نظرًا
لطبيعتها الجغرافية الخاصة، أصبحت سيناء عاصمة الاتجار في المخدرات بمصر،
فالمساحات الصحراوية الشاسعة والوديان التي تحتضنها الجبال تعد أرضًا خصبة لزراعة
النباتات المخدرة، كما أن استغلال تجار المخدرات لسلاسل الجبال والدروب الصحراوية
في الترويج وتوزيع بضاعتهم وضع سيناء على رأس محافظات مصر الأكثر اتجارًا في
المخدرات.
"البوابة
نيوز" اخترقت أكبر بؤرة لتجارة المخدرات في جنوب سيناء، في مغامرة محفوفة
بالمخاطر اقتحمت فيها محررة "البوابة" عمق جبال جنوب سيناء، وسط الدروب
الصحراوية وسلاسل الجبال الشاهقة، ولهيب الشمس الحارقة، في طريقها إلى حي "الرويسات"
بشرم الشيخ، الذى يعتبر أكبر معقل لتجارة المخدرات فى شرم الشيخ.
حي الرويسات يبعد عن
مدخل شرم الشيخ 7 كيلو مترات، وينقسم إلى منطقتين الأولى صناعية والثانية سكنية،
المنطقة الصناعية تسمى منطقه الحرفيين، وتضم الحرف بكل أنواعها والمصانع وكل ما
يتعلق بالصناعة، أما الأخرى فهي المنطقة السكنية عبارة عن حي عشوائي احتله البدو
بوضع اليد واتخذوها مأوى ومعقلًا لهم وبؤرة لتجارة المخدرات من خلال إقامتهم عششًا
من الصفيح والطوب بوضع اليد، وتوغلوا حتى الجبال وبدأوا في الاتجار بالمخدرات
والسلاح وإيواء المجرمين، حتى أصبحت مأوى لكل من هو خارج عن القانون.
وتحدثت "البوابة نيوز"، مع عدد من المقيمين بحي
الرويسات بشرم الشيخ، بعد إقناعهم بكشف تفاصيل معاناتهم مع البدو وتجار المخدرات؛
نظرًا لخوفهم من أي ضرر يلحق بهم وأُسرهم جراء ذلك، إلا أن بعضهم فاض به الكيل
وقرَّر الإدلاء بتفاصيل مثيرة عن أفعالهم الإجرامية، لافتين إلى أن خوفهم نابع من أفعال
البدو الإجرامية الذين لا قلب لهم، فهم يقومون بقتل أو أذى كل من يعترض طريقهم أو
يعارض أفعالهم الإجرامية.
أنا عايش في الرويسات
من 9 سنين، شفت فيهم المر من البدو.. المخدرات كتيرة هنا وحريم وبنات وشباب بقوا
عبيد ليها وبيتعاطوها"، بتلك الكلمات بدأ الحج السيد سعيد، أحد سكان منطقة
الحرفيين بالرويسات حديثه، لافتا إلى أن سيارات البدو تقف في الطرق العامة لبيع
مخدراتهم على زبائنهم دون خوف من الجهات الأمنية، قائلا: "المخدرات أصبحت
تباع علني مثلها مثل الطماطم "، مؤكدا أن أبناءه كانوا سيتعرضون لتعاطى
المخدرات والبرشام، ولكن "الله ستر".
الأمر ذاته أكده، "محمود. م" أحد سكان حي الرويسات،
مضيفا أن البدو يقومون يوميا بتوزيع أرقامهم في منطقة الحرفيين على زبائنهم لجلب
زبائن جديدة لهم، لافتا إلى أنهم لا يستطيعون الحديث معهم أو الاعتراض على أفعالهم؛
تخوفا من ردود أفعالهم معنا، فهم لا يعرفون شيئا سوى القتل والأذى، قائلا: "إحنا
لو حد فينا اعترض ممكن وهو بيعدى الرصيف عربية تشيله وتقتله أو يسرقوا محلاتنا".
واتفق معهم محمد أحمد،
صاحب أحد المحلات والمقيم بالرويسات، قائلا: "البدو من أيام قاموا بضرب عم
حفني صاحب أحد المحلات المتواجدة بمنطقة الحرفيين، في الـ10 مساء، وذلك بسبب
اعتراضه على قيام شباب البدو بالمنطقة ببيع المخدرات أمام المحل الخاص به، ولم
يكتفوا بضربه بل قاموا بتكسير المحل الخاص به، الذي يعتبر مصدر دخله الوحيد"،
مشيرا إلى أن معظم البدو بالمنطقة يحملون السلاح، ما اضطرهم للخوف والسكوت وعدم
الاعتراض على أفعالهم.
وأضاف "ص. ع" أحد المقيمين بالرويسات -الذي قام
بالتسجيل معنا دون إظهار وجهه؛ خوفا من قيام البدو بقتله- أن المنطقة محاطة من كل
جوانبها ببيع المخدرات، فتجدهم في كل شارع وكل طريق يبيعون للشباب الحشيش والبودرة
وغيرهما من المواد المخدرة، لافتا إلى أن أكثر أماكن يقوم البدو ببيع المخدرات بها
هي سكة السلخانة وخلف مستودع الغاز، ومدخل 3 وراء المركز الطبي وقهوة الصعايدة،
والتي تباع بها المخدرات الثقيلة مثل البودرة وحقن "الماكس"، مؤكدا أن
من يعترض على ذلك يتعرض للأذى في لقمة عيشه أو تعرض حياته وأهله للخطر.
وأشار إلى أن الخوف
الشيء الوحيد المسيطر على المقيمين بالرويسات بسبب الرعب الذى صدره لهم البدو،
وذلك تخوفا من تعرض أبنائهم للضرر على أيدي بلطجية البدو في المنطقة، موضحا أن
البدو كانوا يقومون بإلقاء الحشيش عليهم في حي النور أثناء ثورة 25 يناير، ويطلبون
منهم القيام ببيعه، قائلا: "في ثورة يناير البدو كانوا عاوزين يشغلوا المنطقة
كلها في الحشيش وكانوا بيرموه علينا وبيقولولنا بيعوه ومش مهم الفلوس هاتوها في أي
وقت"، مضيفا أن من كان يرفض العمل معهم كانوا يقومون بمحاربته في أكل عيشه.
وفى السياق ذاته، حدثنا عبدالرحمن مجدى، أحد المقيمين بالرويسات
منذ 4 سنوات وأحد متعاطي المخدرات، قائلا: "المخدرات هنا كثيرة جدا وسهل
الحصول عليها في أي وقت، وهذا ما جعلني ألجأ إليها وأقوم بتعاطيها"، لافتا إلى
أن المخدرات لو كانت في أماكن بعيدة أو غير متواجدة في المنطقة كان سيجد صعوبة في
الحصول عليها، وحينها لن يفكر يوما في تعاطيها أو إهدار أمواله عليها.