الإثنين 30 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

لا خِلافة فى الإسلام

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ مؤتمر ماردين ٢٠٠٦ والشيخ المجدد، عبدالله بن بيّه، يبحث فى مسألة دار الإسلام ودار الكفر، وبالأمس طرح رأيًا منطقيًا فى منتدى تعزيز السّلْم فى المجتمعات المسلمة، المعقود فى أبوظبى، حيث قال فى كلمته التأطيرية «إن الأصل أن الشهادة كافية لتحقق الإسلام بالنسبة للمُكلَّف»، ثم أتبع «إن الخروج من الإسلام يتعلق بكل فرد، وليس حُكمًا ينسحب على الناس دون تحققه فى الأفراد، وتَحقُقه فى الأفراد مرتبط بالقاعدة المعروفة؛ إنكار المعلوم من الدين بالضرورة». وهو بهذا يقول إن إطلاق صفة «الإسلام» أو الإسلامية كما يحب البعض استخدامها غير منوطَة بالجماعة أو بالدولة، بل بالفرد وحده. وهى إلى جانب ذلك صفة خاصة بالاعتقاد، أى أنه لا يمكن لأى شخص أن يحكم على آخر بخروجه من الإسلام إلا إن أنكر معلومًا من الدين بالضرورة. وبالمناسبة، فإن «المعلوم من الدين بالضرورة» يختلف باختلاف أفهام الناس وثقافاتهم وتأويلهم للنصوص. ولهذا، فحتى إنكار المعلوم بالضرورة من الصعب أن يستخدم فى نزع صفة الإسلام عن الناس. وبالتالى، فلا يجوز أن ننزع صفة الإسلام عن دولة ما، لأنها لا تُطبّق الحدود كما يدعى المتطرفون والإرهابيون اليوم، فالحكم الشرعى شيء وتنزيله على الواقع شيء آخر، كما يقول الشيخ. وقوانين الدولة حتى وإن اعتمدت على الشريعة، فإن ذلك لا يعنى أن تُطبق الأحكام الشرعية كما هى دون مراعاة للظروف والأسباب والموانع، أى دون مراعاة للواقع. وهنا يرد الشيخ بشكل قاطع على الجماعات الإسلامية التى تستخدم مبدأ الحاكمية لتكفير المجتمعات والحكومات. المسألة الثانية والأخطر هى مسألة الخلافة الإسلامية التى يتداولها البسطاء والعلماء على أنها مِن بديهيات الشريعة المُسلّم بها، وفى هذا يقول الشيخ بن بيّه «إن كلمة (خليفة) وإن كانت وردت فى السنة فإنها وردت فى سياق مدلولاتها اللغوية لا التعبدية». أى إنها نشأت فى سياقات الأدبيات السياسية، وليست من صميم التشريع السماوى. فمن وصية النبى عليه السلام لقادته: «وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدرى أتصيب حكم الله فيهم أم لا». أما فى قوله تعالى: «يحكم به ذوا عدل منكم» وقوله: «فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها» دلالة على أن الدين ترك مساحة واسعة للعقل فيما يتعلق بتدبير شئون الناس ومصالحهم، بحسب كلام الشيخ، الذى ساق أقوالًا كثيرة لعلماء الأمة، أستحضر منها قول إمام الحرمين الجويني: «وليست الإمامة من قواعد العقائد»، وقول الفقيه الأصولى الآمدى الشافعي: «واعلم أن الكلام فى الإمامة ليس من أصول الديانات». ثم ذكر الشيخ أن النبى عليه السلام زكّى النجاشى، ملك الحبشة، الذى أسلم وصلّى عليه صلاة الغائب بعد موته، ولم يطلب منه فى حياته أن يهاجر إليه ويبايعه، فى إشارة إلى وجود حاكمين مسلمين فى الفترة نفسها. وقد يسأل سائل ويقول: لماذا تفتحون هذه الملفات الحساسة؟ لأن مهمة تجديد الفكر الدينى هى المخرج الأخير للنزوح بالعقل المسلم من براثن التطرف أو الإلحاد. ومن حق الحَقّ علينا أن نواجه المشكلات فى تراثنا وتاريخنا بشجاعة، ونكون أمناء فى البحث والنقد والتمحيص، وإذا جاز للأوائل أن يجتهدوا فيجوز لعلماء العصر، بل يجب عليهم أن يجتهدوا، حتى لا يعيش الناس بأجسادهم فى القرن الحادى والعشرين، وعقولهم تعيش مضطربة قبل ألف عام من اليوم.
نقلًا عن صحيفة «الإمارات اليوم»