الأربعاء 03 يوليو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

وجع في الكُلى.. صرخة "2 مليون مريض" بعد ارتفاع فواتير جلسات الغسيل.. 600 جنيه مصروفات الجلسة الواحدة بالمراكز الخاصة و150 جنيهًا في التأمين الصحي.. ومليار جنيه بيزنس المرض سنويًا

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الوجع في الجسد المصري مستمر ويتضاعف في الكُلى، الحسرة هى فقط "سيد الموقف" في ساحة دموع "2 مليون مريض" بعد ارتفاع فواتير جلسات الغسيل بسبب الدولار الغدّار، يقابل الحسرة صراخ، احتجاجًا على نقص الدواء واستخدام فلاتر ممنوعة دوليًا في عمليات الغسيل قد تؤدي إلى الوفاة. 



الفواتير تقول، إن تكلفة الجلسة الواحدة قفزت إلى 150 جنيهًا بعد أن كانت 70 للحالات التابعة للعلاج على نفقة الدولة والتأمين الصحي، فيما أصبح لسان حالهم يصرخ حسرة: "مش كفاية المرض.. هيبقى الغلا كمان علينا".
الأخطر، أن مرضى الفشل الكلوي والذين يقدر عددهم في مصر وفقًا للأرقام المعلنة حوالي 2 مليون مريض، يعانون من سوء في الخدمة، حيث يقل عدد الممرضات المشرفات على عمليات الغسيل الكلوي، فنجد أن الوحدة التي بها 25 سريرًا تكتفي فقط بممرضتين، إضافة إلى تدهور حالة ماكينات الغسيل التي لا تتوفر لها قطع الغيار مع نقص شديد في كبسولات البيكربونات التي يحتاجها المريض بعد كل جلسة ونقص في حقن "الايركس" وأكياس الدم كما أنهم يتحملون تكاليف الأشعات والتحاليل كل ستة أشهر تصل تكلفتها إلى ثلاثة آلاف جنيه.
كما أنهم يصابون في بعض الأحيان بفيروس "C" بسبب جهل الممرضات لأساليب التعقيم ونقص الأدوات وانعدام الصيانة الدورية لوحدات الغسيل بسبب نقص الميزانية لذلك يحتاج كل مريض 12 حقنة شهريًا لعلاج ارتفاع هرمون الغدة لا يصرف منها من المستشفى إلا سبع حقن فقط ويشتري المريض الباقي على حسابه الخاص مما يكلفه مبالغ باهظة، حيث إن سعر الحقنة 12 جنيهًا، كما أن بعض العلاجات غير متوافرة في صيدلية المستشفيات مثل "الرانتيدين"، وهو ما كشفه بعض المرضى.



ومن مأسي مرضى الكلى كما يقول الدكتور "عادل عفيفى" رئيس لجنة الإحصاء بالجمعية المصرية لأمراض وزراعة الكلى أن معظم مرضى الكلى فى مصر لا تتجاوز أعمارهم ‏50‏ عامًا وأن نسبة الإصابة فى الإناث تصل إلى 55%‏ مقابل 45%‏ للذكور، أن 83%‏ من المراكز الخاصة والحكومية فى مصر تستخدم محلول (الإسيتيت) فى جلسات الغسيل لمعالجة الفشل الكلوي، بالرغم من أنه تم منعه فى العديد من دول العالم بسبب أضراره المتعددة، حيث إنه يؤدى فى كثير من الأحيان إلى هبوط فى عضلة القلب وهبوط فى ضغط الدم وحموضة فى الدم، وبالرغم من ذلك تقوم أغلب مراكز غسيل الكلى سواء الحكومية أو الخاصة، باستخدامه لقلة تكلفته مقارنة بـ (بيكربونات) الأكثر فاعلية.
وأضاف "عفيفي" أن هناك دراسة رصدت المشاكل التي تواجه مرضى الكلى في مصر تشير إلى أن هناك العديد من المراكز تستخدم الفلاتر والمرشحات أكثر من مرة فى جلسات الغسيل دون تعقيم مما يعرض حياة المريض للخطر،‏ وأن الفلاتر حجم 1.3‏ متر هى الأكثر استخدامًا فى مصر على الرغم من كونها الأقل جودة وكفاءة، نظرًا لصغر حجمها؛، مما يؤدى إلى ضعف كفاءة الغسيل، مشيرة إلى أن وزارة الصحة تلجأ لشرائها بسبب رخص سعرها، حيث إن فرق السعر بين الفلاتر الصغيرة والأكبر حجمًا حوالى 20‏ مليون جنيه.
ومن جانبه أبدى د. "محمود فؤاد" المدير التنفيذي للمركز المصري للحق فى الدواء انزعاجه الشديد مما يتعرض له المرضى بسبب الاهمال وقلة الخبرة ممن يشرفون على وحدات الغسيل وأصحابها الذين يتاجرون بالمرضى في تراخٍ واضح وغياب للرقابة من قِبل وزارة الصحة، كاشفًا عن احصائية أجرتها الجمعية المصرية للكلى ومنظمة الصحة العالمية مؤخرا، توضح أن عدد المرضي المترددين على وحدات الغسيل الكلوي بكل من المستشفيات الحكومية والتعليمية والمراكز المتخصصة والتأمين الصحي والمؤسسات العلاجية والقطاع الخاص وصل 114 ألفًا و278 مريضًا، ويمثل مرضى المستشفيات الحكومية النصيب الأكبر من إجمالي المترددين، حيث وصل عددهم نحو 52 ألفًا 885 مريضًا، لافتًا إلى ارتفاع سعر الغسيل، حيث تصل الجلسة الواحدة إلي 150 جنيها في بعض المراكز و600 فى البعض الآخر، بخلاف الإهمال الطبي وطول قائمة الانتظار للعلاج علي نفقة الدولة التي أصدرت نحو 43 ألفًا و256 طلبًا عام 2014 من أصل 112 ألف طلب مقدم لها.



