جيورجى بوريسينكو سفير جمهورية روسيا الاتحادية فى حوار الساعة مع “البوابة نيوز”:
النظام الأوكرانى عنصرى.. ويروج لأفكار هتلر النازية والحديث عن تدخل روسى فى الانتخابات الأمريكية ادعاءات غبية وأكاذيب
حل السفير جيورجى بوريسينكو سفير جمهورية روسيا الاتحادية ضيفًا عزيزًا على صالون «البوابة»، فى حوار شامل أجاب فيه عن العديد من القضايا السياسية والدولية والعلاقات بين روسيا ومصر ودور البلدين وجهودهما فى السعى نحو نزع فتيل الحرب المشتعلة فى العديد من مناطق العالم.
كان فى استقبال ضيف الصالون داليا عبدالرحيم رئيس تحرير جريدة وموقع البوابة نيوز والدكتورة نورهان الشيخ أستاذة العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة والمتخصصة فى الشئون الروسية، والكاتب خالد عبدالرحيم نائب رئيس مجلس إدارة المؤسسة والعضو المنتدب، وأبوالحسين غنوم رئيس القسم الدبلوماسى والمترجم أيمن منتصر، واستمر اللقاء نحو ساعتين تقربيا حيث أجاب سعادة السفير عن جميع الأسئلة المطروحة عليه، وكان هذا الحوار.
سعادة السفير دعنا فى البداية نسأل عن آخر التطورات العسكرية فى مدينة كورسك الروسية؟
- إن ما يحدث فى مدينة كورسك الروسية من قبل القوات الأوكرانية أمر غير مقبول، ويُظهر مدى الوحشية والاستعداد للقيام بعمليات إرهابية ضد موسكو، والقوات الأوكرانية والمرتزقة الأجانب دخلوا بعمق ١٢ كيلو مترا داخل الأراضى الروسية بعرض ٤٠ كيلو مترا.
واستولت القوات الأوكرانية على المناطق السكنية فى كورسك ونفذت عمليات وحشية ضد السكان، وأخلت القوات الروسية بعض المناطق السكنية التى احتلت من قبل القوات الأوكرانية فى شهر أغسطس، وروسيا لا تقوم بأى عمليات عسكرية كبرى فى كورسك للحفاظ على حياة المدنيين فى المناطق السكنية، وتقوم موسكو بالضغط على الجنود الأوكرانيين بطريقة هادئة، لإخلائهم من المناطق السكنية.
التطورات العسكرية تدفعنا للسؤال عن إمكانية اندلاع حرب عالمية ثالثة؟
- قامت روسيا بإعداد عمليات استفتاء فى المناطق التى سيطرت عليها فى أوكرانيا، وضمت هذه الأراضى لروسيا الاتحادية، وبذلك تعتبر هذه المناطق روسية مثلها مثل منطقة كورسك، وتعمل روسيا حاليًا على تحرير جميع الأراضى الروسية من المسلحين الأوكرانيين، وإبعادهم عن المناطق الروسية بعمق كبير، حتى لا يكونوا قادرين على ضرب الأراضى الروسية.
ولا شك أن إمكانية اندلاع حرب عالمية ثالثة أمر وارد، وأوكرانيا تحصل على أسلحة من الغرب، ولهذا يُعتبر الغرب فى حالة نزاع مع موسكو.
ما شروط موسكو لوقف الحرب على أوكرانيا؟
- أوكرانيا تريد الحصول على تصريح من الغرب بضرب العمق الروسى بأسلحة بعيدة المدى التى حصلت عليها من الغرب، وهذا يوضح أن الغرب يُحارب روسيا بشكل مباشر، والجيش الأوكرانى بمفرده لا يستطيع استخدام الأسلحة بعيدة المدى دون الاستعانة بالغرب، خاصة أن المعلومات الاستخباراتية لتوجيه هذه الأسلحة لضرب العمق الروسى لا يمكن أن تحصل عليها كييف إلا بمساعدة الغرب، وفى حال استخدام هذه الأسلحة فهذا يعنى أن الغرب شارك فى الحرب ضد روسيا بشكل مباشر من خلال الأسلحة والمعلومات الاستخباراتية.
