الخميس 24 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

إلزام المؤسسات بالقيمة العادلة يثير الجدل بين صناع السوق.. ومواجهة "الرقابة المالية" لقفزات "بلتون" تضاعف معاناة شركات بورصة النيل

هشام فوزى رئيس مجلس
هشام فوزى رئيس مجلس إدارة شركة الدولية للصناعات الطبية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعمل هيئة الرقابة المالية والبورصة على تطبيق معايير الرقابة لضمان سلامة التداولات فى سوق الأسهم من خلال ترقبها للأحداث وضمان تفاعل الأسهم معها صعودا وهبوطا، وعند ملاحظة حدوث تحول مفاجئ فى حركة بعض الأسهم ارتفاعا أو هبوطا يحق للهيئة التدخل حفاظا على سلامة السوق.
فى ضوء ذلك جاء تحرك هيئة الرقابة المالية ضد شركة بلتون بعد أن حدث تغير جذرى فى هيكل ملكية الشركة ترتب عليه ارتفاع مفاجئ فى قيمة السهم الذى كان يتداول آنذاك عند مستوى ٣.٩١ جنيه، وظل يتداول قرب هذه المستويات حتى منتصف يناير ٢٠١٦، عندما تلقت هيئة الرقابة المالية عرضًا للاستحواذ على الشركة، من تحالف أوراسكوم للاتصالات والإعلام والتكنولوجيا القابضة. 
بالتزامن مع تردد أنباء استحواذ بلتون على بنك الاستثمار سى آى كابيتال، حقق سهم بلتون قفزات قوية وسريعة أسفرت عن ارتفاع سعر السهم من مستوى ٣.٤٣ جنيه فى ١٨ يناير حتى وصل إلى ٢٠.٧٥ جنيه بزيادة استثنائية قدرها ٥٠٥٪. قبل أن يتراجع مرة أخرى إلى قرب ١٠ جنيهات.
وأدت هذه القفزة إلى وضع استثنائى آخر بعد أن تجاوزت القيمة السوقية لشركة بلتون، القيمة السوقية للشركة الأم «أوراسكوم» فى بعض الأيام، ولكن سرعان ما كانت تقرر إدارة البورصة إلغاء أوامر الشراء والبيع على السهم لكونها تتضمن أسعارًا غير مبررة.
وطلبت الهيئة العامة للرقابة المالية بموجب نص المادة ٣٤ مكرر من قواعد قيد وشطب الأوراق المالية من شركات مصر جنوب إفريقيا للاتصالات، وأراب للتنمية والاستثمار العقارى، والدولية للصناعات الطبية إيكمى، وبلتون المالية القابضة، إعداد دراسة للقيمة العادلة لأسهمها، بسبب وجود تغيير سعرى فى اتجاه واحد بنسبة أكثر من ٥٠٪ خلال ٣ أشهر، وذلك خلال شهر من تاريخ مطالبتها.
ويتيح القانون طلب إعادة التقييم إذا حدث تغير آخر أو بنسبة أكثر من ٧٥٪ خلال مدة زمنية لا تتجاوز ٦ أشهر، بما لا يتناسب مع اتجاه مؤشرات السوق أو القطاع الذى تنتمى إليه الشركة المصدرة أو نتائج أعمال الشركة المصدرة ومدى وجود أخبار جوهرية تبرر ذلك التغيير.
تطبيق الهيئة للقانون الذى استهدف وقف الصعود الكبير والمتواصل من شركة بلتون القابضة رغم تطبيق إدارة البورصة لقواعد الإفصاح أضر بالعديد من الشركات المقيدة فى بورصة النيل والتى تنخفض موازناتها ونفقاتها المالية عن الشركات الكبيرة مما يدفعها لتحمل أعباء مالية متكررة كبيرة.
