نعلم أن كلا منا أعطاه الله ٢٤ قيراطًا، ولكنها وزعت بشكل مختلف وبحسابات تختلف لكل منا عن الآخر، ورغم علمنا بذلك نجد أن كلا منا ينظر لما يملكه الآخر.
فللمدير نقول لماذا أصبحت فى هذا المنصب؟ لو أعطونى الإدارة لفعلت كذا وكذا، وسوف أغير وأصلح وأستفيد وأفيد من حولى، ويدور حديث العقل داخلنا حول أننا أحق ببعض النعم التى نسعى إليها، ولا بد أن نبلغها ونحصل عليها، وقد أعطيت لآخرين نرى أنهم لا يستحقونها.
يمتد نظرنا لما هو أبعد، فنحلم دائما بثروة، ونستهلك بعضًا من التفكير فيما سوف نفعله بتلك الثروة، ونعيش داخل النوازع، ونبنى ونشترى ونسافر ونستمتع، ومع أول صوت عال يخترق آذاننا نستيقظ من الحلم، لنجد الواقع الذى نبذل فيه الجهد المطلوب للوصول لجزء من ذلك الحلم.
فقد حولنا عقولنا لمكان بعيد عن الواقع عما يجب أن نفعله لنحصل على ما نحلم به.
نشكو من غلاء الأسعار، ولم نفكر يومًا فى تصنيع أقل احتياجاتنا داخل منازلنا، فربما نقاطع منتجات، وربما نشتريها بكميات أقل، ولكننا لم نفكر أو نبادر أو نبحث عن كيفية تصنيعها ذاتيًا دون الحاجة لجشع التجار.
نشكو من غلاء أسعار الخضروات، ونتعجب ولم نبذل أقل المجهود لزراعتها على أسطح بيوتنا أو داخل شرفاتنا.
نتذمر من ارتفاع أسعار الصابون، ولم نبحث فى شبكات التواصل عن خامات تصنيعه وكيفية عمله.
وأصناف كثيرة لو بحثنا عنها سنجد أننا نستطيع أن نستهلك نفس الكميات السابقة بتغيير طريقة الحصول عليها، ولكننا نريد أن نكون مثل أوروبا أو سكان الدول الأجنبية دون أن نصل لطريقة حياتهم، فنحن نعيش حلما داخل عقولنا فقط، وننظر لمن حولنا، وندقق فى الجزء المضيء من الصورة فقط، ولا نرى ما لا نريد أن نراه.
تحية لشعوب الحرب الذين لم يستسلموا وبأيديهم يصنعون أمجادهم الشخصية، أمجاد أوطان يهجرونها.
الجزء الناقص الذى نراه فى الغرب ربما لا يتناسب معنا، ليس كل ما يفيدك يفيد غيرك، والعكس بالعكس.
فى يوم من الأيام كان هناك رجل عنده حماران، وكانت عنده حمولة مكونة من ملح وقدور وأوانٍ وحلل... فبدأ صاحب الحمارين فى تقسيم الحمولة عليهما، فوضع على ظهر الحمار الأول حمولة الملح كاملة، ووضع على ظهر الثانى حمولة الأوانى والقدور والحلل وكانت بالطبع فارغة.
فبدأوا فى رحلتهم، ومع مرور مسافة كبيرة كان الحمار الذى يحمل حمولة الملح بدت عليه علامات الإرهاق والتعب، حيث كان يرى أن الحمار الثانى منعم بحمولة الأوانى الفارغة.
فبدأ يفكر، فقرر الحمار أن ينزل فى بركة المياه التى كانت أمامه، ليرتاح قليلا، وبالفعل عندما نزل وخرج منها أحس بانتعاش كأنه لم يحمل شيئًا، وذلك يرجع إلى أن حمولة الملح التى يحملها ذابت فى مياه البركة، فعندما رآه الحمار الثانى خرج منتعشًا بسبب نزوله فى ماء البركة، أخذ يقلده ونزل بالفعل، ولكنه لم يكن يقدر أن يطلع من هذه البركة، لثقل حمولته، وذلك لأن كل الأوانى الفارغة امتلأت بالمياه، وكاد ظهره ينكسر من ثقل ما يحمله، فوقع أرضًا...
وبالفعل، نتعلم من هذه القصة أن ليس كل ما ينفع غيرك من المؤكد أن ينفعك، والعكس بالعكس، لا بد أن نفعل ما يلائمنا ويناسبنا فقط دون تقليد أعمى.
أفيقوا، ليس فقط لكم، بل لتعلموا أبناءكم كيف تكون الحياة، وكيف نصنع الأمجاد.