وأوضح الرئيس الروسى فلاديمير بوتين جميع شروط موسكو لوقف العمليات العسكرية فى كييف، ومن هذه الشروط الخروح من الأراضى الروسية بالكامل، والأراضى الروسية لا تشمل فقط كورسك، ولكن الأراضى التى ضُمت لموسكو حديثًا بعد الاستفتاء الذى نظم مؤخرًا.
كيف نتوصل إلى سلام دائم بين روسيا وأوكرانيا؟
- أوكرانيا يجب أن تكون دولة مُحايدة فى العلاقات مع موسكو لوقف الحرب على كييف، وهذا يتحقق من خلال نزع التسليح من الأسلحة الثقيلة، وبعيدة المدى التى من الممكن أن تضرب الداخل الروسي.
إن نظام التعليم فى أوكرانيا يحمل أخطارا عنصرية ضد روسيا، مع العلم أن كييف كانت جزءًا من الاتحاد السوفيتي، وحاربت مع السوفيت ضد النازيين، ونظام التعليم فى كييف يُعلم الأطفال الفكر النازي، ويمدح أدولف هتلر، ويحث على قتل الروس، ليس هذا فقط، بل يمنع تعليم اللغة الروسية فى المدارس.
وقدمت روسيا ٥ عروض خلال ١٠ سنوات لأوكرانيا والدول التى تُساند كييف، وكانت هناك مكالمة هاتفية بين الرئيس الروسى فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما لعدم مساعدة الانقلاب فى كييف، ورغم ذلك دعمت أمريكا العنصريين الأوكران فى الانقلاب الذى حدث فى هذا الوقت، وبعد هذا الانقلاب رفضت جزيرة القرم أن تكون جزءًا من الأراضى الأوكرانية، وانضمت إلى روسيا، خاصة أن العنصريين الأوكران عندما وصلوا إلى السلطة تحدثوا عن منع استخدام أو التحدث باللغة الروسية.
هل لهذه الأسباب فقط اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية؟
- لقد طلبت الحكومة الروسية من الولايات المتحدة والناتو ضرورة عدم توسيع حدود الناتو قبل الحرب الروسية الأوكرانية، لضمان حماية الحدود الروسية، ولكن أمريكا رفضت هذا الأمر، وكانت نتيجة هذا الرفض ضم القرم والدونباس وبعض المناطق الأخرى إلى الأراضى الروسية، مع العلم أن موسكو كانت مستعدة لاستمرار هذه الأراضى تحت سيادة أوكرانيا، ولكن الوضع الآن اختلف، وتُحارب موسكو لتحرير هذه الأراضى من القوات الأوكرانية.
وتُشير الأمور إلى استمرار العمليات العسكرية الروسية فى أوكرانيا خلال الفترة المقبلة، واستمرار العملية العسكرية يتوقف بالدرجة الأولى على قرار الغرب، لأن كييف لا يُمكنها أن تستمر فى الحرب دون الدعم الغربى الذى يُريد من كييف القتال حتى آخر أوكراني، ويستخدم حلف الناتو أوكرانيا كأداة لمحاربة موسكو، والناتو على استعداد للتضحية بكامل الشعب الأوكرانى فى الحرب الروسية الأوكرانية بهدف إضعاف موسكو.
ما تعليقك على اتهامات الولايات المتحدة الأمريكية لروسيا بالتدخل فى الانتخابات؟
- إن الولايات المتحدة الأمريكية تتهم روسيا بالتدخل فى الانتخابات الأمريكية منذ عام ٢٠١٦، وهذا الأمر حدث من خلال مجموعة هيلارى كلينتون الانتخابية للإضرار بدونالد ترامب فى العملية الانتخابية، وهذه الأكاذيب مستمرة من قبل الديمقراطيين خلال هذه الفترة، ولا يوجد دليل واحد على هذه الاتهامات أو الأكاذيب أو التدخل الروسى فى الانتخابات الأمريكية.