وارتفع سهم بلتون قبل شهر من الآن بنسبة ٩.٢٢٪ ليبلغ ١١.٣٧ جنيه للسهم، قبل أن يتم إلغاء عمليات التداول على السهم. كما ارتفع سهم مصر جنوب إفريقيا للاتصالات بنسبة ٢.٠٨٪ ليصل إلى ٠.٩٨ جنيه للسهم، فيما انخفض سهم أراب للتنمية ٤.٦٨٪ وبلغ ٢.٢٤ جنيه للسهم، وارتفع سهم إيكمى بنسبة ١.٤٩٪ ليبلغ ٦٩.٠١ جنيه للسهم.
وتعليقًا على ذلك قال هشام فوزى رئيس مجلس إدارة شركة الدولية للصناعات الطبية «إيكمي» إن طلب الرقابة المالية إعداد دراسة للقيمة العادلة لسهم الشركة بسبب ارتفاعه أدى إلى تحول السهم للهبوط وتراجع المستثمرين عن التعامل عليه كرد فعل لقرار الهيئة ما دفع الشركة لتأجيل تنفيذ خطة زيادة رأس المال التى كانت تستهدفها لتمويل توسعاتها والتغلب على أزمة نقص الدولار وارتفاع أسعاره.
وأوضح «فوزى» فى تصريح خاص لـ«البوابة» أن شركته لم ترفض طلب دراسة القيمة العادلة للسهم بل تعتبرها أداة جيدة لمعرفة قيمة أصولها الحقيقية فى السوق على فترات متباعدة، خاصة أن شركته تمتلك أصولًا جيدة، لكن الاعتراض يكون على الإعلان عن طلبها بشكل معلن، وأن تتم مخاطبة الشركات التى طرأت على أسهمها تغيرات بشكل داخلى للتأكد من سلامة التداول على السهم فى إطار المعلومات المتاحة، ومن ثم تضمن عدم تأثر المستثمرين بتكهنات هذا الطلب والذى تسبب فى عزوف المستثمرين عن السهم.
ولفت رئيس مجلس إدارة شركة الدولية للصناعات الطبية «إيكمي» إلى أن اعتبار الرقابة المالية الزيادة فى قيمة الأسهم السوقية المتواصلة غير المبررة انعكس بالسلب على قرار المستثمر الذى اعتقد وجود شبهة فى عملية التداول ومن ثم أوقف تعامله على السهم، خاصة أن الرقابة المالية نفسها طلبت عمل دراسة تقييمية للسهم لتعرف هل الارتفاع مبرر أم لا؟ ومن ثم يعد الإعلان حكمًا مسبقًا غير مسئول ولم يدرك صاحبه حجم عواقبه السيئة على السوق والسهم بصفة خاص. 
وقال إن المهلة التى حددتها الرقابة المالية لإعداد الدراسة لم تراع فترة الإجازات وانشغال مكاتب التقييم المعتمدة مما أدى إلى زيادة تكلفته إعداد الدراسات اللازمة، مؤكدا أن الإجراءات الفجائية والمتكررة تضر بالاستثمار فى البورصة خاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة فى بورصة النيل التى لا تتحمل التكلفة المالية المتكررة من جراء تنفيذ طلبات الرقابة بعكس الشركات الكبيرة فى السوق الرئيسية التى تعتبر قيمة دراسة القيمة العادلة لها مبالغ صغيرة مقارنة بحجم إنفاقها.
وأشار إلى أن قرار إعادة التقييم صدر لنحو أربع شركات منها شركة بلتون المدرجة فى السوق الرئيسية بعد أن ارتفع سهمها بنحو كبير بينما لم يرتفع سهم «إيكمي» إلا بمقدار جنيه، ما يشير إلى أن القرار ظالم فى التطبيق على شركات كلا السوقين، خاصة أن قيمة سهم إيكمى الأسمية تبلغ نحو ٥ جنيهات لكنه انتنقص بسبب أزمات البورصة.
وأردف فوزى قائلا: «عمل قيمة عادلة للشركة هو أمر جيد ويعد ترويجًا للسهم كما أن البورصة لا تسمح للشركات بإعدادها إلا بمبررات ومن ثم فإن البورصة لم تطلبها فى الأساس، فلماذا تفرضها الرقابة المالية وبأسلوب يؤثر بالسلب عليها؟». مؤكدا أن بلتون القابضة لن تتأثر سلبيا بإعداد القيمة العادلة ولو تمت يوميًا لكن الشركات الصغيرة فى بورصة النيل ستتأثر بارتفاع التكاليف.
