الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

"بيت الدمية".. مسرحية عزَّزت وجود منظمات حقوق المرأة

مسرحية هنريك إبسن
مسرحية هنريك إبسن "بيت الدمية" على خشبة المسرح الملكي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحلّ، اليوم الأربعاء، ذكرى العرض الأول لمسرحية هنريك إبسن "بيت الدمية" على خشبة المسرح الملكي في كوبنهاجن عام 1879؛ وحينما يصف البعض الفن بأنه "القوة الناعمة" فإن هذا المصطلح لم يأتِ من فراغ، لكنه ينطوى على حقائق ملموسة أحدثتها أعمال فنية معينة، فـ"بيت الدمية" للكاتب المسرحى النرويجى "هنريك إبسن" كانت أحد أسباب تحرر المرأة الأوروبية.
وفي أول ليالي عرضها أثارت المسرحية غضب المشاهدين فرمَوا الممثلين بالطماطم، معتبرين المسرحية إهانة تمس مكانة المرأة، وتهدد الطمأنينة العائلية إذ ترفض "نورا" الزوجة قليلة الخبرة أن تحيا حياة زائفة مع زوجها المثقف، وتكتشف أنه لا يكنُّ لها احترامًا حقيقيًّا ولا يؤمن بحقها في أن تفكر أو تتخذ أي قرار. فنجد إبسن وقد مزَّق القناع عن حياة زوجية عاشت فيها الزوجة كاللعبة في البيت أكثر منها شريكة لزوجها الذي لم تدخر أي جهد لتسعده، في حين يتعامل معها هو كالدمية التي لا تفهم شيئًا، لتكتشف "نورا" خديعتها في زوجها وتجد أن ما كانت تعتبره سعادة كان وهمًا. ونظرًا للجدل الذي أثارته هذه المسرحية فقد استغلتها الحركات النسائية المتطرفة في العصر الحديث أسوأ استغلال في تفسير المسرحية بعيدًا عن مقاصد إبسن الحقيقية، ولما قوبلت هذه المسرحية، ولا سيما في ألمانيا، بعاصفة من الاحتجاج، اضطر إبسن إلى أن يضع لها خاتمة إرضاء للجمهور، ولا تزال المسرحية حتى اليوم تثير جدلًا بين النقاد المحدثين.
تدور أحداث المسرحية عن نورا المتزوجة من تورفالد هيلمر، وهي زوجة قوية ومكافحة عاشت من أجل استقلالها وحريتها والعمل على المساواة من الرجل، ومن أجل فكرتها عملت لتسهم في الحياة الزوجية ماديًّا. ولإنقاذ حياة زوجها تكالبت عليها الديون إلى أن غادرت بيتها وزوجها مصفقة باب المنزل خلفها لتكون تلك التصفيقة رمزًا للرفض وللغضب. خرجت غاضبة لاعنة حياتها في بيت زوجها "بيت الدمية"، معبرة عن أنها ما كانت إلا دمية يمتلكها تورفالد هيلمر.
حازت المسرحية المقتبَسة عن الرواية عددًا من الجوائز، بينها جائزة دراما دسك أوورد "Drama Desk Award"، وجائزة توني أوورد "Tony Award".
وهنريك إبسن ولد في مدينة شين بالنرويج عام 1828، وفي عام 1844 أصبح صيدليًّا مساعدًا في مدينة غريمستاد، بدأت شهرته مع ثاني مسرحية له وهي "عربة المحارب" عام 1850، وفي السنوات السبع التالية عمل كمدير تحريري في مدينة برجن لصالح المسرح النرويجي. وهو كاتب مسرحي نرويجي من كُتاب المسرح العظام في العالم. تتسم نظرته للحياة بالعمق والشـمول، ويتسـم مسرحه بدقة المعمار والاقتصاد مع تعبير شاعري دقيق، تأخذ مسرحياته دائمًا شكلًا تراجيديًّا أو المأساوي الجـاد. 
كتب أولى مسرحياته "كاتالينا"عام 1850 وجاءت ميلودراما مليئة بالإمكانات التي لم يرها معاصروه. وفي عام 1851 عمل إبسن كمساعد في مسرح بيرجين ثم سافر إلى الدنمارك وألمانيا لدراسة التكنيك المسـرحي. وفي عام 1854 كتب مسرحية السيدة إنجر من ستورات Lady Inger of Ostrat وهي مسـرحية تجري أحداثها في العصور الوسطى بالنرويج المعاصرة لإبسن. وفي عام 1855 كتب مسرحية تتناول موضوعًا من العصور الوسطى بطريقة رومانسية شاعرية مليـئة بالحـديث عن أمجاد النرويج السابقة، وقد حققت قدرًا من النجاح.
وفي عام 1862م أفلس مسرح بيرجين وأصبح إبسن مديرًا فنيًّا للمسرح النرويجي في مدينة أوسلو، وفي العام نفسه قدَّم له المسرح مسرحية شعرية ساخرة تُظهر الجانب الآخر من فنه؛ قوبلت المسرحية ببعض العداء لكنها نجحت في لفت الأنظار إلى إبسن. وفي عام 1863 قدمت له مسرحية تاريخية تمتاز بالتحليل النفسي والشاعرية. وفي نفس العام حصل إبسن على منحةٍ مكّنته من زيارة إيطاليا وألمانيا. وبعد ظهور مسرحيته براند 1860 تلقَّى معاشًا ثابتًا من الدولة أمَّن له مسـتقبله، ورغم أن إبسن قضى بقية أيامه في الخارج لكنه لم يفقد اهـتمامه أبدًا بالسـياسة النرويجية ولم ينس للحظة واحـدة أنه نرويجـي. كان يعيش في روما حيث كتب مسرحيته براند، تلك المسرحية التي نرى فيها لأول مرة قوته المميزة وجـديته وبحـثه عن الدوافع الكامنة وراء الأفعال. وفيها يتضـح أيضًا منهجه الذي يظهر في مسرحياته المقبلة ويقوم على الإيحاء بطبيعة الحقيقة ضمنًا وبطـريقة غير مباشـرة عن طريق أسئلة لا يجيب عنها، أما بيرجنت 1867 فهي دراسة كلية للشخصية النرويجية تتسم على عكس براند بالمرح والبهجة؛ وتشـترك مسرحيتاه براند وبيـرجنت في معالجتهما مسألة المثالية الجامدة واللا مسئولية.
لم يكتب إبسن مسرحيات شعرية بعد بيرجنت، وفي عام 1869 انتهى من كتابة فورة الشباب وهي مسرحية ساخرة تدور حول موضوع طالما عالجه بلا هوادة هو الزيف والخـداع؛ وفي هذا العام بدأ عمله الكبير في مسرحية ملك الجليل وانتهى من كتابتها في 1873؛ وهي تتناول الصراع بين المسيحية والوثنية في الأيام الأولى للمسيحية بأوروبا في عصر الإمبراطور جوليان.