وتعتقد الولايات المتحدة الأمريكية أن روسيا تتدخل فى الانتخابات الأمريكية، لأنها تقوم بهذا الأمر فى الكثير من الدول، ولهذا لديها القناعة بإمكانية أن تقوم موسكو بنفس هذا الأمر، والمواطن البسيط يعلم بأن هذه الادعاءات الغبية مجرد أكاذيب من الإدارة الأمريكية، وإذا افترضنا أننا تدخلنا فى الانتخابات الأمريكية فهذا أمر نفتخر به.
هل هناك أى جهود روسية ملموسة لتهدئة الصراع وتحقيق السلام بين الأطراف المعنية؟
-إن روسيا على استعداد للتعامل مع أى رئيس أمريكى سيتم انتخابه خلال الفترة المقبلة، ودونالد ترامب عندما كان رئيسًا صرح بأنه سيقوم بإصلاح العلاقات مع روسيا التى ضعفت فى عهد أوباما، ولكنه لم يستطع ذلك، والعلاقات مع أمريكا فى عهد ترامب كانت سيئة جدًا، وروسيا على قناعة بأن جميع الأهداف الروسية يجب أن تحدث من خلال القدرات الروسية الخاصة، سواء من خلال العمليات العسكرية أو أى عمليات أخرى من خلال التطور الاقتصادى أو أى أشياء أخرى.
لماذا لا تدعم روسيا الجهود المصرية والعربية فى إيقاف الحرب على قطاع غزة؟
-تدعم روسيا الجهود المصرية والعربية فى إيقاف الحرب على قطاع غزة والضفة العربية، ووزير الخارجية الروسى سيرغى لافروف شدد على ضرورة وقف إراقة الدماء فى هذا الصراع، فروسيا من أوائل الدول فى مجلس الأمن التى تقدمت بمشروع قرار لوقف إطلاق النار فى غزة، ولكن هذا القرار عُطل من قبل الدول الغربية مثل أمريكا وفرنسا.
ما سبل تحقيق وقف الحرب فى غزة؟
-الدعم الأمريكى لدولة الاحتلال أمر واضح للجميع فى الحرب على قطاع غزة، وأمريكا قدمت بعض المبادرات لوقف الحرب، ولكن دون أى نتائج على أرض الواقع، وروسيا ستتعاون مع المجتمع الدولى للضغط على الجهات التى تدعم دولة الاحتلال فى الحرب على قطاع غزة، من خلال التعاون مع الدول العربية، وهذا ما تم الإعلان عنه خلال المنتدى الروسى مع الدول العربية فى المغرب، وأمريكا هى الدولة الوحيدة القادرة على وقف الحرب فى قطاع غزة، لكن من الواضح أن الولايات المتحدة لا تريد ذلك، والوضع يسوء بشكل مستمر، وما يؤكد ذلك ما حدث فى لبنان من انفجار أجهزة لاسلكية فى أيادى حامليها وداخل المنازل.
هل موسكو راضية عن تطور العلاقات المصرية الروسية ؟
-موسكو راضية عن تطوير العلاقات المصرية الروسية خلال الفترة الراهنة، والعلاقات كانت قوية جدًا فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر، وخلال الفترة الحالية نعود إلى نفس المستوى من العلاقات بين القاهرة وموسكو فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، وستكون محطة الضبعة النووية التى تنفذها روسيا أحد أبرز أوجه التعاون المصرى الروسى بصورة مُماثلة لإنشاء السد العالى فى أسوان، والقدرة الكهربائية لمحطة الضبعة ستكون أضعاف ما ينتجه السد العالى فى أسوان.
