السبت 05 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

وثيقة واشنطن: تراني اتخضيت

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى الرابع عشر من سبتمبر، طالعتنا العديد من المواقع الإلكترونية والصحف، بأن مجموعة من المعارضين المصريين المقيمين خارج البلاد قد أنهوا ورشة عمل تحت مسمى «ملتقى الحوار الوطني» عقدت خلال الفترة من ٢ إلى ٤ سبتمبر الجاري. وأنه منذ هذا التاريخ، فقد تم تشكيل لجنة تولت صياغة ما أطلقوا عليه وتعارف عليه إعلاميًا بـ«وثيقة واشنطن»، والتى تضمنت عشرة مبادئ يرون أنها يمكن أن تفى بالغرض لكى تتجمع حولها القوى الوطنية الراغبة فى الانتصار لثورة ٢٥ يناير كما يرونها هم.
لماذا الوثيقة الآن؟، توقيت صدورها يعد توقيتًا مثاليًا للهجوم على النظام المصرى وتشويهه، للاعتبارات التالية:
فهى من ناحية، تأتى قبل زيارة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى لنيويورك للمشاركة فى الدورة الـ٧١ لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهى المشاركة التى تكتسب أهميتها كون مصر أصبحت عضوًا فى مجلس الأمن على المستوى الرئاسي، كما أن مصر معنية كثيرًا بعنوان الدورة «قمة الأمم المتحدة للاجئين والمهاجرين» وهو العنوان الذى من المتوقع أن تطرح مصر من خلاله رؤيتها للعديد من الملفات الإقليمية وأهمية التوصل لتسويات حقيقية حفاظًا على حقوق اللاجئين، خاصة أن مصر قد استقبلت ٥ ملايين منهم تقريبًا على مدار الخمس السنوات السابقة. كذلك سيشارك السيد الرئيس فى قمة مجلس الأمن، والتى ستهتم باستعراض الأوضاع الإقليمية خاصة فى ليبيا وسوريا، ومن المتوقع أن توضح كلمة السيد الرئيس ثوابت الأمن القومى المصرى والعربى فى أهمية النظر لكل الإشكاليات التى نتجت عن الفوضى الخلاقة، وأهمية الحفاظ على وحدة أراضى سوريا وليبيا والعراق واليمن، كما من المؤكد أن مصر ستعيد طرح أهمية التوصل لحل دائم وشامل وعادل لمأساة الشعب الفلسطينى بما يضمن ويكفل حقوقه.
ومن ناحية أخرى، تأتى بالتزامن مع ما ترد فى الداخل عن نية المرشد محمد بديع التقدم بمبادرة للتصالح غير مشروطة مع الدولة، وهو الأمر الذى تنتفى معه كل المبررات، فمن غير المتصور أن الشعب الذى قدم كل هذه الدماء نتيجة مقولات منصة رابعة مثل: «هنحرق مصر»، «كل الدم اللى فى سيناء سيتوقف متى عادت الشرعية».
وهى من ناحية ثالثة، تأتى بالتزامن مع ما طرحه العالم د. مصطفى حجى أيضًا من أمريكا تحت مسمى «نحن البديل»، والتى تضمنت الدعوة لتوحيد صفوف المعارضة والتكتل وتشكيل ما يسمى بالفريق الرئاسى لكى يخوض انتخابات الرئاسة ٢٠١٨، على أن يدعم هذا الفريق مرشحًا سيتم الإعلان عنه والكشف عن اسمه لاحقًا. وبالمناسبة لكى لا يتكرر السؤال حول ترشح حجى وترأسه لهذا الفريق، والذى طرحه العديد من الزملاء الإعلاميين والصحفيين عبر منابرهم المختلفة، فنحيلهم إلى الدستور المصرى الذى نص على حرمان الترشح لمنصب الرئيس لمزدوجى الجنسية.
الأمر واضح، ويتعلق باستمرار إثارة القلق والضغط على النظام المصرى ودولة ٣ يوليو، وإلا فلماذا هذا التزامن المريب؟.
ماذا تريد الوثيقة أن تقول؟، تضمنت الوثيقة العديد من الرسائل، نوجزها ونرد فيما يلى: 
الرسالة الأهم للوثيقة هى التأكيد على وجهة نظر التنظيم الإرهابى من أن مصر لم تعرف إلا ثورة ٢٥ يناير، وهم بالتالى قد ذهبوا إلى مساحات أبعد وفصلوا أنفسهم عن الذين يمسكون بالعصا من المنتصف والذين صدعوا رءوسنا بأن ٢٥ يناير هى الثورة وأن ٣٠ يونيو هى موجة لها أو هى تصحيح لمسارها، هؤلاء لا يرون ٣٠ يونيو ومصرون على أنها عدم أو كما يعتقدون فوتوشوب، بل والمطالبة بمحاكمة كل من استغل ٣٠ يونيو فى الانقلاب على ٢٥ يناير. 
