الأربعاء 23 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

محوّلات الموت تحصد أرواح أطفالنا صعقًا.. و"الكهرباء" والمحليات في غيبوبة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شكاوى تتبعها استغاثات وصرَخات ملّت منها الحناجر، انطلقت من خلف بيوت الفقراء تسألهم الحياة، حيث تعالت صيحات أهالي كفر الشيخ والدقهلية والقاهرة بإماطة الأذى عن الطريق ورفع "محولات الكهرباء" من الأماكن المكتظة بالسكان؛ حفاظًا على حياة العجَزة والأطفال، خاصة بعد أن أصبح وجود تلك المحولات واقعًا حتميًّا فرضته شركات الكهرباء التي ضربت بسلامة وأمن المواطنين عرض الحائط في معظم نجوع وقري الريف، ليفرض السؤال نفسه: إلى متى سيظل صِغارنا طُعمًا للأسلاك العارية وأخطاء المحليات؟!
ظاهرة من الخطورة بمكان تجلّت بوضوح في بعض الأحياء الشعبية بالعاصمة وقرى الأقاليم، حيث انتشر وبشكل لافت وجود محولات كهربائية على قارعة الطريق في أماكن عمرانية تعجّ بآلاف الأطفال وكبار السن، دون أن يلتفت مسئول لحجم الكارثة المرتقبة والخطر المنتظر لينتهي بالصعق والوفاة أحيانًا، وهو ما عكَسَه الواقع المأساوي الذي يحياه أهالي قرية عزبة مفتاح التابعة لمركز دسوق بمحافظة كفر الشيخ.
وقال المواطن محمد فتحي: نستنجد بكل مسئول في الدولة لرفع خطر المحوّل عن أولادنا، محوّل الموت يومًا بعد يوم يحصد أرواح صغارنا أمام أعين المسئولين في مديرية الكهرباء.
وتساءل الرجل: كيف لمحوّل كهربي بهذا الحجم، أن يتواجد وسط تلك الكتلة السكنية، المحوّل تسبَّب فى حدوث كثير من الحرائق بالعزبة، وهناك أطفال كل يوم يمرون من أمامه ويُصعقون؛ لأن أسلاكه دومًا عارية، ونحن لم ندعْ بابًا إلا طرقناه لكن دون جدوى، لذا نهيب بمحافظ كفر الشيخ التدخل لإنقاذ أهل القرية ونقل المحوّل لمكان آخر.
ومن كفر الشيخ لمحافظة الدقهلية حيث مركز "سلسيل"، استوقفتنا المشكلة نفسها مع وجود جسم كبير لمحول كهربائي بالقرب من مدرسة اللطايفة الابتدائية، حيث أفادت السيدة سعاد، أحد السكان، بأن القرية بها 15 عزبة، أي أن ما يَقرب من 20 ألف نسمة مهدَّدون بالمحوّل الذي تم تركه دون غرفة مخصَّصة له، وسط أسلاكه العارية.
وأضافت السيدة سعاد: اضطر الأهالي لغلق المحوّل المفتوح بلوح خشبي ومادة خرسانية؛ لعزل الأسلاك عن مياه المطر؛ لتسبُّبه في الكثير من حالات الوفاة، إلا أن أحدًا لم يتحرك من مسئولي المحافظة أو مجلس المدينة أو حتى وزارة الكهرباء، وكأنهم لا يتحركون إلا بعد الكارثة، فإلى متى سيظل أطفال القرى مهمَّشين مهدَّدين بالموت، وحياتهم أرخص من قرارٍ يَخُطّه قلم المسئول عن تلك المهزلة؟ سؤال طرحته سعاد.
وتابعت: اشتكيت للمجلس المحلي قالوا لي روحي الكهرباء، وروحت الكهرباء قالوا لي "كلّفي على حسابك وانقليه طالما إنتِ وعيالك متضررين"، سألتهم: كم التكلفة قالوا: 100 ألف جنيه، وأنا بربِّي يتامى، طب أربِّي الأيتام ولّا أصرف على المحوّل، وأكلّف ليه؟! هو أنا أغنى من شركة الكهرباء عشان أصرف عليهم؟ أنا عليا فواتير كهرباء "بالكوم" ومش قادرة أدفعها بالأساس.
ومن الدقهلية لحلوان حيث كفر "العلو" الذي علت فيه أسلاك الضغط العالي التي حصدت روح محمد فارس ابن الخامسة، والذي التقينا والده أحمد حيث قال: أسلاك الضغط العالي فوق رءوس الأهالي، وتمر من بين المنازل والأسطح، اشتكينا حتى جفَّ الحلق، ولا حياة لمن تنادي، وكانت النهاية وفاة محمد ابني 5 سنين، وهو يلعب فوق سطح المنزل بيد "المقشة" التي طالت السلك فأسقطته ميتًا في الحال.
في الوقت نفسه تفرقت القضية على كل القبائل من المسئولين ممن ألقوا بالمسئولية على بعضهم البعض، فشركات الكهرباء تتنصل من مسئوليتها وتبرِّر بأنه لا مكان آخر للمحوّل، وأن النقل يحتاج لتكاليف، ورؤساء الأحياء بالقرى ينتظرون زيادة الميزانية لحل المشكلات المتعلقة بالأهالي، والبعض منهم ينفي مسئوليته عنها، ويُلقي بها في ملعب وزارة الكهرباء، في الوقت نفسه يسقط الأطفال ضحايا وصرعى للصعق والحرق، ونحن في موسم المطر والمخاطر، فمَن يفتح هذا الملف لعلاجه؟ سؤالٌ فرَضَه الواقع وينتظر إجابة.