رأت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية الصادرة اليوم الثلاثاء أن سيناريو انتصار الرئيس السوري بشار الأسد في حربه ضد معارضيه وهو ما قد يشهده المجتمع الدولي خلال فترة قصيرة، ربما يحمل للأسد مشاكل جديدة ويكبده ثمنا باهظا.
واستهلت الصحيفة تقريرها في هذا الصدد - حسبما نقل موقعها الإلكتروني - بتوضيح حقيقة أن الحكومة السورية أحرزت مكاسب إقليمية كبيرة في مدينة حلب يوم أمس الإثنين، مما ألحق بالمعارضين هزائم كبيرة وأجبر الآلاف منهم على الفرار من المدينة ليبدو الرئيس الأسد بذلك وكأنه ينجو بنفسه من ويلات الانتفاضة السورية وذلك وفقا لتقديرات أشرس معارضيه.
وذكرت أن انتصار الأسد مع ذلك وفي حال تحقق بالفعل ربما يكون باهظ الثمن، فعليه إدارة دولة خاوية على عروشها اقتصاديا وتعوقها عناصر مسلحة لا تلوح في الأفق نهاية قريبة لها وذلك حسب تقديرات دبلوماسيين وخبراء في الشرق الأوسط والعالم.
وأضافت الصحيفة إنه في الوقت الذي تستوعب فيه قوات المعارضة في حلب أقسى ضربة وجهت لها منذ أن استحوذت على أكثر من نصف المدينة قبل أربعة أعوام، قال سكان المدينة إنهم رأوا أشخاصا مقطعين في الشوارع أثناء بحثهم عن مأوى وتخلل هذا الهجوم أشهر من المعارك الشرسة بين الحكومة وصفوف المعارضة أدت في النهاية إلى تدمير المدينة التي كانت يوما ما أهم مركز صناعي في سوريا.
وأوضحت أنه في حال سقوط حلب فإن الحكومة السورية سوف تسيطر بذلك على أكبر خامس مدينة في البلاد وأكثرها من حيث تعداد السكان في الغرب، وهو ما قد يترك للمعارضين فقط مدينة إدلب الشمالية وبعض الضواحي المنعزلة في مدينتي حمص وحلب وأحياء قريبة من العاصمة دمشق.
ومع ذلك، يتشكك محللون بأن هذا السيناريو من شأنه أن يكتب نهاية للصراع الذي دام أكثر من خمسة أعوام وتسبب في تشريد خمسة ملايين سوري فضلا عن مقتل ما يقرب من ربع مليون شخص على الأقل.
ونقلت الصحيفة عن ريان كروكر وهو دبلوماسي محنك عمل في منطقة الشرق الأوسط كسفير أمريكي لعدة دول منها لبنان وسوريا والكويت والعراق قوله "إن الصراع في سوريا ربما يستمر أعواما قادمة لأنه بمجرد أن تستولى حكومة الأسد على المدن المهمة سيلجأ المعارضون للاختباء في القرى".
وقارن كروكر الوضع في سوريا بالحرب الأهلية اللبنانية، قائلا "إنها استغرقت 15 عاما حتى انتهت والسبب في ذلك عاد بشكل كبير لدخول السوريين إلى لبنان ووفق هذه الحرب ولكن في سوريا مضى خمسة أعوام فقط على الحرب، فضلا عن أنه لا توجد سوريا أخرى حتى تتدخل لتنهى هذا الصراع".
وأبرزت الصحيفة الأمريكية أن حكومة الأسد وبسبب الدعم الجوي العسكري الذي تلقته من روسيا بجانب قدوم ميليشيات من إيران والعراق وأفغانستان ومقاتلين من حزب الله اللبناني، تمكنت من قلب دفة الصراع لصالحها بنحو أعاد لها معظم الأراضي التي فقدتها في بداية الحرب.
وفي هذا الصدد، يقول السفير الأمريكي السابق لدى سوريا روبرت فورد "إن الجانب القاتم في المشهد بالنسبة للأسد يتمثل في أية دولة ستتبقى له !!! فليظل الأسد إذا وينتشر الإيرانيون والروس في سوريا ولكنه سوف يحكم على جثث أكثر من نصف السكان، وسوف يستمر جرح سوريا مفتوحا وعميقا بقدر ما تستطيع العين رؤيته".
وقالت (نيويورك تايمز) إن الأسد – عند انتصاره إن تحقق بشكل كامل - سوف يبقى مدينا بالفضل لداعميه الاثنين(روسيا وإيران) المكروهتين من جانب جميع السكان السنة في سوريا وأغلب القوى السنية في الشرق الأوسط، وهذا يعني أن الأسد سيواجه جهود إيران لترسيخ نفوذها الإقليمي عبر توسيع المد الشيعي في سوريا ولعب دور بارز في المناطق المهمة في سوريا مثل حلب.