من جانبه يرى ياسر عمارة، رئيس مجلس إدارة شركة إيجل للاستشارات المالية، وأحد رعاة بورصة النيل، أن مطالبة الرقابة المالية الشركات بتقديم تقييم لأسهمها فى الوقت الذى تحدده الهيئة يحدث نوعا من التناقض والتداخل مع عمل إدارة الإفصاح بالبورصة المخولة بمراقبة النقاط الجوهرية التى من شأنها التأثير على السهم، وبالتالى فإنه يعتبر تهميشًا واضحًا وتشكيكًا فى كفاءة عملها.
وأضاف فى تصريح خاص لـ«البوابة» أن بورصة النيل ذات طبيعة خاصة ومن المعروف عالميا أن أسعارها منخفضة وتتم عليها عمليات مضاربة حسب درجة الثقة فى سهم الشركة مما يتسبب فى الارتفاع أو الانخفاض، ومن ثم التعاقد مع مستشار مالى مستقل وإمكانية تكرار عملية التقييم قد يحملها أعباء مالية كبيرة قد تؤثر على قرار استمرارها فى السوق.
وتساءل عمارة عما ستفعله الرقابة المالية إذا كانت القيمة العادلة الجديدة أقل من القيمة الحالية للشركة؟ وهل ستعتبره الهيئة سعر الفتح للتداول على السهم؟ واصفا القانون فى مجمله بالجيد لكن لشركات السوق الرئيسية، وكان من المفترض الفصل بين السوق الرئيسية وسوق بورصة النيل.
وأوضح رئيس مجلس إدارة إيجل، أن اشتراطات القيمة العادلة ستكون قاسية على الشركات وتدفعها للتخلى عن حصصها الحاكمة والتخارج من السوق، خاصة مع وجود إجراءات قاسية للإفصاح تجاهلتها الهيئة عند إصدار قرارها.
ويعتقد عمر المغاورى، الرئيس التنفيذى لشركة FEB كابيتال للاستثمار، إحدى الشركات الراعية فى بورصة النيل، أن القانون الذى يتم إعداده بهدف السيطرة على شركة معينة دون النظر إلى آثاره السلبية على باقى الشركات سيكون مصيره الفشل مع مضاعفة مشاكل السوق.
وأضاف فى تصريح خاص لـ«البوابة» أن الشركات تعمل على جذب وقيد شركات فى بورصة النيل لزيادة فاعليتها، واصطدامها بقواعد جديدة قد يعرقل هذا الهدف، خاصة إذا كانت القواعد الحالية كافية لفرض رقابة فعالة على السوق من قبل إدارة الإفصاح بالبورصة سواء فى السوق الرئيسية أو بورصة النيل.
وأشار «المغاوري» إلى أن البورصة من سلطتها مطالبة الشركات بإبداء الأسباب الجوهرية حول الارتفاع والانخفاض، ويمكنها أن تحدد المتسبب عبر مراجعة العمليات المنفذة ومن ثم فمعاقبته وحده ستخفف الآثار السلبية من تطبيق قرار إعادة التقييم على الشركة ككل، رغم أنها قد لا يكون لها تدخل ومن ثم ستتحمل تكاليف مرتفعة تصل إلى ١٠٠ ألف جنيه فى التقييم الواحد ما سيؤثر على نفقاتها غير المحسوبة فى الميزانية، والتى قد تصل إلى ٥٠٠ ألف جنيه خلال عام، فى حالة تكرار الارتفاع أو الانخفاض، ما ستعرض نتائج أعمالها للخسارة وتمنع توزيعات الأسهم للمساهمين.
وطالب مغاور بتفعيل آليات البورصة فى مراقبة التداول وتغليظ العقوبات على المتلاعبين بشطب تكويده من البورصة عبر شركة السمسرة وسحب الرخصة من شركات السمسرة المتواطئة.