تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
يصدر قريبًا عن دار العين للنشر والتوزيع رواية "ثياثرو ثرفنطيس" للكاتبة المغربية نسيمة الراوي.
من أجواء الرواية:
"لم أنتبه إلى بكائي إلا حينما مسح مراد دمعات تزحلقت فوق خدي بأطراف أصابعه، وليس بالمناشف كما تعود أن يفعل. كنت أبكي، وأقضم التفاح، أتحسس أصابعه. وكانت هي تجلس في الكرسي المقابل تقرأ رواية "For Bread Alone" أو "الخبز الحافي" لمحمد شكري. هادئة جدا كأنها في قطار آخر لا ترانا، وكأنها خارج المكان، وخارج الزمن، وخارج المشهد، وخارج الرواية لا تسمع أنين الخبز داخل الرواية، وخارج الرواية في الكرسيين المقابلين لها. أبكي، وأقضم التفاح، أتحسس أصابعه، وكانت هي تجلس في الكرسي المقابل محايدة، تشبه ذلك السارق اللطيف الذي يفرغ محتويات حقيبتك، ويتكرم بإرسال بطاقتك الوطنية، ووثائقك إلى عنوانك البريدي. كانت تتكرم على قلبي الذي سقط بمساحة حرة كي يتدحرج جيدا. أبكي، وأقضم التفاح، وأتحسس أصابعه، أراقب قلبي وهو يتدحرج، يتضاءل ليصير تفاحة فاسدة.
كيف تخرج الدموع من الذاكرة؟ كيف خرجت دموعي من القطار لتبلل قاعة السينما؟ أخرج كريم مناشف الكلينيكس من الجيب الداخلي لمعطفه، ومسح دموعي معتقدا أن بكائي شفقة على "أمين" صديق "يحيى الصياد" الذي سيضطر إلى إجراء عملية جراحية تفقده ذاكرته. هرب "أمين" من المستشفى بعد أن تمدد في غرفة العملية استعدادا لإجراء العملية، ظل يركض مرتديا بلوزة العمليات الزرقاء، يركض باتجاه باب المستشفى ثم باتجاه البحر، لحق به "يحيى" الذي كان ينتظره في قاعة الانتظار، نزع يحيى معطفه، وألبسه إياه.