قال الكاتب البريطاني سيمون هيفر، إن علاقة بلاده بالولايات المتحدة ليست خاصة، ولكنها متطلبة أكثر من أي وقت مضى.
واستهل هيفر، مقاله في (الصنداي تلغراف) بالثناء على رئيسة وزراء بلاده تيريزا ماي؛ قائلا إنها اتخذت لنفسها مسلكا مُشرّفا في التعامل كرئيسة لوزراء بريطانيا مع الرئيس الأمريكي، على نحو بدا واضحا خلال المؤتمر الصحفي الذي انعقد يوم الجمعة.
وانتقد هيفر، المسالك التي كان يتخذها رؤساء حكومات بريطانيا من قبل في علاقاتهم مع الرؤساء الأمريكيين؛ قائلا إن توني بلير كان يتزّلف إلى بيل كلينتون، بينما جوردون براون كان يتضاءل في وجود باراك أوباما ، فيما تآمر كل من ديفيد كاميرون والمستر أوباما بشكل يدعو للسخرية وانتهى الأمر بكارثة تدّخل الأخير في حملة الاستفتاء البريطاني على "بريكست".
وأضاف هيفر أن المسز ماي قد أنجزت مهمة عظيمة على صعيد خدمة المصالح البريطانية وكذلك مصالح الغرب في لقائها بالمستر ترامب؛ وأن أداءها جاء متسقا مع وقائع السياسة الراهنة دونما تملق للرئيس الأمريكي أو تأييد لسياساته وتوجهاته التي قد تكون محل نظر من جانب الكثيرين، وإنما ضربت تيريزا ماي مثلا رائعا للقيادة السياسية.
ومضى الكاتب قائلا إن المسز ماي في حديثها عن الأمن المشترك -وهو الموضوع الذي يجب أن يكون دائما في القلب من العلاقات الأنجلو أمريكية – بدت كما لو كانت تُحدّد جدول الأعمال وتضع النقاط على الحروف.
ونبّه هيفر إلى أن بريطانيا هي أمة قررت مغادرة الاتحاد الأوروبي، وأن أمريكا هي حليفتها الرئيسية غير الأوربية، وأن بريطانيا تسعى لإعادة بناء وتحسين العلاقات خارج أوروبا وحول العالم، فضلا عن الدول التي تربط بريطانيا بها روابط تاريخية وثقافية وعلى رأسها أمريكا وكندا والهند ونيوزيلندا.
ولفت الكاتب إلى أنه من منطلق القوة البحتة فإن أمريكا هي الأهم على الإطلاق، بغض النظر عن وجهات النظر في رئيسها الجديد، وعليه فإن بريطانيا يجب أن تجد أرضية مشتركة مع أمريكا، وإلا فمصيرها العزلة.
ورأى صاحب المقال أنه من الممكن لبريطانيا تعزيز الاستفادة من الحليف الأمريكي في ظل المستر ترامب الذي وإن كان يُغيّر رأيه بشأن قضايا رئيسية إلا أنه بصدد اكتساب القدرة على عمل ذلك دونما تعريض نفسه للسخرية: لقد استغرق الأمر عشرة أيام فقط لكي يُغير ترامب موقفه من حلف شمال الأطلسي "ناتو" حين وصفه بأنه "عفا عليه الزمن" إلى موقف مغاير يستمع فيه (ترامب في مؤتمر صحفي يستضيفه) بفرح لتصريح المسز ماي عن دعمهما المشترك والتزامهما نحو ذات الحلف (الناتو).
وقال هيفر، إن المهمة الآن تقع على عاتق الدبلوماسية البريطانية وقادة الجيشين البريطاني والأمريكي في قيادة الناتو، لكي يضعوا هذا الالتزام موضع التنفيذ ويساعدوا المستر ترامب على الشعور بالارتياح تجاه التحالف وعلى الوقوف على أهمية الدور الأمريكي في الناتو من أجل نظام عالمي مستقر.
وأثنى الكاتب على ثبات موقف رئيسة الوزراء البريطانية في مطالبتها باتخاذ مسلك قوي تجاه روسيا متضمنا الإبقاء على العقوبات سارية حتى تنتهي روسيا عن مسلكها العدواني.
ورأى هيفر، أن الرئيس ترامب قد ارتكب خطأ عندما أعطى انطباعا بأنه يميل إلى معاملة روسيا كـنِدٍّ متساوٍ، بينما هي ليست كذلك على أي ميزان – اقتصادي أو أخلاقي أو عسكري؛ كما أن وجهة نظر المسز ماي بشأن هذا النظام الخطير والسيء هي وجهة نظر جديرٌ بترامب أن يعتبرها.
وأكد هيفر أنه لا ينبغي الحديث عن "علاقة خاصة" لأن هذه لو كانت قامت في عهد (ثاتشر-ريجان) فمن ذا ينسى موقف ثاتشر منه عندما أرسل(ريجان) قوات إلى المستعمرة البريطانية السابقة "غرينادا"؛ ولو كانت "علاقة خاصة" قامت في عهد (تشرشل-روزفلت) فمن الذي يجهل حقيقة أن أمريكا إنما دخلت الحرب العالمية الثانية بعد هجوم اليابان على أسطولها وليس لاحتلال هتلر معظم أوروبا.
وشدد الكاتب على أن العلاقة تكون خاصة عندما يختار الشريك الأوفر قوة (أمريكا) أن تكون العلاقة كذلك: ما يعني أنها ليست خاصة على الإطلاق.
ورأى صاحب المقال أن بريطانيا قد لا تستطيع إبرام صفقاتها التجارية الخاصة وهي لا تزال عضوا بالاتحاد الأوروبي، وعليه فإن المسز ماي لم يكن في استطاعتها العودة من واشنطن وبحوزتها اتفاق ثنائي بشأن التعريفات الجمركية؛ لكن يمكن افتراض أن ثناء المستر ترامب على قرار بريطانيا مغادرة الاتحاد الأوربي جاء على أساس أن ذلك يمثل فرصة للشراكة بين أمريكا وبريطانيا كشريك تجاري رائد – إننا نريد تجارة حرة مع أمريكا أملا في تحقيق معدلات رخاء أعلى.
واختتم الكاتب مؤكدا أنه ليس ثمة علاقة خاصة بين بريطانيا وأمريكا، وإنما هي علاقة بناءّة وإيجابية يحتاج كلا طرفيها بشدة إلى ترسيخها.
جدير بالذكر أن الرئيس الأمريكي ترامب أثناء لقائه رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي يوم الجمعة كان قد وصف العلاقة بين بلاده وبريطانيا بأنها "علاقة خاصة جدا".