تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
شفت السجادة الحمراء اللي كانت مفروشة للرئيس وهو بيفتتح أحد المشروعات كانت عاملة ازاي وبكام .. سمعت الرئيس وهو بيحكي عن الأتوبيس اللي اتكلم مع ركابه في الإسكندرية هو ده معقول .. طيب لاحظت ترابيزة الفطار اللي جهزتها الأسرة البسيطة لإفطار الرئيس وكان فيها جبنة رومي وزيتون كالاماتا ومياه معدنية بقى عايزين يفهمونا ان دي مصاريف تقدر عليها عائلة غلبانة .. وخدت بالك من دعوة "صبح على مصر بجنيه" وكلام الرئيس عن احتياج البلد لـ"الفكة" الخاص بالرواتب والمدخرات الخاصة بالمصريين .
كانت هذه عينة بسيطة من موجات التعليق التي امتلأت بها ساحات النقاش الإليكترونية طوال الأيام الماضية حول أي تحرك أو جولة للرئيس عبدالفتاح السيسي ، الذي أشهد الله قبل قرائي أنني لم أكتب كلمة مجاملة في حقه يوماً من الأيام ، لكنني فقط لاحظت أمراً مهماً يجب الإشارة إليه يرتبط بروح الدعابة التي تصل إلى درجة السطحية بسبب الوقوف عند مظهر الفكرة لا جوهرها .
وما أعجب أن تخصص كل وقتك وأن تسخر كل طاقاتك للوقوف عتد أدق التفاصيل للتشكيك في قضية ما أو إثبات أن وجهة نظرك هي الحق وما دونها الباطل .
فحسب فهمي المتواضع لهذه الحالة أنها تمس صميم أزمة العقل المصري ، الذي أنتمي إليه قلباً وقالباً ، أنه بدلاً من التقاط الإشارات الإيجابية من خلال هذه والوقوف عند الرسالة المراد توصيلها بضرورة المشاركة في مسيرة البناء بدلاً من الاكتفاء بمتعة المشاهدة والانتظار في مقاعد المتفرجين .. فإننا نسخر كل إمكاناتنا العقلية و"الفيسبوكية" للتندر على موقف ما أو ممارسة رذيلة الاستظراف .
فبكل تأكيد يدرك السيسي أن "الفكة" لن تصنع اقتصاداً يعتمد عليه ويعلم أيضاً أن "صبح على مصر بجنيه" لن تصلح ما افسده الإهمال والفساد المتراكم والمتجذر .. لكن دعونا لا ننسى أن حلم مستشفى 57357 الصرح العملاق لعلاج سرطان الأطفال بالمجان بدأ بالتبرع بجنيه .. كما أن صندوق "تحيا مصر" قام بدور لمسه الجميع في المساهمة في تطوير العشوائيات فلماذا نستكثر على أنفسنا الحلم ونسبق بالحكم على انه من رابع المستحيلات تحقيقه .
وبصراحة أقولها ، ورزقي على الله ، أحنا فعلاَ كمصريين "شعب ليه العجب لا يرضيه بلح الشام ولا الصوم في رجب" .. وطبعا ساعد الانتشال المذهل لوسائل التواصل الاجتماعي على تنمية حواس السخرية والاستهزاء التي تصل أحياناً إلى حد التسفيه مما يفعله الآخرون الذين ربما يخالفوننا في معتقدات دينية أو سياسية أو حتى ترفيهية حتى وصل الأمر إلى الحاكم نفسه .
وقبل أن يسارع أحد لاتهامي بالانتماء لليمين أو الشمال أو الأمام أو الخلف سأقولها بكل جرأة : أن مسلسل السخرية التي تصل إلى حد التسفيه هذه بدأت كأداة لانتقاد سلوكيات والتندر على تصرفات الرئيس الأسبق محمد مرسي على مرأى ومسمع من جميع المسئولين ويكفي أن نتذكر "برنامج باسم يوسف" الذي كان يقوم بالأساس على الاستهزاء والتسفيه بكل تصرفات الرئيس آنذاك .
أعلم أن كلامي هذا سيثير موجة من الهجوم ، وربما لا يلتفت إليه أحد ، لكن أقولها والرزق على الله : لماذا لا نبدأ عهداً جديداً يقوم على استخدام تقنيات الاتصال الحديثة لإنتاج إعلام تنموي قائم على حشد طاقات وإمكانات أبناء هذا الشعب للمشاركة الإيجابية والالتفاف حول الوطن ، ولا أقول الرئيس ، فإذا كان ما يقوله الحاكم يدفعنا إلى سلوك نافع ومفيد فأهلاً وسهلاً وإذا رأينا فيه عكس ذلك فلنا مطلق الحرية للتعليق عليه مع الوضع في الحسبان المضمون المراد توصيله من الرسالة .. فلماذا لا نضع في إدراكنا أن حديث الرئيس موجه للقادرين على أن يدفعوا ولو جنيه لصالح البلد .. ولو أن ظروفي لا تسمح أو حتى "نفسيتي مش مسامحة" فلن يجبرني أحد على فعل ذلك .
وقبل كل هذا لماذا لا نضع في اعتبارنا أن الرئيس يريد أن يعودنا على أسلوب حياة يتناسب مع طبيعة المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد عبر توصيل مفهوم غاية في الضرورة أنك "أن تضيء شمعة خير من أن تلعن الظلام" .. ولم لا وقد أرشدنا رب العزة سبحانه وتعالى إلى هذا المنهج حين قال عز وجل : ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ﴾ وهو القائل في محكم تنزيله : ﴿ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ فإن كان الله جل جلاله قد هدانا إلى هذا فلماذا لا نهتدي بهديه ؟.