من المقدسات فى شتاء الصعايدة الجلوس «تحت الحيط» فى الصباحات المشمسة.. ويا سلام لو كنت فطران «شوية رايب».. وبتحلى بلبشة قصب أحمر.. وقدامك السيجة.. تبقى كملت.
ومن المأثورات برضه.. إن السيدات العجائز من جداتنا بعد ما كانوا يخلصوا من «رحى العجين» إللى عمنا فؤاد حداد قال فيه: «العجين التانى خمرَْ والدراع لسه ما خدل».. بيتلموا «تحت الحيطة» برضه.. بس مش عشان يسمعوا زيطة حد.. لأ.. علشان يختموا كل حكاية من حكاوى الأيام الصعبة بمثل شعبى متين يلخص الحكاية ويجيب المفيد.
هذه الأيام.. واحنا فى وش الشتا خبط لزق.. لا أعرف لماذا يهاجمنى مثل شعبى من بتوع جداتنا فى تلك الأيام.. مؤداه إنه «مكسور ما تاكُلش.. وصحيح ما تكسرش.. وكل لغاية ما تشبع».. هذا المثل العبقرى الذى ردده عبقرى من جدودنا فى مواجهة ضيف تقيل الدم.. أراد أن يكرمه فجاء له بالطعام لكنه طلب منه ألا يقوم بكسر أى رغيف صحيح.. وألا يقترب من رغيف مكسور.. وكما ياكل ويشبع!!.
هذه الحيلة الجهنمية لمضايقة خلق الله.. تقوم الحكومة بتنفيذها هذه الأيام ببراعة شديدة.
تقوم بزيادة أسعار المواصلات.. وعايزانا نروح الشغل فى مواعيدها.. وتعمل قوانين للحث على العمل وعدم تعطيله فى نفس الوقت.. ثم تمنحنا قانونا جديدا يسمح لنا بالخروج المبكر على المعاش - عملوها ٥٠ سنة واتكرموا علينا بخمس علاوات تاخدهم وانتى ماشى - ده لو فكرت يعنى، لو ما فكرتش.. يبقى تشتغل.. بس تشتغل إيه ما حدش قالك.. لأن الموازنة باختصار ما فيها أى مليم للاستثمارات ولا للشغل.. يا دوب اللى فيها يكفى أجور ومرتبات الناس - اللى الضرايب خدت أكتر من نُصها - وفوايد الديون اللى بلونا بيها حكومة ورا التانية.. وطبعا الفوايد دى بتاعة قروض أصلاً.. والقروض دى سبق هما خدوها من غير ما ياخدوا رأى حد فينا.. بس للأمانة كانوا بياخدوا رأى حاجة اسمها مجلس الشعب.. إللى احنا عمرنا ما اخترناه.
المهم.. المفروض حضرتك تروح الشغل.. فى المواصلات الغالية.. وتشتغل الشعل اللى إنت مش عارفه ولا عارف لازمته.. وترجع تجيب لعيالك الأكل والشرب بالأسعار الجديدة.. ولو مش معاك فلوس استلف من واحد زميلك ولو زميلك مش معاه هات نص الكمية اللى كنت بتجيبها.. أو دوْر على بند فى الميزانية تقدر تلغيه.. يعنى التليفونات.. بلاها تليفونات.. السجاير بلاها سجاير... الكتب بلاها كتب.. هتعمل إيه الثقافة والكلام الفارغ ده فى بلد بعض شبابه ينتحرون بأحزمة ناسفة.. المهم ترجع بيتك.. قرفان مش قرفان.. مش مهم.. تاكل وتدور على الباقى فى جيوبك.. وتشوف هتكفى فلوس المدرسين بتاع الدروس الخصوصية.. مع إنك مودى العيال مدرسة خاصة بمبلغ وقدره وبسببه وسبب المدارس دى حضرتك هتخرج من المستحقين للدعم.. ولو عاوزه شيل العيال من المدارس دى وروح بيهم مدارس الحكومة.. ده لو لقيت مكان فاضى.. مدارس الحكومة انت عارف طبعاً أخبارها إيه.. ومش مشكلة لما الواد يرجعلك بغرزتين ولّا مطوة فى جنبه.. لو مش عاجبك ما تودهمش المدرسة أصلاً.. على الأقل توفر فلوس الباص.. المهم لو.. لو لقيت الفلوس لسه باقية فى جيبك احمد ربنا وادفعها وانت ساكت.. لأنك لو ما دفعتش.. هتسمعلك كلمتين فى جنابك من المدام ملخصهم «هي الأسعار زادت علينا لوحدنا.. ما احنا زى كل الناس.. والناس لسه بتودى عيالها مدارس وبتديهم دروس خصوصية.. وبالمرة يا ريت تعمل حساب فلوس هدوم الشتا وانت ساكت.. و«البس عشان خارجين» نروح للدكتور لأن الواد الصغير عنده برد وزكام وبيرشح.. وممكن يدخل فى «نزلة شعبية بعد الشر».. وشوف كده معاك أجرة الدكتور اللى وصلت ٣٠٠ جنيه فى الكشف ولا لأ؟.. ولو مش معاك انزل اتصرف فيها وانت ساكت برضه.. وما فيش داعى تفتكر فلوس العلاج.. لأنك هتدفعها للصيدلية أول الشهر.. وممكن بعد ما ترجع من عند الدكتور تروح القهوة.. تفضفض بكلمتين مع أصحابك.. أو تتلزق فى الأنتريه تتفرج على وائل الإبراشى وعمرو أديب.. لو مش عاجبينك أحسن برضه لأن فاتورة الكهربا زادت ٣ أضعاف.. والفرجة بتجيب إحباط.. والمحبطون فى بلادنا معرضون للزج بهم فى السجون بتهمة الانتماء لخلايا «بث الإحباط» فى الوقت الذى يعمل فيه المسئولون ليل نهار على مقاومته و«دفع عجلة التنمية»!!.. وممكن تريح نفسك وتخش تدفن راسك تحت اللحاف وتنام.. ما هو «نوم الظالم عباده».. لأنك حتما تظلم الحكومة بفهمك الخاطئ لما تفعله من أجلك وأجل المستقبل الذى لا يراه أحدى سوى هؤلاء المسئولين.. من الآخر يعنى.. «مكسور ما تاكلُش.. وصحيح ما تكسرش.. وكل لغاية ما تشبع».. شبعت ولا لسه حضرتك؟!.. ولا الأكل مش عاجبك.. لو مش عاجبك.. عنّك ما طفحت من أصله؟!.