقة، تؤكد إهدار المال العام بعدد من المراكز العلمية التابعة لوزارة التربية والتعليم، ووجه المستشار على رزق رئيس الهيئة بتشكيل لجنة للتحقيق، ومراجعة قرار وزارة التربية والتعليم بتطوير المركز الاستكشافى للعلوم بحدائق القبة عام ٢٠١٤ بتكلفة ٣٣٤ مليون جنيه الذى كان يحمل اسم «مركز سوزان مبارك الاستكشافى للعلوم» منذ أن تم إنشاؤه عام ١٩٩٨.
وكشفت اللجنة التابعة لهيئة النيابة الإدارية، والتى ضمت المستشار حسن علي، والمستشار محمد عيادي، والمستشار خالد وجيه، وعددًا من أعضاء الشئون القانونية بوزارة التربية والتعليم، عن تخريب أجهزة بث فيديو بقيمة ٥٠٠ ألف جنيه، فضلًا عن إتلاف العديد من الأجهزة وسرقة محتوياتها.
وبدأ المراقبون عملهم الذى استمر لأكثر من ٦ ساعات كاملة، بملاحظة وجود ٩٠ جهاز إطفاء وعدد من الأدوات الصحية مكدسة أسفل أحد السلالم بالمركز دون جرد أو تكهين، كما رصد أعضاء اللجنة تكديس أجهزة ومعدات جديدة لم تستعمل تقدر قيمتها بالدفاتر بالملايين داخل المخزن يبلغ سعر أحد الأجهزة طبقًا لقيمته الدفترية ٥٧ ألف جنيه، ويوجد منه ٦ قطع، وبالسؤال عن سبب وجود المعدات بهذا الشكل وعدم استغلالها أو تركيبها كان رد الموظف المسئول أن المركز يتولى عملية تحديثه وتطويره شركة مقاولات تحمل اسم «الوطنية للإنشاءات»، وقامت بتركيب معدات أحدث ولا حاجة لتلك المعدات، لأن من طلبها فنيون منذ وقت طويل ولا داعى لاستعمالها الآن لظهور نظم أحدث، وعثرت اللجنة على عدد كبير من الأجهزة الإلكترونية وأجهزة الكمبيوتر غير المستعملة، فضلًا عن ٥٠٠٠ كتيب لموسوعات علمية تعليمية من إنتاج المركز فى الكيمياء والفيزياء واللغة العربية مكدسة وغير مستغلة وسط كومة من المعدات والأجهزة باهظة الثمن المهملة فى المخزن.
بالإضافة إلى سجادتين تحملان صورة الرئيس الأسبق حسنى مبارك وقرينته، كان قد تم إهداؤهما للمركز من قبل إحدى شركات السجاد الشهيرة ويبلغ سعرهما آلاف الجنيهات، وعدد من المهمات والمعدات التعليمية كنظارات البعد الثالث وأجهزة محاكاة للكشف عن المفرقعات جديدة لم تستعمل، بالإضافة إلى ماكينات تصوير تم إهمال صيانتها وتخزينها بشكل سيئ، مما أدى إلى تلفها، وهو ما اعتبرته اللجنة جريمة إهدار مال عام من قبل القائمين على إدارة المركز.
ورصدت اللجنة أيضًا وجود وحدة تكييف مركزى خرجت من الخدمة منذ سنوات تكلفت ملايين الجنيهات دون إبلاغ الجهات المسئولة وتخزين قطع غيار، فضلًا عن وجود كشوف جرد مخازن مكتوب عليها «لاغى» بتواريخ سابقة، وتم التحفظ على عدد من المستندات والوثائق أبرزها خطاب لرئيس المخازن مرفق به مستندات تعيين لأحد أقربائه دون وجه حق وهو استغلال واضح للواسطة والمحسوبية وهو ما صادرته اللجنة للتحقيق فى الواقعة.
كما عثرت اللجنة على العشرات من كاميرات المراقبة وأنظمة مكافحة الحريق الذى تبيّن أنها سليمة وتعمل بكفاءة عالية، إلا أنه تم استبدالها بأخرى، فضلًا عن وجود سلك بطول متر واحد مدون بالدفاتر بقيمة ١٩ ألف جنيه باسم «سنسور تكييف»، رغم أن ثمنه الحقيقى ٢٠ جنيهًا فقط لا غير.
ورصد المراقبون عددًا من أجهزة التكييف والمعدات الكهربائية وأسطوانات الفريون والكابلات والمهمات الكهربائية تقدر قيمتها بملايين الجنيهات وبعضها جديد لم يستعمل وجرى استبدالها جميعا بأجهزة ومعدات أخرى ضمن عملية التجديد والإحلال للمركز من قبل الشركة المنفذة دون الالتزام بالتقارير الفنية بضرورة استعمال الأجهزة والمهمات الكهربائية الصالحة، وهو ما يعد إهمالًا جسيمًا واهدارًا للمال العام فضلًا عن عدم حصر هذه المعدات فى محاضر رسمية مما يعرضها للسرقة والاستبدال.
وكشف فريق التحقيق عن سوء الإضاءة داخل المسرح، وزعمت مديرة المركز عبير محمد العراقى أن المركز لا يحتوى على ميزانية لأعمال الصيانة وغير متاح شراء لمبات إضاءة، إلا أن أعضاء اللجنة اكتشفوا وجود ٤ كراتين من اللمبات داخل مخزن لم تستعمل وهو ما أثار تعجب المحققين.
وأثبتت معاينة أعضاء هيئة النيابة الإدارية، سرقة جهازين للتكييف المركزى بالمسرح وإحلال أجهزة أخرى مستعملة مما أضر بكفاءة التشغيل الفعلية، إلى جانب تعطل المصاعد.
وأقر عدد من العاملين خلال التحقيقات المبدئية، أن مديرة المركز تهددهم بالفصل أو إنهاء الانتداب حال الإبلاغ عن أية مخالفات وأقروا أيضًا بأن شقيقة المديرة كانت تعمل بالمخالفة للقانون وتم إنهاء انتدابها منذ فترة وجيزة ضمن ٨٣ من العاملين.
واختتم فريق هيئة النيابة الإدارية جولته الميدانية فى المركز، داخل مخزن تم تكديس ٣٣ جهاز تكييف حديثة به كانت تعمل بكفاءة حسب شهادة عدد من الفنيين الذين اتهموا الشركة المطورة بتعمد إتلافها، وسرقة محتويات بعضها وتقدر قيمتها السوقية بملايين الجنيهات، وهو ما استفز أحد أعضاء النيابة الإدارية موجهًا حديثه لمندوب شركة المقاولات المشرفة على تطوير المركز، قائلا: «ده مش مال حرام.. هتتكلبشوا كلكم بالقانون».
واختتم أعضاء هيئة الرقابة الإدارية عملهم بتشميع المخازن وإيقاف مديرة المركز عن العمل وتحرير ٥ محاضر إثبات حالة بالمخالفات التى رصدتها اللجنة.