الرسالة الثانية، هى مهاجمة المؤسسة العسكرية، والتأكيد على أهمية أن تبتعد عن التدخل فى الشأن السياسي، وعودة الجيش لثكناته، والابتعاد عن الحياة الاقتصادية.
الرسالة الثالثة، استمرار الانفصال عن الواقع والادعاء بوجود معتقلين سياسيين وسجناء رأى ومتهمين فى قضايا مقاومة مشروعة، على أن يتم وضع استراتيجية للعدالة الانتقالية الشاملة لكل الشهداء والمصابين والمتضررين، بما يمكنهم من نيل حقوقهم وجبر ضررهم، ويشمل ذلك ما قبل ٢٥ يناير وما بعدها، وكذلك محاكمة كل من تورط فى الدم قبل أحداث الثورة المصرية وما بعدها وحتى الآن.
الرسالة الرابعة، حلمهم الدائم فى إعادة هيكلة جناحى حكم القانون (الشرطة والقضاء)، بما يؤسس لمنظومة قضائية وأمنية تحقق العدل والأمن للمواطنين، وتلتزم بالقوانين والمواثيق والأعراف الدولية.
الرسالة الخامسة، مجموعة من الكلام المتضارب والمتناقض حول مفاهيم السيادة، والسلطة، والشرعية، والهوية، وفصل الدين عن السياسة، والدولة المدنية، واللامركزية.
حقيقة، هذه الرؤية تعبر بصورة جامعة مانعة عن رؤية هذا التنظيم الإرهابى لكل ما حدث فى مصر منذ ٢٠١١ وحتى الآن، وهى رؤية كما أشرت لا تعبر إلا عن الانفصال عن الواقع والغيبوبة التى يعيشون فيها. إنها رؤية ترفض أن يعترفوا بكل ما ارتكبوه من جرائم فكرية وجنائية وإرهابية بحق المواطن وحق الوطن. إنها رؤية لا ترى ومصرة أن تغلق عقلها وحواسها عن كل ما تم تحقيقه على الأرض المصرية الواقعية من إنجازات ومن توجهات لمعالجة مشاكل العشوائيات ومحاربة الفساد وإقامة المشروعات الكبرى التى تخدم أغراض مصر المستقبل من عملية التنمية المستدامة. إنها رؤيتهم الدائمة للمظلومية والتى يبنونها على خلفية اضطهاد المؤسسة العسكرية والشرطة والقضاء وانحيازهم ضدهم، ويتغافلون أن القضاء بكل جلال وشموخ مؤسسته توجه له سهام النقد من أنه متباطئ بل وكثيرًا ما يصدر أحكامًا تمثل إحباطًا للرأى العام، ولكننا نحترم أحكامه لأننا دولة مؤسسات لا تداخل بين سلطاتها فى ضوء الفصل الذى نص عليه الدستور، ويتعامون عن الدور الوطنى للقوات المسلحة فى مساعدة القطاع المدنى على التخلص من أعباء الروتين وعمليات الفساد التى ضربت قطاعاته العامة والخاصة، وينسون أن القوات المسلحة هى تلك المؤسسة التى بها رجال من ذهب كما ورد على لسان مشروعهم د. مرسي، أما الشرطة فلابد من كسرها فهى ذراع الدولة لحماية الأمن الداخلى، ولن ننسى مقولة أحدكم: «زى ما كسرناها فى ٢٥ يناير قادرين نكسرها تاني». 
هذه هى رؤيتهم، والتى صرفت عنهم أتباعهم، وتبرأت منهم كما فعلت مع مبادرة د. عصام حجى ودخلوا فى تلاسن متبادل، وقسمت بين فصائلهم الإرهابية وهم يطالبون بالدولة المدنية وبفصل الدين عن السياسة وفرقت بين قلوبهم، وتبريراتهم أن الشرعية التى يقصدونها هى شرعية استكمال د. مرسى للحكم، وأن يكون ذلك بالاحتكام للشعب. ألم أقل لكم إنهم لم يروا ٣٠ يونيو ولم يروا بقاء المصريين فى الشوارع حتى بيان ٣ يوليو ولا فى ٢٧ يوليو للتفويض لمكافحة إرهابكم، ولم يفهموا رسالة تمويل الشعب المصرى لمشروع حفر قناة السويس، هم لم ولن ولا يفهمون إلا ما أصبح عقدة أبدية فى عقولهم يتبادلون حولها الحوار والأدوار بلا طائل إلا إعاقة مشروعكم التنموى فى مصر جديدة تليق بكم. هل يجوز لى أن أقول ترانى اتخضيت؟. كلا، فيقينى بالله كبير، وبقدرته على حفظ بلادنا، ويقينى ورهانى أن المصريين بما وهبهم الله من بصيرة لقادرين على فهم وفضح ما تخططون له، عليا الطلاق أنا ما اتخضيت.