الثلاثاء 01 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الصورة الذهنية للرئيس: إعادة التوجيه والثبات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
للصورة الذهنية أصولها العلمية والتقنية التى تحدد توجهات الرأى العام، وتعنى بأبسط مفهوم لها، ترسيخ واقع الصورة الإعلامية لشخص أو مؤسسة ما فى ذهن المتلقى من الجمهور العام. وتعمل على تهيئة ذهن المتلقى لاستدعائها فى وقت معين، بحيث تكون ماثلة أمامه وتتحكم فى إدراكه ومن ثم ردود أفعاله وسلوكه. وهى بذلك، تستهدف بشكل مباشر ذهن المتلقى الذى يحمل الكثير من التصورات عن العالم المحيط به بمكوناته وصراعاته المختلفة. وهي، قد تكون مصنعة عبر الاستخدام المكثف لأدوات الإعلام والإعلان عبر مكاتب العلاقات العامة، وقد تكون أيضًا طبيعية كنتيجة لعملية معرفية نفسية نسبية ذات أصول ثقافية مستمدة من الخبرات التاريخية وتقاليد وقيم المجتمع.
بعد أقل من شهرين على وصول أول رئيس مدنى منتخب على درجة جاسوس والتابع لمكتب إرشاد التنظيم الإرهابى لحكم مصر، بدأت الشوارع تكتظ بالمتظاهرين، الذين اكتشفوا زيف الصورة الذهنية المظلومية التى قدمها هذا التيار عن نفسه، وكلما تمادى هذا التيار فى غيه، تزايدت أعداد المتظاهرين فى الشارع. ازدادت معاناة المصريين، وكانت كل المؤشرات تدل على أن لحظة الانفجار قادمة لا محالة. لماذا؟ لأن الصورة الذهنية التى نجح التنظيم الإرهابى فى تصنيعها وتصديرها للرأى العام عبر مساعدات لمخابرات أجنبية ودول وولايات وجزر معادية، لم تتطابق مع التوجهات الحاكمة للرأى العام وإتجاهاته، التى تميل للحفاظ على هوية معتدلة للدولة بعيدة عن العنف والتشدد.
ومن ثم، لم يكن بيان ٣ يوليو إيذانا بانتهاء نظام وتنظيم حاول أن يسرق مصر فقط، ولكنه كان إيذانا بمتغير مهم فى المسار السياسى المصري. شهدت هذه الليلة مولد قائد صورته تتطابق مع ما فى أذهان المصريين بصورة طبيعية، صورة لقائد تم استدعاؤها من العقل الباطن للمصريين إلى أرض الواقع. قائد قدم نفسه متحدثًا باسم المصريين، مرتديًا الزى العسكرى الذى يثق فيه المصريون منذ قديم الزمن ثقة عمياء وبلا حدود لأنه «جيش الشعب». حسمها القائد فى تلك الليلة، واستجاب للمطالب الشعبية، استرجع الشعب سريعا صورة الكرامة والعزة الوطنية، استعاد الشعب الشعور بالأمان، لم ير الشعب فى الرجل طمعا فى منصب أو رغبة فى سيطرة، بل رأى آليات محددة لتشكيل نظام الحكم الديمقراطى الذى يراعى أبعاد وطموحات الشعب فى العيش تحت مظلة من الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، فكان التلاحم سريعا بين الشعب والصورة الذهنية لمن سيقوده فى المستقبل. 
وفى كلمة له فى ٢٤ يوليو، وجه الدعوة للشعب للنزول لمنح الجيش والشرطة التفويض اللازم لمواجهة الإرهاب وما يهدد أمن وسلامة الوطن، وكان الشعب على موعد مع ٢٦ يوليو، هذا اليوم الذى شهد نزولاً لملايين المصريين إلى الشوارع مرة أخرى لكى يمنحوا الجيش والشرطة التفويض اللازم لمواجهة الإرهاب والعنف المحتمل. مؤكدين أن الخروج العظيم للشعب فى ٣٠ يونيو ومظاهراتهم المليونية احتفالًا بتلبية الجيش وقادته لمطالبهم فى ٣ يوليو، لم تكن مشهدًا عفويًا. وهنا، يمكن القول بأن الصورة الذهنية للقائد فى أعين شعبه قد اكتملت. 
منذ هذا اليوم، تأكد أن الفريق أول عبدالفتاح السيسى – رتبته آنذاك – لم يعد فقط وزيرا للدفاع والقائد العام للقوات المسلحة المصرية، ولكنه أصبح قائدا وزعيما طالما انتظره المصريون.
