الثلاثاء 02 يوليو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

سوريا.. الجميع يلملم أوراقه

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لملمت روسيا أوراقها العنيفة وأخرجت كروتها الناعمة.. أمريكا كتبت كلمة النهاية بتصريحات وزير خارجيتها جون كيري منذ أيام، بأن الحل السياسي السبيل الوحيد لإنهاء الوضع، كذلك موقف الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة دونالد ترامب الداعم بشكل كبير لإنهاء الأزمة.. إيران انشغلت في مصير اتفاقها مع الغرب بعد أن أصبح في مهب الريح.. قطر بدأت في الاختباء، فلا حديث لديها في «جزيرتها» عن التنكيل بالنظام السوري كما كان مقررًا عليها.. دول خليجية أخرى توقفت عن الحدة في طريقة عرضها للأزمة.. «حزب الله» يراقب عن بعد وسحب جزءًا كبيراً من قواته.

الشواهد كلها تقول إن سوريا تعود، وإن الأزمة بدأت في الطريق الصحيح والحقيقي للحل، وأن العالم أصبح غير قادر على التمادي في تحمل مسئولية ما يحدث تجاه هذا البلد أمام شعوبهم، في ظل تنامى الاعتراضات والانتقادات التي تواجه الحكام من مشاهد القتل والدمار

وبعد ٥ سنوات على الأزمة السورية، دعنا نرصد سبب تفاقم الوضع واستمراره كل هذا الوقت بعكس باقي الدول التي شهدت ثورات، ولماذا أطالت أمريكا عمر الثورة السورية؟ وهل فعلا كانت تريد الخلاص من نظام بشار؟ وما أوجه الاتفاق والخلاف بين واشنطن وموسكو؟

بداية لا بد أن نفرق بين موقف أمريكا المعلن من الثورة السورية الذى يبدو مؤيدًا للثورة، وبين موقفها على الأرض والمتمثل في عدم التحرك جديًا لوقف ممارسات القوى المتصارعة في سوريا، غير أن أدنى من له إلمام بترتيبات الوضع السياسي لمنطقة الشرق الأوسط يسهل عليه تفسير تلك المواقف

فمن المعلوم أنه في البداية كان مصلحة أمريكا هو بقاء نظام بشار الأسد، لأسباب أقلها أهمية الحفاظ على أمن إسرائيل.

إذًا فما الذى دفعها إلى إعلان موقفها المناهض لنظام بشار الأسد؟

أولا ينبغي التذكير بأن أمريكا تأخرت كثيرًا في الإعلان عن ذلك الموقف، غير أن تسارع الأوضاع هناك، واتساع رقعة الاحتجاجات، أكد لها أن الرهان على بقاء ذلك النظام رهان شبه خاسر، فكان الخيار الأمثل هو عملية إبطاء تسارع تلك الثورة، ومحاولة احتوائها وتفريغها من أهدافها، عبر سياسة اللعب على الحبال

إذ يستمر الساسة الأمريكان في التأكيد على ضرورة تنحى الأسد، والقول بأنه فقد شرعيته، والدعوة إلى عقد المؤتمرات وتأسيس مجموعات تزعم صداقة ومساعدة الشعب السوري، يتم في الجانب الآخر معارضة وإفشال أي تحرك أو خطوة عملية لإنهاء الوضع، وخير دليل على ذلك ما قاله أوباما في مقابلة مع محطة «العربية» بأن الوضع في سوريا محزن، لكنه ليس معقدًا تمامًا، وأن بلاده كان بإمكانها إرسال جيش إلى سوريا، وإنهاء نظام الأسد بفترة قصيرة.

إن مواقف واشنطن من الثورة السورية لا تختلف كثيرًا عن موقفي روسيا والصين، غير أن الأخيرتين قبلتا بتحمل تبعات المجاهرة بموقفيهما، لأن روسيا تراهن في المقام الأول على علاقتها بإيران وأتباعها (أكبر مستوردي السلاح لديها في المنطقة)، بينما تشاركها الصين الرغبة في إيجاد أسواق جديدة في المنطقة العربية، خصوصا دول الخليج عبر عقود نفطية، غير أن ما يميز أمريكا هو شعورها بالقدرة على مخادعة السوريين، عبر مسلسل التصريحات والمؤتمرات، ومحاولة إلهاء قادة المعارضة (المتنازعون أصلًا)، وتشتيت مواقفهم، لذلك فلا غرابة أن يقف العالم متفرجًا على ما يحدث من جرائم. أما إذا لم ينجح النظام في الحسم وتحتم عليه الخروج، فعلى الأقل ستكون تكلفة خروجه من السلطة باهظة، بحيث ستكون مهمة تضميد جراح الشعب وإعادة بناء البلد شاغلةً لأى سلطة قادمة لعشرات السنين.

إذن نستطيع أن نقول إن ما اتضح مع قرب إنهاء الأزمة أن الخلاف بين روسيا وأمريكا لم يكن على رحيل الأسد بقدر ما هو تشكيك أمريكي في إمكانية نجاح روسيا كشرطي جديد في المنطقة مع الاحتفاظ بالأسد، وهذا ما أكدته تسريبات خطة أمريكا في سوريا التي تكاد تكون متطابقة مع الخطة الروسية، فواشنطن تنفذ استراتيجيتها في المنطقة بأدوات روسية، وهى جعل الدول المنتجة والمستوردة للنفط تتحمل مسئولياتها في حماية منابعها، وإنتاجه وتصديره وتقلع شوكها بأيديها، وتنصيب روسيا شرطيًا على المنطقة مع احتفاظ أمريكا بدور القيادة من الخلف، وهو ما أكدته هيلاري كلينتون، في مقال نشرته في مجلة «فورين بوليسي» في عام ٢٠٠٩، حيث قالت إن أمريكا تريد تحرير مواردها الاقتصادية والسياسية والعسكرية المرهونة فى الشرق الأوسط لاستثمارها في شرق آسيا.