وهناك مشاريع لروسيا فى القاهرة مثل مشروع المنطقة الروسية فى إقليم قناة السويس، والتأسيس للمنطقة الروسية فى قناة السويس لا يتم بشكل سريع، وننتظر أن ينظر البرلمان المصرى للاتفاقية المعنية بهذه المنطقة، وهناك ٥٠٠ شركة ومصنع روسى تتعامل بشكل تجارى مع مصر، كما أن التعاون الروسى المصرى واضح جدًا فى تطوير قدرات الجيش المصري.
كيف ترى العداء الأمريكى لبلادكم وسر مواقفها المعادية لروسيا الاتحادية؟
-أمريكا تُريد مواصلة التحكم فى العالم، وهذا واضح من دعهما أوكرانيا لمحاربة وإضعاف روسيا، لأن موسكو منافس للولايات المتحدة، والعالم لن يعود إلى سابق عهده خلال وجود الاتحاد السوفيتي، خاصة أن العالم خلال هذه الفترة يتحول إلى عالم متعدد الأقطاب، وهناك قوى ظهرت لديها تأثير قوى فى الكثير من المناطق مثل البرازيل والهند والصين، ومنظمة البريكس التى انضمت إليها مصر حديثًا مثال لشكل العالم مُتعدد الأقطاب، خاصة أن الدول المنضمة لهذه المنظمة إما دول إقليمية وإما دول لديها تأثير فعال على الساحة العالمية، وهذا على عكس مجموعة السبع التى تحت تأثير الولايات المتحدة، وليس لديه أى دور فى العالم.
ما رأيكم فى دور مصر فى نزاعات الشرق الأوسط؟
-هناك دول عربية سيكون لديها دور كبير على مستوى العالم خلال الفترة المقبلة، ومن هذه الدول مصر التى تملك الكثير من الإمكانيات للقيام بدور محوري، وحل النزاعات الدولية لا يكون بالتمني، ولكن من خلال التعاون مع العديد من الدول، لإيجاد حل لهذه النزاعات، ويدعم الموقف الروسى الموقف المصرى حول النزاعات الحادثة فى الشرق الأوسط، وروسيا تتعاون مع مصر فى مواجهة الإرهاب فى ليبيا الذى لم يعد قادرًا على الاستحواذ على جميع الأراضى الليبية، ونبذل جهودًا كبيرة مع الجانب المصرى لتوحيد الأراضى الليبية من خلال إعداد انتخابات ليبية، لإيجاد برلمان موحد لليبيا.
هل تتفهم موسكو مدى تأثير الحرب فى السودان على مصر؟
-تشعر موسكو بمعاناة الشعب السودانى بسبب الحرب الأهلية فى السودان، وتتفهم موسكو مدى المشاكل التى تنعكس على مصر بسبب هذه الحرب، ونسعى لإيقاف العمليات العسكرية فى ليبيا والسودان فى أسرع وقت ممكن، وموسكو تدخلت لمساندة النظام الشرعى فى سوريا فى ٢٠١٥، فى ظل الدعم الغربى للجماعات الإرهابية متعددة الجنسيات لتغيير النظام السوري، وداعش عندما كانت تُقاتل الجيش السورى فكان هذا على هوى الأمريكان، وبعد قتال داعش لبعض المواطنين الأمريكان صنفت الولايات المتحدة داعش كجماعة إرهابية.
إن معظم الأراضى السورية حتى الآن محتلة من قبل الغرب والولايات المتحدة حتى هذه اللحظة، ويستغل الاحتلال الغربى الموارد السورية لمصالحه الشخصية، متمنيًا تسوية النزاع فى سوريا، ولكن للأسف أمريكا تُعطل أى جهود لتسوية هذا النزاع أو أى مساعدات تقدم لدمشق، وتحدث الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما عن ضرورة أن يترك الرئيس السورى بشار الأسد السلطة، لكن هذا لم يحدث، ويسعدنا أن أوباما "هو الذي ترك السلطة، وبشار الأسد ما زال فى السلطة".