أكد الدكتور يسري عبدالله، الناقد الأدبي والأستاذ المساعد بكلية الآداب جامعة حلوان أن الشاعر الكبير سيد حجاب يمثل معنى فريدا في الوجدان الجمعي المصري والعربي، ويعد أحد أبرز صناعه منذ عقد الستينات وإلى أمد بعيد.
وأضاف عبدالله في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط أن سيد حجاب الشغوف بالوطن حد الذوبان ليس مجرد حلقة مركزية ضمن حلقات العامية بتنويعاتها المختلفة، بدءا من الآباء الكبار: بيرم التونسي، وبديع خيري، ويونس القاضي، ومرورا بالشعراء الفارقين في مسيرتها والمجددين لروحها الوثابة وفي مقدمتهم فؤاد حداد وصلاح جاهين، ولكنه يمثل مع عبدالرحمن الأبنودي التعبير الجمالي عن روح مصر العفية والنابضة.
وقال: إن سيد حجاب اتسم بموهبة فذة، وممارسة جمالية نافذة صوب الروح، وكان ديوانه الأول: "صياد وجنية" في العام 1964 استجابة لروح جديدة تسكن العامية المصرية وتعبر عنها في آن، وبدت أشعاره الغنائية التي اعتمدتها أعمال درامية مختلفة في التلفزيون المصري، علامات دالة على خلق جديد للوجدان العام، بطله الحقيقي أصبح ممثلا في الأغنية المسكونة بروح الصورة والتخييل الشعري، وبدت الأجيال التي تشكل وعيها في الثمانينات والتسعينات من القرن المنصرم تبحث عن شارات المسلسلات لترى هل كتبها سيد حجاب؟.
وذكر الدكتور يسري عبدالله أن الملامح التي تشبه ناسنا وأمانينا وإخفاقاتنا وحيواتنا المتناقضة ظلت تعرف طريقها في نصوص سيد حجاب الغنائية التي احتوت لعبا فنيا يعتمد على الجناس بتنويعاته، واللعب اللفظي، واللعب مع الإيقاع، فضلا عن بنية درامية تتكيء على جدل الصورة والتخييل، ولعل شارة النهاية لمسلسل "الشهد والدموع" تأتي كاشفة عن تلك الآليات التي ميزت سيد حجاب، ومنحت نصوصه كل هذا الوهج: "نفس الشموس بتبوس على روسنا/ نفس التراب يحضن خطاوينا/ طب ليه بنجري ونهري فى نفوسنا/ وليه نعيش ناكل فى بعضينا/ آدي الحقوق وآدي اللى طالبينها/ والحق تاه فى الباطل البطال/ وقلوبنا تاهت عن محبينها/ ونجومنا عالية بعيدة ما تنطال".
ولاحظ يسري عبدالله أن أشعار سيد حجاب مسكونة بحس ثوري عارم، ومشغولة بالانتصار لكل المقولات الكبرى، والانحياز إلى كل ما هو حر وإنساني ونبيل: "جينا الحياة زى النبات أبرياء/ لا رضعنا كدب ولا اتفطمنا برياء/طب ليه رمانا السيف على الزيف/ وكيف نواجهه غير بالصدق والكبرياء/عيش يا ابن آدم بكر زى الشجر/ موت وانت واقف زيه فى مطرحك/ ولا تنحنى لمخلوق بشر أو حجر/ وشب فوق مهما الزمان جرّحك".
وختم بقوله: "عن الأسى الرهيف والأحلام الممكنة والشجن النبيل، والأماني المجهضة والخيبات التي تحاصرنا، كان سيد حجاب دائما حادي الغناء العامي والثقافة الشعبية التي تدرك المعنى العميق للعالم والحياة والأشياء: "منين بييجي الشجن.. من اختلاف الزمن/ ومنين بييجي الهوى.. من ائتلاف الهوى/ ومنين بييجي السواد.. من الطمع والعناد/ ومنين بيجي الرضا.. من الإيمان بالقضا/ من انكسار الروح في دوح الوطن/ ييجي احتضار الشوق في سجن البدن/ من اختمار الحلم ييجي النهار/ يعود غريب الدار لـ أهل وسكن".