الأحد 06 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تليفزيون البوابة

بالفيديو.. دراويش الإمام أبوالحسن الشاذلي يستعدون لـ"الحج الأصغر"

دراويش الإمام أبو
دراويش الإمام أبو الحسن الشاذلي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"يا ساكن حميثرة.. فوقك قبة منورة.. أروي العطاشى يا شاذلي.. بكأسات معطرة"، "شاذلي يا أبوالحسن.. ادعيني وأزورك سنوي.. وأتملى بنورك سنوي.. شاذلي يا أبوالحسن"، بهذه الكلمات المأثورة يدخل ذوار مولد القطب الصوفي أبوالحسن الشاذلي، حيث يؤدون مناسك تشمل الطواف حول الضريح فيما يعتبرونه "الحج الأصغر".
مزيج الناس وخيم الباعة في مولد أبا الحسن ترفع الرايات الخضراء، اللون الأخضر يرفعه بعض الصوفية كناية عن شرف الانتساب لأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، مع المزاوجة ترفع رايات آل سعود رعاة السلفية في المنطقة.
فعلى بعد 150 كيلو من مدينة مرسى علم، يوجد هناك وادي حميثرة حيث يقع بداخله قرية صغيرة جدا تسمى أبوالحسن الشاذلي سميت على اسم أحد أقطاب الصوفية، والذي وافته المنية في ذلك الوادي عند مروره به إلى ميناء عيذاب التي تقع جنوب البحر الأحمر، للذهاب لقضاء فرائض الحج، حيث يتوافد الآلاف من المنتمين للطرق الصوفية الشاذلية من كل بقاع الأرض بمشاركة أهالي محافظة البحر الأحمر ومحافظات وسط الصعيد المجاورة، لحضور مولد القطب الصوفي سيدي أبوالحسن الشاذلي، بالقرب من ضريحه ومسجده.
"شاذلي يا أبوالحسن" هذا هو النداء الذي يردده الجميع، خاصة الطوائف والطرق الصوفية التي تخرج من ساحاتها المبنية قريبًا من المقام، تحمل البيارق بين غناء القصائد وترديد الابتهالات، تخرج كلها بعد صلاة العصر، فيما يسمى بالدورة، وتتجمع حول المقام، القائم بسرة الوادي، حيث تلتف كل جماعة وتؤدي أذكارها توقيعًا وغناءً ورقصًا بالبيارق، كما تشارك النساء أيضًا في الاحتفال، فبعض السيدات تضع طبقًا به حناء فوق رأس واحدة منهن، وتذهب به نحو المقام معها إحدى العرائس وتشبه ليلة الدخلة، فيتم الغناء على الدف والطبلة مرددين "شاذلي يا أبوالحسن".
افترش الباعة الجائلون الطريق الترابي بطول الوادي، يبيعون كل شيء من السبح إلى البطاطين إلى الحلوى والحمص ولعب الأطفال، وصور الشاذلي ومشايخ الصوفية، لتتحول المنطقة إلى سوق كبيرة.
ويعد أبوالحسن الشاذلي من أشهر من وفد إلى مصر من صوفية المغرب العربي في القرن السابع، حيث تعلم على يد شيخه عبدالسلام بن مشبش في المغرب، ثم أراد أن يستزيد من العلم فرحل إلى تونس وفيها بدأ الدراسة العلمية وسلك طريق التصوف إلى أن أذن له شيخه وأستاذه عبدالسلام بن مشبشفى أن يرشد غيره فاتجه إلى شاذلة، وهى قرية في تونس ومنها وفد إلى مصر التي أحسنت استقباله وأحرز فيها درجة في المقامات والأحوال واعتبر من أهم أقطاب الصوفية في مصر.
وفى طريقه إلى الحج مع مريديه توفي الشاذلي ودفن في وادي حميثرة بالبحر الأحمر ومن يومها أصبح ضريحه مزارًا وملجأ للمتصوفة والباحثين عن الهدوء والتأمل.
يتكرر المشهد في جميع القرى، سيارات نقل وعشرات من الأسر، رجال ونساء وأطفال يفترشون سطحها ومعهم هديهم وطعامهم ويعلو كابينة القيادة مكبر صوت يردد التواشيح والأغاني الدينية في شكل مهرجان ديني كبير وتدق الطبول والمزامير لتهون مشقة الطريق إلى "صحراء عيزاب" عن طريق إدفو أو القصير أو قنا فكل الطرق تؤدي إلى حميثرة.
