الإثنين 23 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

جرائم تركيا من "سليم السلطان" إلى "أردوغان"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حسناً فعلت حكومة الدكتور حازم الببلاوي، حين سحبت سفيرنا من أنقرة، وخفّضت مستوى التمثيل الدبلوماسي مع حكومة تركيا - وليس الشعب التركي - ذلك أن أردوغان، رئيس الحكومة، تجاوز في خصومته مع الشعب المصري حدود اللياقة الدبلوماسية، وجعل من أنقرة وكرًا لمنظمات مشبوهة تعادينا، وتتعامى عن إرادة ملايين المصريين الذين خرجوا في يناير ويونيو، مطالبين بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، أقول حسناً فعلت حكومة الببلاوي ذلك، لكن علينا التنبيه إلى بعض الأمور بالغة الأهمية، حتى ننتبه ونحتاط مثل:
• بيننا وبين الشعب التركي علاقة ممتدة في عمق التاريخ، بعد أن فرض السلطان العثماني "سليم الأول" نفسه على مصر بالسلاح والبطش، حين أقدم على احتلال القاهرة سنة 1517 "سأوافيك بعد قليل بنماذج من إجرام هذا السلطان في حقنا آنذاك"، وقد أثمرت هذه العلاقة غابة ممتدة من المصالح الاقتصادية والتبادل التجاري، فضلاً عن تعزيز الأواصر الاجتماعية عن طريق المصاهرة، الأمر الذي جعل بعض المفردات التركية تتسلل إلى اللهجة المصرية وتتواجد حتى الآن، دون أن ندري أنها تركية الأصل، مثل "أوضة" وتعني غرفة، "كوبري" ويعني جسر، "أبلة" - التي كنا ننادي بها المدرّسة ونحن صغار - والمقصود بها الأخت الكبرى، "طز" وهو الملح، والتي يتم استعمالها عند الاستهانة بشيء ما، حيث كان الأتراك يفرضون ضرائب باهظة على كل بضاعة تدخل أو تخرج من مصر ماعدا الملح، فتحايل التجار المصريون على هذا الضيم، وصاروا يغطّون الأجولة بالملح، أي بالـ "طز"، ليخفوا البضاعة التي تحتها، فيتركها الأتراك تمر دون أخذ ضريبة، أرأيت كيف انسابت بعض المفردات التركية في نهر اللهجة المصرية؟!.
• تذكّر من فضلك أن الإسلام حين دخل مصر، استقبله المصريون بترحاب، واضطروا إلى تغيير لغتهم القبطية إلى العربية - لغة الدين الجديد - لكن الأتراك تلقوا الدين الإسلامي ورفضوا اللغة التي نزل بها، حيث ظلوا محتفظين بلغتهم التركية، مثلما فعل الإيرانيون، الأمر الذي يشير إلى أنهم قوم بهم غطرسة، وأنهم إلى الكبر أقرب.
• لاحظ أن اللغة التركية غير منتشرة خارج بلدها، بعكس اللغة العربية التي نتكلمها في مصر، حيث يتحدث بها نحو 400 مليون عربي "عدد سكان تركيا 70 مليوناً فقط"، الأمر الذي يفسر غيرة الأتراك من المصريين، خاصة وأن اللهجة المصرية شائعة جدًا في كل البلاد العربية. 
• طوال التاريخ لم يحدث انسجام أو تآلف بين أكبر ثلاث قوى في الشرق الأوسط، وهي: مصر، تركيا وإيران، ولا شك في أن الإمبراطوريات الكبرى في كل عصر كانت تحرص على ألا يلتئم شمل تلك القوى، لأن اتحاد مصر وتركيا وإيران سيغير تمامًا من موازين القوى العالمية، فالدين الإسلامي يؤلّف بين شعوب هذه الدول، وهو يهب الشعوب طاقة كبرى إذا حسُن استثماره، فإنْ توحّدت مصالح هذه الشعوب ستطيح بأهداف ومطامع الدول المسيطرة في العالم، في أي عصر من العصور.
نعود إلى أردوغان - صاحب التصريحات المتغطرسة ضد المصريين - لنقارن بينه وبين جدّ جدّ جدّه السلطان سليم الأول، الذي احتل مصر سنة 1517 - كما سبقت الإشارة - اقرأ معي ما كتبه المؤرخ المصري الشهير محمد بن إياس، الذي شهد بأمّ عينيه دخول سليم الأول أرض القاهرة، كتب ابن إياس يصف سليم الأول حين دخل القاهرة من باب زويلة: "كان له من العمر حين ذاك نحو أربعون سنة، أو دون ذلك، وليس له نظام يعرف مثل نظام الملوك السالفة، وكان سيء الخلق، سفّاكاً للدماء، شديد الغضب، لا يُراجع في القول، وكان ينادي كل يوم في القاهرة بالأمان والاطمئنان، والنهب عمّال من جماعته، وحصل للناس منه الضرر الشامل"، ثم يستعرض ابن إياس الجرائم المرعبة التي ارتكبها الجنود العثمانيون "الأتراك" في حق المصريين، ثم كتب يقول بعد أن قتلوا مَنْ قتلوا: "فانفتحت للعثمانية كنوز الأرض بمصر، من نهب قماش وسلاح وخيول وبغال وجوارٍ وعبيد، وغير ذلك من كل شيء جليل، وظفروا بأشياء لم يظفروا بها قط في بلادهم، ولم يروها قبل ذلك، ولا أستاذهم الكبير، يقصد سليم الأول".
هذا ما صنعه سليم الأول من كوارث في حقّنا - نحن المصريين - قبل خمسة قرون، فهل يطمع أردوغان في تكرار ما اقترفه جده من جرائم؟ هيهات!!.