الأربعاء 27 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

السيناريو الأسوأ في اليمن بالانتظار

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى إبريل من هذا العام نشر كاتب هذه السطور دراسة مطولة حول أزمة اليمن وسيناريوهات تطور أحداثها، ورغم أننى لا أحبذ فى الغالب أن يعود الكاتب إلى ما كتب فى السابق، فإننى أستأذن القارئ وأستشهد ببضعة أسطر تشى عن محاولة قراءة أحداث اليمن على حقيقتها، فقد كان العنوان الفرعى لما نشر «السيناريو الأسوأ» يقول: «سوف يقع اليمن فى مأزق يعرف منهجيًا بالصراع منخفض الكثافة، ويصبح اليمن «دولة منسية وفاشلة» تنهش فى أجزائها المختلفة الصراع على السلطة، وتتوزع القوة بين «أمراء حرب» بأسماء قبلية أو فئوية أو مناطقية مختلفة ومتناقضة، وقد يُجير استقلال اليمن لهذه القوة الإقليمية أو تلك». تطورات اليمن الأخيرة وصلت إلى السيناريو الأسوأ، وعلى رغم كل الجهود الدبلوماسية العربية التى صرفت فيها طاقات رجال كثيرين، أملًا فى إنقاذ ما تبقى من الدولة فى اليمن فى الأشهر الأخيرة، فإنها سارت إلى طريق مسدود.
الآن علينا أن نسلم بواقع الأمر، وهو ببساطة يرتكز على حقيقتين؛ الأولى أن الدولة العميقة فى اليمن، التى رعاها صالح لفترة تزيد على ثلاثة عقود، قد قررت أن تقوم بثورة مضادة، بعد رفض الشعب لكل ما يمثل صالح من حكم، والثانية أن الطريقة التى تم بها إجهاض الثورة الشعبية هى فى تمكين فصيل مسلح له ارتباطات خارجية للقيام بالعمل الشائن «الاستيلاء بالقوة على مؤسسات الدولة». تلك الثنائية سلمت الأمر بطبيعة الحال فى اتخاذ القرار لمن يناصرها، وهى طهران، والقرار يتخذ اليوم فى صيرورة اليمن من «طهران» وليس الحوثى ولا حتى صالح، هم قوم تبع. وطهران لا يهمها الدم اليمنى أو وحدة اليمن، المهم لديها إشاعة أكبر قدر من عدم الاستقرار فى المنطقة! تلك هى المعادلة التى يجب فهمها، أما الباقى فهو تفاصيل!
محادثات الكويت اختلط فيها العمل السياسى من «حُسن النيات» من جهة، و«ضُغوط دولية» من جهة أخرى، إلا أن طهران لا تريد الوصول إلى توافق يمنى، وليس لديها مانع أو رادع من استنزاف العرب، وخصوصًا دول الخليج، فى حرب طويلة، إن كان ذلك يحقق لها أهدافها، وهى إضعاف المقاومة فى الضفة الغربية من الخليج، إن أمكن استعداء دول الغرب لما ينتج من آثار الصراع الجانبية فى وقوع ضحايا مدنيين! 
الإعلان «المتردد» عن إقامة مجلس سياسى لإدارة البلاد له صلاحيات سياسية وعسكرية وأمنية واقتصادية وإدارية واجتماعية واسعة، الذى يشكل من على صالح والحوثيين، يعنى حكم اليمن «بالتناوب» بين جماعة الثورة المضادة وفصيل مسلح تابع للخارج، ويفسر ما أشير إليه أعلاه «توزيع القوة بين أمراء حرب». بهذا الإعلان أحادى الجانب، يرى صالح - الحوثى أنهم هم «اليمن» فقط، بمعنى آخر أن طريق التشطير اليمنى لأكثر من كيان وضع على السكة الساخنة! ومهما مُددت فترة المفاوضات فى الكويت، فإن الأرجح أنها لن تخرج بشيء ملموس، فقراءة طهران لهذه الفترة من الزمن هى قراءة المنتصر فى الساحات المجاورة، وضعف فى المواقف الدولية، وانحسار للدخل الوطنى الخليجى، ولذلك فلن تألو جهدًا فى وضع العراقيل، من خلال حلفائها، أمام الوصول إلى أى نتيجة تفاوضية معقولة لصالح الشعب اليمنى.
فى المقابل تفتقد الحكومة الشرعية القدرة إلى المبادرة والمناورة، التى كان الحديث حول أهمية أن «تبلور» تلك المبادرة فى صلب اللقاءات فى الكويت على هامش المباحثات، بين ممثلين للسلطة والمهتمين فى الكويت بالشأن اليمنى، كما تنقص التحالف العربى قراءة استراتيجية موضوعية لما يحدث فى اليمن. تحالف على صالح - الحوثى يشكل أقلية فى اليمن، أما الأكثرية فهى إما معطلة أو صامتة، أو مأخوذة بشعارات مزيفة، لذلك فإن من الأهمية أن ترسم استراتيجية جديدة فى الشأن اليمنى، تشارك فيها الشرعية اليمنية والتحالف العربى، مع مشاركة وتمثيل واسعين من النخب اليمنية، وخصوصًا الشباب بشكل واضح وجلى. ترتكز تلك الاستراتيجية على عدد من المحاور:
أهمها الاعتماد على قوى الشعب اليمنى والسلاح واحد من الأدوات وليس كل الأدوات، فهناك أداة تفعيل ذكى وفعال للإعلام الذى نجح جزئيًا تحالف صالح - الحوثى بواسطة ماكينة حزب الله اللبنانى وأموال طهران، أن يبيع القضية للآخرين على أنها حرب استقلال جديدة، إيضاح أسباب الصراع وخلفياته لجموع الشعب اليمنى عملية أساسية لكسب العقول والقلوب، لافتًا إلى أن العالم يمكن أن ينسى اليمن، فوسائل إعلامه لم تلتفت إلى انهيار المحادثات فى الكويت أخيرًا، والإعلام العالمى كان مشغولًا بما يحدث فى تركيا وفى أوروبا وفى سوريا، ولا ذكر لليمن. ومحاولة القيام بتعبئة شاملة لكل القوى اليمنية الحديثة والتقليدية، والمهمة هى «إنقاذ اليمن» من الوقوع تحت «الاحتلال الإيرانى» من خلال مجموعة عملاء لهم مصالح ذاتية ومحدودة.
كذلك تحتاج هذه الاستراتيجية إلى التعويل على أوسع تشاور دبلوماسى عالمى، لشرح التدخل الإيرانى فى اليمن وآثاره الكارثية.
نقلًا عن الشرق الأوسط