تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
تزوج «دسوقى» من «رئيفة»، وحملت منه بعد فترة تأخر فى الحمل، ولكن لظروف الحرب ووجود «دسوقى» على جبهة القتال جعلته يغادر «سرابيوم» وترك «رئيفة» فى رعاية «متولى» وأبويها، وتتعرض منطقتا «الدفرسوار وسرابيوم» لحصار من قبل العدو الإسرائيلى.
فى ميدان القتال وعلى الجبهة نتعرف على أبطال مجهولين صنعوا نصر أكتوبر المجيد، منهم المجندان «جابر، وخليل» الذين كانوا يستمعون لأغانى عبدالحليم حافظ عبر إذاعة راديو إسرائيل التى تحمل مشاعر الحنين والحزن، فأدرك «دسوقى» أنها الحرب النفسية التى أخذت تمارسها إسرائيل على مصر منذ صباح يوم السابع من أكتوبر ١٩٧٣، ونتعرف على عبقرية المقاتل «توفيق على منصور» صاحب فكرة تركيب تليسكوب على الدبابات المصرية لتجعل عملية إصابة العدو تتم بدقة عالية، لقد وصل إعجاب الخبراء الروس بالفكرة وطبقوها فى الجيش الروسى، ونتعرف على العديد من الشخصيات العسكرية، مثل «العقيد تحسين شنن» وغيره الكثير التى يحفل بها الروائى محمود عرفات وما حدث فى ثغرة الدفرسوار.
قام العدو الصهيونى الغادر بارتكاب مذبحة بشعة، وقتل كل رجال «سرابيوم» أمام أطفالهم ونسائهم بما فيهم والد «رئيفة» و«متولى»، وهدموا منازل القرية وأجبروا النساء والأطفال والعجائز على مغادرة «سرابيوم»، ولكن «رئيفة» لم تقو على الحركة والسير على قدميها من «سرابيوم» تجاه قرية «نفيشة»، فسقطت فى الطريق منها، ويعود «دسوقى» بعد انتهاء الحرب لتحل عليه صدمة وفاة «رئيفة» وابنه الذى فى بطنها الذى كان ينوى تسميته إبراهيم الدسوقى، كما فعل فيه أبوه فى الماضى وسماه دسوقى، حبًا فى العارف بالله سيدى إبراهيم الدسوقى.
لم يستوعب «دسوقى» فكرة موت «رئيفة»، أمها و«متولى» يوقنان بموتها، أم «رئيفة» فقدت النطق، لأنها لم تدافع عنها بما فيه الكفاية، وتحل صدمة أخرى، وهى قبول السادات السلام مع إسرائيل. «دسوقى» تعرض لصدمة نفسية خطيرة جعلته يعانى من مرض نفسى، يطلق عليه علماء النفس، «اضطرابات ما بعد الصدمة»، جعلته يتخيل أن نساء سرابيوم كلهن «رئيفة»، مما جعل نساء القرية فى حالة خوف وسخرية منه. وعلى أثر قرار السلام مع إسرائيل قرر «دسوقى» التقاعد من الخدمة العسكرية، حتى يكون فى حل من وعد السادات للعالم، ويُحدث «دسوقى» نفسه، هل تترك الخدمة لتثأر بمعرفتك؟ كيف يكون وطنى الأكبر ممزقًا؟ ومن المسئول عن تمزيقه؟ أفكر فى الموضوع فأشعر أننى أكاد أفقد صوابى.
لا تعكس رواية «سرابيوم»، فى إطارها الزمنى، الفترة التاريخية للقتال على الجبهة لحرب أكتوبر فقط، بل تمتد لسنوات طويلة، تبدأ منذ منذ ما قبل حرب يونيو ١٩٦٧، مرورا بسنوات حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر ١٩٧٣، لتنتهى أخيرًا عند رفض «دسوقى» لاتفاقية «الكويز» الموقعة بين نظام مبارك والكيان الصهيونى فى عام ٢٠٠٥. يقول «دسوقى»: «كويز إيه وزفت إيه؟ شفت يا متولى؟ شفت ما يفعلونه لربطنا بمصالح العدو؟ يعقدون اتفاقيات لروابط اقتصادية، ويزينون لنا تسهيلات للتصدير، ويعتمدون على الحيتان من الرجال الذين لا يهمهم إلا الكسب السريع. سعينا إلى السلام لنستعيد سيناء، قبلناه على مضض رغم شروط المعاهدة القاسية، أثق أن هذا السلام سيتحطم قريبًا وتتجدد المعارك، هل نسينا ما فعلوه بنا فى سبعة وستين، وما فعلناه بهم فى ثلاثة وسبعين؟! إنهم يهاجموننا فى السلم بمحاولة التغلغل الاقتصادى فى حياتنا.. آه يا متولى.. أنا خائف من ضياع حقنا الذى لا يبحث عنه أحد.. لا أنسى ما فعلوه.. كيف أنسى ما فعلوه برئيفة؟ ومَن يساعدنى على الثأر؟».
تكشف رؤية العالم عند محمود عرفات، كمحارب شارك فى صنع نصر أكتوبر، وكمثقف وروائى عن مخاوفه من فقدان الذاكرة التاريخية للأهمية العظيمة لأكتوبر المجيدة عند عامة المصريين، والنصر العظيم، الذى يخاف عليه أن يختفى وراء ستار الإهمال والانشغال اليومى بهموم تافهة، فيقول على لسان «دسوقى»: «لو بقيت شعلة أكتوبر متوهجة لأنارت لنا حياتنا كلها.. ولحققنا بنورها المعجزات».
وينهى الروائى محمود عرفات رواية «سرابيوم» محذرا العقل الجمعى للمصريين من أن الخطر قادم من ناحية الشرق، فلا يزال «دسوقى» يصعـد كل يوم على المصطبة فى قرية سرابيوم، ليمارس طقوسه فى المراقبة وتتبع العدو الإسرائيلى من ناحية الشرق، ويعلو صوته محذرا «الخطر أصبح قريبًا.. وأنهم سيهجمون.. سيهجمون».