وتكمن قوة «الصورة الذهنية» للسيسى كزعيم وقائد للمصريين فى الظرف التاريخى الذى استدعاه، فالرجل جاء ليخلص عموم المصريين الذين نزلوا فى ٣٠ يونيو و٣ يوليو و٢٦ يوليو من نظام عصف بأمنهم واستقرارهم على مدار عامين ونصف العام، وتحمل مسئولية مواجهة العالم بمطالب المصريين، والرجل فى فئة عمرية أكثر شباباً وحيوية من رجال دولة عفا عليهم الزمن، والرجل يمتلك خطاباً هادئاً دقيق الكلمات ويحمل رسائل تعبر عما يشعر به المواطن المصرى البسيط ويخاطب الفئات الأكثر معاناة فى هذا المجتمع، والرجل قادم من قلب المؤسسة الوطنية التى طالما حمت مصر على مر العصور، الرجل عبر فى أكثر من مناسبة عن رؤيته لمصر بأنها ستكون «قد الدنيا» وقرن ذلك بحتمية العمل وقيمته كأحد أهم القيم الغائبة عن مجتمعنا، والرجل تعهد فى أكثر من مناسبة بإعادة الأمن والاستقرار أهم قيمتين لدى المصريين مرة أخرى ويبذل فى سبيل ذلك هو ورجاله كل الوقت والجهد والدم، الرجل فى كل المناسبات التى ظهر فيها قدم نفسه فى صورة بسيطة حانية باعتباره ابناً وأخًا وأبًا لكل المصريين. هذه الصورة الذهنية لم يسع السيسى لتشكيلها، غير أن الشعب المصرى قام باستدعائها له وجلبه بشخصه إلى أرض الواقع مخلصا له من الكثير من الإشكاليات، ومحتميا به من تنظيمات ودول تكيد له.
للأسف، فإن هذه الصورة الذهنية للقائد، قد تزايد الخوف منها منذ تلك اللحظة، وتعاظم بعد أن أصبح رئيسًا، هل يمكن السماح بـ«عبدالناصر» مرة أخرى؟، هل يمكن السماح بتحطيم المخطط الاستراتيجى لضمان مصالح الولايات المتحدة ومن ضمنها حماية أمن واستقرار «إسرائيل»؟. من هنا، باتت قوى رئيسية نشير لها دائمًا بـ«قوى الشر» - دول وأجهزة مخابرات أجنبية وعربية وإقليمية، وحركات وأشخاص محليون مغرضون فى هواهم، وتنظيم دولى كان يتحكم فى التنظيم الإرهابى الأكبر فى تاريخ البشرية - متفرغة لتشويه الرجل ولتشويه المؤسسة العسكرية، وذلك باحترافية شديدة. 
مرة أخرى، يلعبون فى المزاج العام من خلال إثارة الشارع على قضايا حياتية ومعيشية هى صعبة لا شك فى ذلك، وتؤثر علينا جميعًا، خاصة عندما تتمحور حول ارتفاع الأسعار، وسوء مستوى الخدمات فى بعض قطاعات الدولة، ودرجات الفساد العالية فى مؤسسات وأجهزة مختلفة، واختلاق لوقائع لا وجود لها فى كافة المساحات السابقة. وذلك من خلال عمليات نفسية معقدة لإعادة توجيه الرأى العام واستثارته للنزول للشارع، معتمدين على منظومة ممنهجة للشائعات والدعاية المضادة والتكرار والملاحقة لكل ذلك، عبر مواقع التواصل الاجتماعى والمواقع الإلكترونية مجهولة المصدر وغير الموثقة، ويتزامن مع كل ذلك الخلق المستمر للأزمات من أجل خنق المواطن وتخويفه على مستقبله. 
يبقى الرهان الدائم للمتابعين والذى دائمًا ما يشير له السيد الرئيس فى إفشال ما يخططون له، قائمًا ومعتمدًا على تماسك المصريين وعلى درجة وعيهم المتزايد بالشر الذى يخطط لهم، وعلى دور القطاع القائد للرأى العام فى شرح المخطط وأدواته، الظهير الشعبى الذى هو عبارة عن كل مصرى هو حائط الصد الذى سيفشل مخططاتهم التى تعتمد على تسخين الشارع وتحريكه للنزول فى تظاهرات يستغلونها أسوأ استغلال. من هنا، لا يجب علينا الانسياق وراء نشر وتداول أى منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، قد يكون الغرض منها قياس مدى القدرة على التحكم وإدارة توجهات المصريين بناء على معلومات مغلوطة لا أساس لها من الصحة، كالتحذير الذى انتشر على مدار العشرة أيام الأخيرة بشأن الخصوصية على موقع الفيسبوك، دون أى سند أو معلومة حقيقية.
أيها المصريون، أنتم الأمل وأنتم السند وأنتم الظهير الحقيقى لدولة ٣ يوليو وللقوات المسلحة وللسيد الرئيس، احموا أنفسكم، تريثوا قبل نشر أخبار مغلوطة، تحققوا فيما يستهدفونكم به من شائعات عبر البحث والتدقيق، انتظروا أن تستعيد الدولة عافيتها الإعلامية لكى توصل لكم الحقيقة التى يحجبها عنكم قطاع كبير من الإعلام المغرض، لكى تعلموا كم الإنجازات التى تحققت. اصبروا وتفرغوا للعمل وثقوا فى قيادتكم، فأنتم مستهدفون بأقصى أدوات وآليات حروب الجيل الرابع، التى تم تفعيلها مجتمعة للقضاء على حلمكم، لا تسمحوا لهم أن يشوهوا الصورة الذهنية للرئيس ولقواتكم المسلحة التى هى حتمًا تتوافق مع هويتكم وتقاليدكم وقيمكم. هكذا كان عهد مصر بكم فى أوقات الشدة، ودائمًا أبدًا تحيا مصر وهوانا مصري.