كان الرئيس عبد الفتاح السيسى متمسكًا بحماسه ورغبته فى أن يتم مشروعه ويكمل إنجازه، وهو يتحدث إلينا فى احتفاله بالعيد الأول لقناة السويس الجديدة، كان يحارب الإحباط الذى يراه فى عيون كثيرين، واليأس الذى يكاد يفترس ملايين من محبيه الذين منحوه ثقتهم، وتمسكوا به منقذًا من مصير مجهول كاد يفتك بهم، كان يوجّه السفينة- من وجهة نظره- إلى الطريق الصحيح، فليس معقولًا أن نشكّك فى كل ما يقوم به، وبعد ذلك ننتظر منه إنجازًا على الأرض.
لقد منح الله عبد الفتاح السيسى كرامات أوليائه الصالحين، وهذا ليس تفخيمًا للرجل، بقدر ما هو إقرار بواقع رأيناه بأعيننا، لا ينكره إلا من ختم الله على عقله وقلبه وضميره، ولست هنا فى سياق حديث عما فعله منذ تولّيه مسئولية وزارة الدفاع فى أغسطس ٢٠١٢، فهذا حديث يطول، ومن صفات الأولياء الصبر والجلد والتجرّد واليقين بأنهم لا يفعلون شيئًا فى هذه الحياة إلا تنفيذًا لمشيئة الله، ولذلك فهو ينام مرتاح الضمير، لا يؤرّقه، ولا يزعج منامه شيء.
لكن الأولياء فى النهاية بشر، والولّى الذى ائتمنّاه على وطن تحيط به المخاطر من كل مكان، لا تقابله كل يوم إلا طاقات سلبية، كان وهو غارق فى الحديث عنها متألّما، فعندما تحدّث عن المشككين فى مشروعاته، قال إن هناك من يفعل هذا بقصد، ومن يفعله بغير قصد، وكأنّه للمرة الأخيرة يلتمس العذر لمن يحاولون إهالة التراب على ما يفعله.
الواقع يقول إن لدينا رئيسًا يمتلك الرغبة الكاملة ليس فى العمل فقط، ولكن فى تغيير وجه العالم، يواصل الليل بالنهار فى العمل، قد تختلف مع طريقة إدارته للأمور، قد تكون لديك ملاحظات واضحة ومحددة على الأداء العام، وقد ترفض عددًا كبيرًا من العاملين فى الحكومة، هؤلاء الذين لا يبادرون بشيء من عند أنفسهم، ويكتفون بالسير فى ركاب الرئيس، وقد تحتجّ على ملف الحريات وما يحدث فيه، وتنتظر معالجة أخرى له، لكن هذا كلّه لا يجعلك تنكر أو تتنكر لما يحدث على الأرض وهو كثير.
الطاقة السلبيّة التى تحيط بالرئيس من كل جانب تجعلنى أخاف عليه، فهو فى النهاية بشر، يبذل كل ما يستطيعه من جهد، ولا يجد فى المقابل من يريد أن يعينه على ما يفعله.
لم يكن السيسى يخاصم الواقع عندما قال إننا يمكن أن نجوع، سِخر البعض مما قاله، لكنه كان جادًا جدًا، فمشروعات عبد الفتاح السيسى لن تكتمل إلا إذا كان الشعب فى كتفه، يقوم بمسئولياته كاملة، إذ كيف نتطلع إلى مستقبل أفضل، ونحن لا نقوم بما علينا وبشكل كامل؟ هل ننتظر منه أن يعمل وحده؟
نتحدث عن الفساد، والفاسدون بيننا يعيشون بأمان دون أن نطاردهم ونكفّ أيديهم، ولا أريد أن أقول إذا أردنا أن ينتهى الفساد فعلينا أن نكفّ أيدينا نحن عن ممارسة الفساد، نهاجم الآخرين بأنهم لا يعملون، ولا نؤدّى نحن ما علينا، وكأننا أدمنّا دور المتفرج السلبى الذى لا يعجبه شيء، يهاجم كل ما يراه، وهو نفسه كسول وخامل، ولا ينجز شيئًا حقيقيًا فى حياته.
هذا الوطن ليس وطن عبد الفتاح السيسى وحده، بل وطننا جميعًا، وعليه فليس مطلوب منه وحده أن يعمل، وإذا كانت الأقدار قد قسمت له أن يعمل وحده، فلا أقلّ من أن نكفّ عن تكسير مجاديفه، فليس عادلًا أن نجلس على نواصى التواصل الاجتماعى نحاكمه كل صباح، ثم ننتظر منه أن يحتفظ بكل طاقته الإيجابية التى تمكنه من العمل والإنجاز.
أخشى على الرئيس أن يقف على حافّة اليأس والإحباط، ساعتها لن يكون ذلك فى صالح أحد على الإطلاق، فالسيسى نعمة الله التى يجب أن نصونها، وصيانة النعمة لا تكون أبدًا بتوجيه كل هذه الطاقة السلبية إليه كل صباح.