ولفت "فؤاد" إلى أن 25 - 55% من مرضى الغسيل الكلوي أصيبوا بفيروس "سى"، موضحًا أن الغسيل الكلوي يعد المصدر الأول فى الإصابة بالالتهاب الكبدي الوبائي، لأنه أثناء عمليات الغسيل يحدث انسداد مواسير سحب المياه بماكينات الغسيل، ما يعرض المرضى للصداع والضغط والشد العضلي وهياج الجلد، الأمر الذى قد يؤدى إلى وفاة الكثيرين بسبب الإهمال والتسيب وعدم توافر الإمكانيات والأدوية.
وأوضح مدير المركز أن هناك 309 مراكز خاصة وحكومية لغسيل الكلى، وأن عددًا كبيرًا منها وحدات خاصة يمتلكها مهندسون وفئات أخرى، تستغل الوضع الصحي لهؤلاء المرضى، ودخلت المجال طمعا فى الأرباح التي يقدر بحوالي مليار جنيه سنويا.
ووفقا لتقارير منظمة الصحة العالمية، فإن هناك اختلافًا فى نسبة انتشار المرض فى مصر عن غيرها من بلدان العالم، فنسبة الإصابة دون سن الخمسين 90% ما يدل على تردي الرعاية الصحية بشكل واضح، فيما تنحصر الإصابة في الدول الأوروبية بين سن 70 و80 عامًا، وأكدت أن نسبة الإناث المصابات بالمرض وصلت إلي 55%، مقابل 45% للذكور، وانحصرت أسباب الإصابة بالمرض في ارتفاع ضغط الدم المسئول عن 36% من إجمالي الإصابات، مقابل 13،5% لمرضي السكر، ونحو 80% للالتهابات الصناعية بالكلي، و6% لانسداد المسالك البولية، ويقدر ضحايا الفشل الكلوي بحوالي 2 مليون و600 ألف حالة داخل مصر، يموت منهم حوالى 30% سنويا، في حين لا تتجاوز النسبة العالمية لوفاة مرض الفشل الكلوي 7%، وذلك وفقا للإحصائيات التي أجريت خلال عام 2014.
ويحتاج من هذا الرقم الضخم ما يقرب من 60 ألف مصاب، أغلبهم دون سن الـ50 إلى عمليات غسيل كلوي تنفق الدولة عليهم ما يزيد على 2 مليار و110 ملايين جنيه بحسب آخر الأرقام المعلنة، وربما تقل التكلفة إلى النصف في حال تعميم العلاج بالغسيل البريتوني والذي يوفر 2000 جنيه شهريا على المريض.
وعن فوائد الغسيل البريتوني بين لنا د. "محمد غنيم" رائد زراعة الكلى في مصر أنه يمكن بالأساليب المتطورة لهذا النوع من الغسيل أن يقوم به المريض وهو نائم لمرة واحدة يوميا بما يساعده على ممارسة عمله في حين أنه لا يضطر للذهاب إلى المستشفى وتضييع وقته وجهده مثلما يحدث في الغسيل الدموي في وحدات غسيل الكلى في المستشفيات وهو ما يجعل المريض أثناء فترة علاجه منتجًا.
وأشار "غنيم" إلى أن هذا النوع من العلاج رغم اخفاض تكلفته الفعلية إلا أنه يحتاج إلى عناية فائقة بالمريض ما يجعل تطبيقه بشكل مثالي صعب في ضوء الإمكانات المتاحة وثقافة المواطن المصري في التعامل مع مثل هذا النوع من الأمراض المزمنة.