وبمجرد وصولك للمولد تجد الساحات تنتشر حول الضريح، ساحة الحاجة زكية، والساحة الأحمدية، وساحة الأشراف، وساحة السادة الرفاعية، والمرغنية، وأولاد الشيخ عبدالسلام، والسلمانية، والبرهامية الشاذلية، حيث تبدأ الطقوس بالطواف حول المقام ثم الابتهال بالأدعية، وقراءة القرآن الكريم، وبإنشاد النشيد الموحد للجميع" شاذلى يا أبوالحسن"، كما تعقد حلقة ذكر بجوار المقام ويحمل جميع الموجودين بالساحة الرفاعية السيوف والعصى للرقص بطريقة الحجل ويتنافس الشيوخ والشباب والأطفال لإظهار المهارات والقدرة على الصبر والتحمل.
ويتخذ الذين لا تساعدهم ظروفهم على الحج إلى مكة المكرمة في نفس أيام الحج الأعظم، الرحال إلى ضريح الشاذلي ليقفوا على جبل حميثرة متجهين بقلوبهم إلى عرفات الله، ويقضون العيد في رحاب ساحة الشيخ العابد.
وفى رحلتهم إلى الحج الأصغر- على حد وصفهم- رصدت "البوابة" احتفالات مريدي المولد الذي يبدأ عادة برحلة الصعود لجبل حميثرة، ثم زيارة الضريح وإقامة الاحتفالات في الساحات المحيطة وينتهى مع تكبيرات صلاة عيد الأضحى المبارك، بعد صعود المحبين للجبل يتجهون إلى الضريح، وبعد خروجهم منه يرددون "لبيك اللهم لبيك".
وإمعانًا في الظواهر البدعية لا يبدو غريبًا وقوع خلافات بين رواد المولد فيما يتعلق بسلوك فولكلوري مصري، حين يصر بعض زوار المولد على مناداته بالحج سواء في حميثرة أو بعد عودته لمحل إقامته باعتباره أدى مناسك الحج الأصغر، لا سيما أن هناك إصرارًا بين عدد لا بأس به من الرواد على تكرار نفس مناسك الحج والطواف أمام قبر الشاذلي.
وبعيدًا عن هذه المظاهر الوثنية والمخالفة لما هو معلوم من الدين بالضرورة؛ فإن هذا المولد شهد تراجعًا ملحوظًا في عدد مريديه منذ العام الماضى بعد أن كان يزوره مليوني زائر إلى أقل من 250 ألفًا بفعل الاضطرابات الأمنية التي سادت مصر بعد الثورة وتدهور الوضع الاقتصادي، كذلك تتطلب المشاركة فيه نذورًا وهدايا أصبحت تفوق طاقة المواطنين المصريين، وهو ما امتد للرواد العرب القادمين في المغرب والذين لم يتجاوز حضورهم العشرات هذا العام بعد أن كانت أعدادهم تقترب من الألفين خلال الأعوام الماضية.
فيما نفى عدد من الصوفيين اعتبارهم مولد أبوالحسن الشاذلى حجًا أصغر، مشيرين إلى أن الهدف من وقوفهم على جبل "الحميثرة" هو إقامة مولد سيدى أبوالحسن الشاذلي، وليس لإقامة شعائر الحج الأصغر أو التعبد كما ردد البعض، داعيًا الذين يهاجمون الصوفيين، إلى حضور المولد لكي يروا الحقيقة.
على الجانب الآخر أعلن اللواء أحمد عبدالله، محافظ البحر الأحمر، حالة الطوارئ القصوى بجميع القطاعات الخدمية لمدينة مرسى علم وإلغاء الإجازات للاحتفال بالليلة الختامية لمولد "العارف بالله سيدى أبوالحسن الشاذلى".
وتم تخصيص دوريات أمنية ومرورية على الطريق من مرسى علم وحتى قرية الشيخ الشاذلي مرورًا بسيدى سالم؛ لتأمين زوار الشيخ وتأمين الطريق مع تواجد سيارات الإسعاف بشكل مكثف، بالإضافة لدعم الوحدة الصحية بالقرية بأطباء من مديرية الصحة في كل التخصصات وتوفير الأدوية اللازمة، ونقل عشرات الأطنان من مياه الشرب إلى الساحات المنتشرة بجوار ضريح الشيخ.
من جانبها أعلنت مديرية الصحة، حالة الطوارئ بالمدينة، وتم الدفع بعدد كبير من سيارات الإسعاف والأطباء وأطقم التمريض، كما تم تعزيز الخدمات الأمنية بالمدينة والدفع بعدد من سيارات الإطفاء لمواجهة أي ظروف طارئة.
وأكد اللواء محمد الحمزاوى، مدير أمن البحر الأحمر، استمرار الخدمات الأمنية المدعمة حتى انتهاء الاحتفالات مع تكبيرات عيد الأضحى المبارك.